May 10, 2010 | Passage au crible (arabe), السياسة الرمزية, ﺍلصين
جان ريماسونJenna Rimasson
ترجمة وائل الزغلWael Alzaghal
Passage au crible n°21
افتتح الرئيس الصيني – هو جينتاو – في الثلاثين من نيسان –ابريل معرض شنغهاي العالمي والذي يمتد لغاية واحد و ثلاثين من تشرين الاول اوكتوبر, وياتي ذلك بعد تنظيم الصين لدورة الالعاب الاولومبية في اب اغسطس 2008 ما جذب انظار العالم اجمع الى جمهورية الصين الشعبية , و يستقبل الزوار الصينين و الاجانب طوال هذا الحدث ما يقارب ال 72000 متطوع و 100000 اخرين موزعين على انحاء المدينة , و يرفع في هذا الحدث اعلام 182 دولة و 57 منظمة عالمية ,وستكون كلفة هذا التنظيم الاعلى مقارنة بنظيراتها, حيث من المتوقع ان تصل ميزانيته الى 4,2 مليار مع امكانية الوصول الى 5 مليارات اذا اخذنا بعين الاعتبار تكاليف تنظيم المدينة.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
نظم اول معرض اكسبو عالمي في لندن عام 1851 بالتزامن مع الثورة الصناعية الهائلة وكان الهدف منه عرض الابتكارات التكنولوجية لمختلف الدول المشاركة، ثم قامت 31 دولة في العاصمة الفرنسية باريس بتوقيع على معاهدة، في الـ 22 من تشرين الثاني – نوفمبر – 1928، أثمر عنها إنشاء (المكتب الدولي للمعارض) الذي يهدف إلى تنظيم هذه الفعاليات. وكانت قد عدلت هذه لمعاهدة من خلال العديدة من البروتوكولات و العديد من التعديلات و الذي كان اخرها عام 1988 وقد بلغ عدد البلدان الموقعة على هذه المعاهدة157دولة مع غياب ملحوظ للولايات المتحدة .يعمل المكتب الدولي للمعارض – و الموجود في العاصمة باريس – على تعزيز الثقة و التعاونن بين ثقافات العالم وذلك من خلال نوعين من المعارض.المعارض الدولية (المتخصصة) أو بمعنى اخر المعارض الدولية المعترف بها.
تقدم المعارض العالمية (المعارض الدولية المسجلة) التي تجمع ممثلي الدول و المنظمات، وممثلي المجتمع المدني، المعروضات التي حضيت بفرصة التواجد في جو تنافسي ودي. خلافا لما كان يعرض في السابق من تفوق استعماري، وموضوع الحرب الباردة خاصة خلال العرض العالمي في بروكسل عام 1958 , حيث كان كل مشارك يقوم ببناء جناحه الخاص و هذا كله يكون تحت سقف بناء مركزي واحد يضم كل هذه الأجنحة. كما كان المشاركون يتنافسون أيضا من خلال تقديم أفضل عمل معماري ,و هذا ما يشبه إلى حدا ما رمزية برج ايفل في باريس (1900)او نصب الاتونيوم في بروكسل (1958)وبرج في سبيس بيدل في سياتل (1962)ويبوسفير في مونتريال (1967) .
الإطار النظري
1. القوة البنائية. يبتعد هذا المفهوم الذي اطلقته سوزان سترينج عن النفوذ النسبي الذي تتميز به المدرسة الواقعية. كما يقود إلى قدرة بعض المشاركين على صياغة (صناعة) السياسة العالمية , والذي يتضمن الهياكل الأمنية و كذلك الإنتاج و الدراسة والتمويل؛ وهي أهمها.في الحقيقة يقدم المشاركين رؤية لبعض منتجاتهم الوطنية التي تتطلب معرفة وخبرة مختصة تساهم فيها الأموال الخاصة والعامة؛ وهو ما يدلل على المبدأ الذي تبني فيه المعرفة السلطة.
2. القوة الناعمة. تتجاوز هذه القوة مسألة النفوذ والإقناع إلى مسألة الجذب الثقافي والعقائدي التي تختلف عن القوة التقليدية ذات الطابع العسكري والاقتصادي.
تحليل
تنشر الصين من خلال هذا العرض العالمي كل قدرا اتها , و ينعكس ذلك في جناحها و الذي يطل على حديقة المعرض بكاملها ويبلغ ارتفاعه 49 متر وبنفس الوقت منعت المشاركين الاخرين من الوصول الى هذا الارتفاع ,فمن خلال هذا العلو و التفاخر فان الصين تمارس نوع من انواع العنف الرمزي ضد الامم الاخرى و هي التي بقيت على هامش النظام العالمي لغاية عشرينات القرن الماضي ,وبعدها اصبحت الصين معملا يزود السوق العالمية ,فهذا البلد لم يعد يكتفي بالخضوع للعولمة بل انه اصبح واحد من مقاوليها الرئيسين ,هذا الطموح باعادة تشكيل النظام العالمي يستند قبل كل شيئ على نشر ثقافة القوة الناعمة؛ وهي قوة عرض عالمية لثقافة صينية غالبة. هكذا تظهر لنا العروض الفنية في هذا المعرض ذات مغزى. نتناول على سبيل المثال عروض الدفاع عن النفس ل(ودانغ) و (شاولن)و التي تستقطب جمهورا كبيرا ,خصوصا بعد النجاح الكبير الذي حققه فلم (النمر و التنين) ,بالاضافة الى عرض الشاي و عروض الدمى المتحركة و الظلال الطيبة (الموجه للفئة الشبابية) فهذا كله يقودنا الى المعنى المزدوج للإغراء و إثبات الذات .
السلطات الصينية تركز بشكل منهجي على خصوصياتها الثقافية بهدف تعزيز العلاقات مع الاخرين او بمعنى اوسع مجموعة البلدان الاسيوية و التي تحاول الصينن ان تكون الناطق باسمها جميعا .ولا بد من الاشارة الى ان شعار المعرض (هايبو)مستوحى من حرف صيني (رن والذي يعني رجل ) كذلك مثل شعار معرض شنغهاي 2010 و الذي يحمل الحرف الصيني (شي الذي يعني عالم) وبنفس الطريقة التي تنحي بها اللغة الانجليزية بعض اللغات بهدف فرض نفسها كلغة التواصل الأولى في المجال الاقتصادي، غير أن اللغة الصينية على العكس من ذلك تمثل المحور المرشح لمقاومة مد اللغة الإنجليزية وإمكان التفوق عليه.
اختارت الصين شعار (مدينة أفضل حياة أفضل)، وفقا لقوانين المكتب الدولي للمعارض والذي يلزم كل معرض عالمي على تبني موضوع (ثيمة)خاصة به. تظهر الصين خلال شعارها لاعبا أساسيا لديناميات الحضارة (التحضر و التنمية المستدامة و التضامن الدولي) و تؤكد المساعدة التي قدمتها الصين إلى الدول الافريقية لتمويل اشتراكهم و بذات الوقت الذي يتم فيه افتتاح المنتدى العالمي المتعلق بافريقيا والذي يعقد بدار السلام في تنزانيا على الطموح الصيني للهيمنة. كما يشير بناء أعلى ميزان حرارة في العالم (165)متر في حديقة المعرض مدي اهتمامها بقضايا البيئة بينما تحتل الصين المرتبة الأولى عالميا لانبعاثات الغازات الدفيئة. استفادت الصين أيضا من المعرض لترفع الادانة الدولية لانتهاكات حقوق الملكية الفكرية مطلقة في معرض شنغهاي حملة كبرى لمكافحة القرصنة و التزوير .
على الرغم من التقديرات الهائلة لتكلفة المعرض بحسب العديد من المراقبين لكن لا يجب علينا ان ننسى ان عوائده ستكون كبيرة وسوف يساعد على تسهيل المفاوضات و ابرام الصفقات التجارية الكبيرة ولاسيما مع قادة الدول العشرين الذين حضروا حفل الافتتاح كالرئيس الفرنسي نيكولا سركوزي والذي اجرى مفاوضات للحصول على محطة لمعالجة الوقود النووي.
رغم الازمة الاقتصادية الحالية فقد اصبحت الصين و بتاريخ 25 ابريل المساهم الثالث عالميا في البنك الدولي وقد اثبتت الصين قدرتها على الانخراط بالتغير الحاصل في الاقتصاد العالمي.
المراجع
Kita Julien, La Chine, nouvel acteur du système multilatéral, Compte-rendu du séminaire : China : a New Player in the Multilateral System, 18 avril 2008, IFRI, Paris, 18 Juillet 2008
Kurlantzick Joshua, Charm Offensive, How China’s Soft Power is Transforming the World, New Haven, Yale University Press, 2007
Site officiel du Bureau International des Expositions disponible à l’adresse Internet http://www.bie-paris.org/site/fr.html 5 mai 2010
Site officiel de l’Exposition Universelle de Shanghai 2010, disponible à l’adresse Internet http://fr.expo2010.cn/ 5 mai 2010
Apr 21, 2010 | Passage au crible (arabe), شمال- جنوب, ﺍلإنسانية
كتبه: كليمن بول Clément Paule
ترجمه: آيات الشيخ Ayat Alshaikh
Passage au crible n°20
في حين قدرت الأضرار الناتجة عن الزلزال الذي حدث في 12 يناير ب 7.9 مليار دولار، أو ما يعادل 120 % من الناتج القومي الصافي الهاييتي، وعد المانحين من أجل هاييتي ب9.9 مليار دولار على المدى القصير أثناء المحاضرة العالمية .و أشاد المعلقون بالنجاح لحملة الدعم المادي، الذي فاق التوقعات والذي يغطي الجزء الأكبر من الحاجات المقدرة من الحكومة السابقة، من جانب آخر ركزت الكثير من التحليلات على مظاهر المشاركة في سياق جمع بين المانحين ثنائيي الجانب ومتعددي الجوانب و المنظمات غير الحكومية و الشتات و القطاع الخاص أو حتى الجمعيات المحلية. المسألة تكمن من الآن وصاعدا في الاستخدام الفعلي لهذه الوسائل التي تم جمعها و التنسيق بين الجهات المختلفة التي تعنى بإعادة اعمار البلد.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
في العقود الأخيرة عرفت هاييتي عدة كوارث طبيعية مدمرة، ناتجة بشكل أساسي عن اندماج الظواهر ، نذكر أحدثها وهو إعصار جين الذي تسبب في مقتل عدة آلاف من البشر في عام 2004، خصوصا في محافظة جوناييف، المدينة التي تقع على بعد 150 كيلومترا في شمال شرق ميناء الأمير، هذه المنطقة نفسها تم تدميرها من جديد بعد تعاقب أربعة أعاصير في أغسطس وسبتمبر 2008، الأمر الذي تسبب بموت 800 شخص. هذه الكوارث الطبيعية طالت أكثر من 800000 شخص وتسببت بخسائر جسيمة تقدر بأكثر من مليار دولار.
تحظى هاييتي باهتمام عالمي خاص وذلك لأنها تعتبر دولة هشة أو حتى دولة منهارة، من الممكن أن تصبح عاملا في عدم استقرار منطقة الكاريبي حيث إن العلاقات متوترة بين هاييتي وجارتها الدومينيك، مسألة الهجرة، الشتات الهاييتي الذي يقدر بأكثر من 2 مليون شخص، ومسألة البيئة التي تشكل هاجسا مثيرا للقلق بصورة متكررة. في هذا الإطار، إن استمرار الأوضاع المتردية الاجتماعية-الاقتصادية، المتزامنة مع مساعدة عالمية، غير متساوية ومختلفة، أدت بالعديد من المانحين إلى ملاحظة فشل برامجهم التنموية. من أجل معالجة هذا الوضع اجتمع الممثلين الثنائيي الجوانب ومتعددي الجوانب عدة مرات بهدف تنسيق إستراتيجياتهم وكان ذلك في أثناء الأزمات السياسية- الإنقلاب العسكري عام 1990 وعزل الرئيس جون برنارد أريستيد عام 2004- أو أثناء الحوادث الطبيعية. وهكذا تم عقد محاضرة للمانحين في 14 أبريل 2009 في واشنطن بعد مدة بسيطة من الأعاصير و الاحتجاجات ضد الجوع في 2008.
الإطار النظري
1. دبلوماسية الكوارث. إن حدوث كوارث طبيعية أو تكنولوجية ذات خطر كبير أدى كما هو معروف تاريخيا لتظافر الجهود العالمية. في هذا الظرف يبدو أن الدول والمنظمات المتعددة تستثمر بصورة متزايدة هذا المجال من التحرك والذي يسمح برؤية واضحة بل تحقيق فعلي لعملياتهم في مواجهة الكوارث المتتابعة التي تحظى بتغطية إعلامية متزايدة.
2. تقنين ترتيبات المساعدة. إعادة اعمار هاييتي أحيت العديد من المناقشات حول ممارسات المانحين ثنائيي ومتعددي الجوانب، في هذا الصدد، تميل المؤسسات والآليات الموضوعة للتعقيد وذلك لحل المسائل السياسية والتي أعيد تقييمها حسب الظرف بمشاكل تقنية، مثل التنسيق أو فعالية البرامج.
تحليل
انتقد بعض العاملين ومن بينهم عاملين في منظمات غير حكومية محلية أو عالمية الوجود الدائم للولايات المتحدة الأمريكية سواء في موقع الحدث- إذ تم استخدام 20 ألف عسكري أمريكي- أو خلال المفاوضات الدبلوماسية،وحتى محل انعقاد المحاضرة العالمية والدور الذي يلعبه الزوجان كلينتون يبين على سبيل المثال هذا الاستثمار، حتى وإن كان الرئيس السابق كلينتون يتدخل كمبعوث خاص للأمم المتحدة في هايتتي، المنصب الذي يشغله منذ 2009، بعد أن كان ممثلا لإعادة الاعمار في شرق جنوب آسيا بعد كارثة تسونامي في 2004. سكرتيرة الولايات المتحدة الأمريكية قد ترأست بالشراكة جميع الجلسات المتتابعة إلى جانب الرئيس رينيه بريفال و السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون. هذه الوصاية الأمريكية أثارت العديد من الانتقادات الصريحة. مثل تقرير نيويورك تايمز الذي تحدث عن حديث ساخر لدبلوماسي أوروبي عن ما أسماه استعراض بيل و هيلاري، زيادة على ذلك الحكومة الهاييتية قلقة من تنحيتها عن مشاريع تعتزم محافظة الدولة تنفيذها بصورة أحادية الجانب.
إن تنظيم المحاضرة العالمية يكشف المزيد عن تناقضات الدبلوماسية الأوروبية، في الحقيقة إن الإتحاد الأوروبي قدم الجزء الأكبر من المساهمة في إعادة البناء، أو ما يقارب 1.6 مليار دولار منها 243 مليونا مقدمة من فرنسا، هذا الرقم هو أكثر بكثير من المساعدات الأمريكية (1.15 مليار دولار) أو الكندية (390 مليون) ولكن هذه المساعدة لم تترجم كأرباح سياسية، في هذا الصدد من المناسب أن نذكر أن كاثرين أشتون- الممثل الأعلى للإتحاد الأوروبي في الشئون الخارجية- قد إنتقدت كثيرا لأنها لم تزر هاييتي حالا بعد الزلزال، على عكس نظيرتها الأمريكية، هيلاري كلينتون. منذ 19 يناير، ميشيل ستيفلر، نائب أوروبي ومبعوث دائم للمساعدة الإنسانية أبدى أسفه للتحركات الأوروبية غير الظاهرة بالمقارنة مع التدخل الأمريكي الذي يبدو بارزا، من جانب آخر، تم انتقاد آشتون لعدم خبرتها الدبلوماسية، والتي توجب عليها أن تواجه منافسة الرئاسة الإسبانية للإتحاد، النشطة جدا في هاييتي. توجب عليها أيضا أن تشارك في الإعلانات أحادية الجانب من بعض الدول الأعضاء، مثل فرنسا التي إقترحت منذ 14 يناير تنظيم محاضرة عالمية. هذا الانطباع عن الانقسام والفوضى أمكن ملاحظته بوضوح منذ تعلق الأمر في نهاية شهر يناير بإرسال عدة مئات من رجال الدرك لمساندة المينوسوتا la Minustah ( مهمة الأمم المتحدة من أجل الاستقرار في هاييتي )، علاوة على ذلك إذا كانت فرنسا، إيطاليا، إسبانيا و مملكة الأراضي المنخفضة قد قبلت بإمداد القوات، فإن ألمانيا وبريطانيا على العكس من ذلك قد رفضتا الانضمام للعملية. من المناسب أيضا تبيين هذه الإختلالات في سياق أن هاييتي لا تشكل نفس الرهان السياسي للإتحاد الأوروبي بالمقارنة مع دول يتمركز فيها الشتات الهاييتي مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى كندا.
بصورة أكثر شمولية، هذه المحاضرة كانت تبحث مشكلة الاستخدام الجيد للمساعدة مع احترام مبادئ الفعالية، التنسيق و الشفافية. من جانب آخر، تم إعادة وضع الدولة المنكوبة في مركز الترتيبات، الأمر الذي تمت المطالبة به دون جدوى من قبل الحكومات الهاييتية المتعاقبة. حيث إن هذا التوجه يرمي ،مخالفة للمنطق، الذي يتوجب عليه تقنين مبالغ المساعدة بواسطة المنظمات غير الحكومية منذ منتصف سنوات الثمانينات للالتفاف على ممثل الدولة الذي يوصف بالفاسد وغير المسئول. في هذه الحالة يسمح ذلك أيضا بممارسة ضغوط على حكومات عنيدة كما كان الحال مع الحظر المقرر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في 1991، بعد الانقلاب على الرئيس أريستيد الذي منع كل المساعدات. الانفتاح على الممثلين الهايتيين يبقى على الرغم من ذلك محدودا ومصبوغا بالشك. بالتأكيد سيترأس بالشراكة اللجنة الجديدة المؤقتة من أجل إعادة البناء Interim Haiti Recovery Commission ، رئيس الوزراء الهاييتي جون ماكس بلريف مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة بيل كلينتون، بدون الاهتمام بأن العديد من المؤسسات المحلية ستعتبر بأنها تم إقصاؤها من العملية. في النهاية سيصبح رأس مال عالمي جامع لمساهمات المانحين مدارا من قبل البنك العالمي. يعرض هذا التنسيق المستقبلي على أنه مفتاح الحكم الرشيد الذي سيطبق على ترتيبات المساعدة. ولكن في هذا الصدد من الواضح أن هذه العقلانية تهدف للموازنة بين التنوع للحركة العامة و العالمية الحالية والتي في طور التنفيذ. قد تتعرض هذه المبادرات للاصطدام بحقائق التنفيذ أو حتى المنافسة القائمة بين مختلف الممثلين العالميين.
المراجع
Buss Terry, Gardner Adam, Haiti in the Balance: Why Foreign Aid Has Failed and What We Can Do About It,Washington D.C., Brookings Institution, 2008
MacFarquhar Neil, “Haiti Frets Over Aid and Control of Rebuilding”, The New York Times, March 31, 2010
Maguire Robert, “Haiti: Towards and Beyond the Donors’ Conference”, USIP (United States Institute of Peace) Peace Brief, USIP, (17), April 8, 2010
Apr 20, 2010 | Passage au crible (arabe), ﺍلإنسانية
Philippe Ryfmanمقال: فيليب رفمن
ترجمة: حسيبة بن موسى Benmoussa Hassiba
Passage au crible n°19
يُعتبر الزلزال الذي تراوحت درجته ما بين سبعة نقطة صفر وسبعة نقطة ثلاثة على سلم ريختر والذي ضرب هايتي في الثاني عشر من كانون الثاني من عام ألفين وعشرة من أهم زلازل الخمس وعشرون سنة الأخيرة. قُدّرت الخسائر البشرية على الأقل بمائتين وثلاثين ألف قتيل وثلاثمائة ألف جريح ومليون ومائتي ألف من دون مأوى في العاصمة والمدن المجاورة لها. وقُدّر عدد النازحين بسبع مائة وخمسين ألف نازح في المناطق الأخرى. أمّا الخسائر المادية فقد وصلت إلى مائة وعشرين بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي. لقد تم استنفار واسع النطاق لكل الوكالات الإنسانية المتواجدة على الجزيرة ولكن هناك عراقيل واجهت هذه الوكالات كازدحام مطار بور برانس وتعطل الميناء والبُنى التحتية المركزية المُدمّرة بالإضافة إلى تدخلات إدارة غير فعّالة.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
يتميّز النظام العالمي للمساعدات الإنسانية منذ سنوات التسعينات بتنوع المساهمين فيه منها المنظمات غير الحكومية والصليب الأحمر ووكالات الأمم المتحدة والحكومات. لا طالما كان للكوارث الطبيعية بعدا سياسيا طاغيا على عكس الاعتقاد السائد. تكشف الكارثة الطبيعية مدى استعداد بلد ما لمواجهة تبعاتها سواء على المستوى الحكومي أو على مستوى المجتمع المدني. والزلزال الذي ضرب الشيلي في السابع والعشرين من شباط ألفين وعشرة يوضّح أنّ العكس صحيح تماما. على المستوى الجهوي، وفي حالة هايتي نذكر الجهود المبذولة من طرف الجمهورية الدومينكية بالرغم من سوء العلاقات بين البلدين. كما نذكر الدور الذي لعبته البرازيل والتي خالفت به المكسيك، هذه الأخيرة غابت تقريبا عن الأحداث وهذا رغم القرب الجغرافي بينها وبين هايتي. وأخيرا نضيف إلى الجهود المبذولة على المستوى الجهوي والعالمي التدخل الواسع للولايات المتحدة الأمريكية والذي يبقى الأوضح ولكن هذا لا يمنع من أنّ وضعية بعض الأطراف المساهمين في المساعدات وسياق ومجريات الأزمة في حد ذاتها يمكنها أن تُعيد تشكيل نظام المساعدات الإنسانية في المستقبل.
الإطار النظري
1. تحتل الجهات الخاصة الفاعلة على المستوى العالمي (المنظمات غير الحكومية، الصليب الأحمر) أو الجهات الدولية (وكالات الأمم المتحدة، الإتحاد الأوربي) ومنذ زمن مركزا هاما في مجال العمل الإنساني. بعد تسونامي ألفين وأربعة وبالرغم من التفاعلات وبعض الشراكات المعتادة بدأت فكرة تعاون مُعزّز ومُرشّد بين مختلف العاملين في المجال الإنساني تنتشر. من شأن هذا الإجراء أن يطلعنا على حجم المساعدات المقدمة من طرف كلّ الجهات مع تفادي ازدواجية تقديم المساعدات وتحسين التنسيق بين هذه الجهات لخلق شبكة واحدة.
2. لقد بدأ هذا التحكيم العالمي للمجال الإنساني تحت إشراف الأمم المتحدة المكلّفة بتوجيه كلّ الجهات العاملة في هذا المجال على المستوى العالمي.
تحليل
منذ عام ألفين وخمسة، تَمّ أوّلا وضع على الواجهة إعادة تشكيل القطاعات الرئيسية أو الكتل المقابلة للمجالات العملية أو العارضة. أمّا ثانيا فقد تركز الجهد على إعادة تنظيم التمويل وذلك عن طريق إنشاء هيكل مالي (الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ) والذي يهدف إلى أخذ مكان الأنظمة التي تنادي بجمع الأموال الخاص بكلّ وكالة من وكالة الأمم المتحدة. بالإضافة إلى هذا تم أيضا وضع أمانة عامّة (مع مكتبها والذي يقوم بتنسيق الشؤون الإنسانية) وهذه الأمانة تشرف على جميع الجهات العاملة في المجال الإنساني.
اعترف جون هولمس الأمين العام للشؤون الإنسانية بتقصير آليات التنسيق هذه في أحداث هايتي. علاوة على ذلك، واجهت هذه الآليات منافسة أو حتى طمس من طرف دول أخرى خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية لا سيما أنّ هذه المساعدات انتشرت على محور عسكري إنساني ولقد أثار هذا التدخل الأمريكي بعض التساؤلات. أوّلا لأنّ هذا التدخل سُجّل في بداية سنوات التسعينات ولقد تم بسرعة التخلي عنه بسبب أمور عملية : سلسلة من الإخفاقات بداية من الصومال إلى رواندا أين أثبت عدم فعاليته والسبب الآخر هو كون مثل هذا التدخل يطرح تساؤلات حول أسس ومبادئ العمل الإنساني. وما حصل في أفغانستان عام ألفين وواحد مع فرق إعادة الإعمار الإقليمية أكّد شرعية مثل هذه التساؤلات. ثانيا هذا التواجد العسكري الإنساني ليس تواجد الفارس الأبيض المنقذ في منطقة خالية من أية مساعدات أخرى. فعلا قبل تواجد الولايات المتحدة الأمريكية بادرت المنظمات غير الحكومية الهايتية أو العالمية مثل منظمة أطباء بلا حدود و منظمة مكافحة الجوع ومنظمة مكافحة الفقر إلى إغاثة الشعب في هايتي وذلك إلى جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر والعديد من منظمات الصليب الأحمر الوطنية. لقد قامت منظمة أطباء بلا حدود باعتبارها الفرع الفرنسي الوحيد بإنشاء في غضون بضعة أيام أربع مستشفيات في حاويات أو هياكل قابل للنفخ كما قامت بمعالجة منذ كانون الثاني عشرات الآلاف من الجرحى. أمّا بالنسبة لمنظمة مكافحة الجوع فهي تساعد كلّ يوم مائة ألف شخص ببرامجها فيما يخص مياه الصرف الصحي. وأخيرا لعبت كلّ من منظمة “التضامن” و”اوكسفام” ومنظمة مكافحة الفقر والصليب الأحمر الفرنسي والعديد من الوكالات التابعة للأمم المتحدة دورا رئيسيا لمساعدة الأشخاص بدون مأوى والنازحين.
توحي السرعة التي ناقشت بها الحكومات إعادة الإعمار على المستوى العالمي خلال المؤتمر الذي انعقد في نيويورك الواحد والثلاثون من آذار ألفين وعشرة أنّ الأزمة الإنسانية قد انتهت. ولكن العكس هو الذي يحدث فمرحلة ما بعد الطوارئ لا تقتصر فقط على عوامل تقنية (عدد الأشخاص من دون مأوى، الجرحى، النازحين في الداخل نحو مدن أخرى أو نحو الأرياف، عدد البنايات المُدمّرة) أوعلى فترة زمنية تقاس ببضعة أسابيع. الأزمة ستستمر على مدى شهور أو ممكن على مدى سنة أو سنتين. لا تزال الاحتياجات الإنسانية على المدى القصير مُعتبرة والأولية حاليا تتمثل في توفير الميزانيات والتمويلات وكذلك الموارد البشرية والمادية لمواجهة الأزمة. وهناك خطر حقيقي من أن تفاقم الأمطار والعواصف الاستوائية والأعاصير الوضع. من الجدير القول بأنّ إعادة إعمار هيتي يتطلب إشراك كلّ المجتمع المدني عن طريق المنظمات غير الحكومية وأيضا إشراك جمعيات الشتات والمجتمعات المدنية للشراكات الدولية.
لقد ألقى هذا الزلزال الضوء على معطيات لا طالما قللنا من أهميتها والتي يجب أن تتصدر الأجندة العالمية من الآن فصاعدا. في كوكب يزداد تحضرا ويكتظ يوما بعد يوم (خمسة وعشرون مدينة تضم أكثر من عشرة ملايين نسمة عام ألفين وخمس وعشرون ومنها عشر مدن ستضم أكثر من عشرون نسمة) سيسبب هذا النوع من الكوارث في العقود القادمة خسائر بشرية ومادية معتبرة خصوصا في الدول الفقيرة. ولقد أظهرت هايتي أنّ كلما كان الشعب يعيش في فقر كلما زاد تأثره بالكوارث. وبالتالي قضية التنسيق بين العاملين في هذا المجال تزداد أهمية. ومع ذلك، إذا صار التحكيم العالمي في مجال العمل الإنساني بيد الحكومات فإنّ دور الجهات غير الحكومية ومنظمات الأمم المتحدة سيكون في هذه الحالة مطروحا للنقاش و سيخضع المستوى الأمثل لإغاثة ومساعدة الضحايا لاعتبارات سياسية وسيؤدي هذا إلى تفكك المنظمات وانخفاض حاد في المساعدات.
المراجع
Action Aid, The Evolving UN Cluster Approach in the Aftermath of the Pakistan Earthquake: An NGO Perspective, Londres, Action Aid International, 2006
Adinolfi Costanza, Bassiouni David, Lauritzsen Halvor, Williams Roy, Humanitarian Response Review, OCHA, New York, Geneva, 2005
Chevallier Éric, “Politique et catastrophes naturelles”, Questions internationales, Paris, La documentation française, 2006
FICR, Rapport sur les catastrophes dans le monde, Genève, HCR, 2009
Makki Sami, Militarisation de l’humanitaire, privatisation du militaire, Paris, CIRPES. Coll. Cahiers, 2004
Ryfman Philippe, Une Histoire de l’humanitaire, Paris, La Découverte. Coll. Repères, 2008
Mar 18, 2010 | Passage au crible (arabe), حقوق الإنساﻥ, ﺍلصناعة الرقمية, ﺍلصين
كتبه: الكسندر بوهاس Alexandre Bohas
ترجمه: خالد جهيمة Khaled Jhima
Passage au crible n°18
لقد أعلنت شركة جوجل, في يناير 2010، توقُّفَها عن فرض رقابة على موادها، وهو ما قبلته حتى الآن بناء على طلب من الحكومة الصينية. لكنها قد تضطر إلى تخليها عن هذا السوق، بسبب دخولها في صراع إرادات مع تلك الحكومة.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
تقوم صناعات تكنولوجيا المعلومات، والاتصالات بالتعاون مع السُّلطات العامة، التي تَرغب في الحصول على معلومات عن الأعمال غير الشرعية التي ترتكب على الشبكة العنكبوتية. لكن شركة جوجل، على عكس شركات منافسة أخرى، مثل ياهو، بدت دائما مُترددة في تقديم معلومات كهذه، بل إنها رَفضت التعاون مع وزارة العدل الأمريكية فيما يَتعلق بقضايا إباحية؛ لذا فقد تفاجأ كثير من المعلقين بقبول مديريها، في عام 2006، القيودَ التي فَرضتها عليها بكين لكنها قررت أخيرا عدم الانصياع لها مُجَدَُدا.
إن من الواجب معرفته، أن قطاع الانترنت ينمو في الصين بنسبة 4% سنويا، ويضم الآن 340 مليون مستخدِما؛ ليصبح على وشك احتلال المرتبة الأولى في السوق العالمية. لذا فقد قام النظام الشيوعي، بسبب هذا النمو الاستثنائي، على غرار سوريا، والسعودية، وإيران، بوضع آليات قانونية وشُرَطية بُغية مُراقبته. هكذا يقوم حوالي 3000 شخص بمراجعة تطبيق الستين لائحة التي تضم التشريعات ذات الصلة، آلية الدرع الذهبي الذي يوقف المواقع غير المرغوب فيها منذ عام 1998. لقد قام، في هذا السياق، فريق من الباحثين من جامعة هارفارد من إحصاء 18931 موقعا لا يمكن الولوج إليها؛ لأسباب سياسية. من ناحية أخرى، فإن السلطات تَتَّبِع، في هذه المجالات، حِمائيَّة مُقنَّعة؛ لذا فقد تَعرَّض جوجل، على غرار مستثمرين أجانب آخرين، بانتظام لهجمات إليكترونية مستهدفة أنظمته المعلوماتية، واضطُر إلى مواجهة اتهامات لا أساس لها من الصحة، تذهب إلى أنه يعزز نشر مواد إباحية.
الإطار النظري
1. تحدي هيمنة القوة الأمريكية النَّاعمة. تَرغب الحكومة الصينية، بفرضها رقابة واسعة على الوصول إلى التعبير الرقمي، في اختيار سبل العيش، والتمثيلات الجماعية التي تقوم الشركات متعددة الجنسيات بنشرها. تُوَلِّد هذه المعارف، في هذه الحالة، رهاناتٍ لها علاقة بالسلطة، لم يقدر جوزيف ني (Joseph Nye) مداها حق قدره، بضمها تحت مصطلح القوة الناعمة. هذه المعارف، التي تَصوغ المجتمعات الأجنبية، تظل على العكس أصل السلطة الهيكلية للولايات المتحدة الأمريكية. إن البعد الثقافي هذا يمَكِّن من تفسير التوترات الحالية بين جوجل، والصين، على عكس النظريات الكلاسيكية، كنظريات روبير جيلبين (Robert Gilpin)، وجون ميرشايمر(John Mearsheimer)، وروبيرت كويهان (Robert Keohane ) مثلا، التي تقصر تحليلاتها على الاقتصادية العسكرية.
2. التعدد الاقتصادي ـ السياسي للمجال الدولي. ينبغي، بعيدا عن حصر هذا الصراع في علاقات بين الدول، تحليلُ التداخلِ بين شؤون العالم بكل تعقيداتها : أ ) في إطار العلاقات بين الشركات والدول، كالذي شرعت فيه سوزان سترانج (Susan Strange )، ب) باستهداف تعدد الأنشطة الاقتصادية، والثقافية، والسياسية، كذلك الذي استخدمه فيليب سيرني (Philip Cerny) في تحليله له. يقود هذا الأخير، بسبب العولمة، إلى بناء مشهد عالمي عبر حزمة متباينة، ومتنامية من الفاعلين ذوي خطابات مختلفة، بل متعارضة. يفهم من ذلك أنه يمكن للأهداف الرِّبحية، وذاتِ الطاَّبع التجاري، أن تقود جوجل إلى تعبئة الرأي العام على المثل السياسية العليا.
تحليل
الصينية إلى الانترنت باعتبارها إعلاما خَطِرا؛ لأنها تعمل، على المستوى العالمي، بطريقة شبكية، وبدون سلطة محددة. كما أنها تستقر بحكم الأمر الواقع، باعتبارها مكانا للتعبير السياسي، في فضاء عام غيرِ مُراقب، وخَطِر مُحتمل على السلطة القائمة. لكنها تحتوي في الوقت نفسه أيضا، بالنظر إلى كونها وسيلة اتصال، على كمية من المعلومات عن المعارضين للحزب الشيوعي. لكن لنتذكر أن جوجل، باعتباره محركَ بحث، ومزَوِّدَ خدمات على الشبكة العنكبوتية، يُؤسس نجاحَه التجاريَّ على الثقة التي يمنحها له المستخدمون، وعلى القدرة التي تمتلكها الشركة على تزويدهم بالمعلومات بجميع أنواعها. من جهة أخري، فإن ثقافة إنجليزية أمريكية مبنية على احترام الحريات الفردية ، تُلهم عملها؛ لأنه يمكن لكل فرد الاتصال ، والفعل، والتفاعل بحرية مع أي كان. أما فيما يتعلق بالمسؤولين، فإن استيلاء الصينيين على هذه الأداة يمكن أن يَقود إلى سياساتٍ تخريبيةٍ قادرةٍ على تنمية حرية التعبير، وعلى هز النظام. هناك كثير من العناصر التي يبدو صعبا التوفيقُ بنها وبين الطبيعة الاستبدادية للجمهورية الشعبية.
يُضاف إلى ذلك أن الإجراءات التقييدية التي تفرضها لسلطات العامة تسلط الضوء على اعتراض عميق على النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة الاميركية. لقد بدأت جمهورية الصين الشعبية، في الواقع، تؤكد نفسها باعتبارها (قوة صاعدة) بحسب تعبير روبيرت جيلبين (Robert Gilpin) الذي استخدمه في تحليله لصراعات الهيمنة، كما أنها تبدو، بفضل رفاهيتها، نموذجا متميزا للتنمية الرأسمالية. إذا كانت واشنطون تحتفل بمجتمع قائم على سوق الحرة مؤسسة على الملكية الخاصة، والحقوق الفردية، فإن مملكة الوسط تقترح، فيما يتعلق بها، تنظيما اجتماعيا ذا تسلسل هرمي واسع، وسلطوي تلعب فيه الدولة دورا أساسيا. لكن، على الرغم من أن هذا الأخير تَكيَّف مع رأسمالية مُعَولمة، فإنه يستمر في رفض التطورات الاجتماعية السياسية ذاتِ الطابَع الغربي بحزم
.يأتي هذا الخلاف الجديد بين السلطة المركزية ، وجوجل في تكوين اقتصادي تجد فيه الشركة نفسها بعيدة جدا عن منافسها بايدو (Baidu)، لأنها، بدخلها المقدر بستمائة مليون دولار، لا تستحوذ سوي على 31% من السوق، في حين أن منافسها الصيني يملك 63% ، بنمو سنوي قدره 39%، مما يعني تأخرا كبيرا بالنسبة للشركة الأمريكية. كما أن قرارها بعدم فرض رقابة على موادها، يمنحها في الوقت نفسه، شرعية هائلة، ورأس مال إعلامي واسع، باعتبارها مدافِعة عن المستخدمين للانترنت، وعن حرياتهم. يضاف إلى هذا المُكتَسب الرَّمزي، أيضا، ميزة تنافسية، لأن المعلومات المفروض عليها رقابة تتواجد فقط على موقعها، مما يُمكِّنها من رفع نسبة اللجوء إلى محرك بحثها في المستقبل. تُظهر هذه المواجهة، في النهاية، إلى أي درجة استثمرَ فيها فاعلٌ غيرُ دولي الحرياتِ العامة، والحقَّ في الحصول على المعلومات، في إطار دولة ـ شركة.
مهما يكن المخرج لهذا الصراع، فإن هذه التوترات تُكَذِّب بالفعل النظريات التَّطورية ـ ضِمن منطِق تحول ديمقراطي ـ التي تعتقد، من خلال الانفتاح الاقتصادي، بإحساسها بوجود خطوة أولى نحو الديمقراطية في الصين. لكن هذه الأخيرة تتبنى نموذجا سياسيا اقتصاديا آخر مخالفا للنموذج الغربي، مما يجعلها منافسا حقيقيا للتفوق الأمريكي.
المراجع
Bohas Alexandre, Disney. Un capitalisme mondial du rêve, Paris, L’Harmattan, 2010
Bohas Alexandre, « The Paradox of Anti-Americanism: Reflection on the Shallow Concept of Soft
Power », Global Society, 20 (4), oct. 2006, pp. 395-414
Damm Jens, Thomas Simona (Eds.), Chinese Cyberspaces : Technological Changes and Political Effects, London, Routledge, 2006
Gilpin Robert, War and Change in World Politics, Cambridge, Cambridge University Press, 1981
Hughes Christopher, Wacker Gudrun (Eds.), China and the Internet: Politics of the Digital Leap Forward, London, Routledge, 2003
Watts Jonathan, « China’s Secret Internet Police Target Critics With Web of Propraganda », The Guardian, 14 June 2005
Feb 27, 2010 | Passage au crible (arabe), منظمة الأمم المتحدة
Armelle Le Bras-Chopardآرمل لو برا-شوبار
فؤاد القيسي Fu’ad Al-Qaisi
Passage au crible n°17
طُرحت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة – التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 18 من الشهر الثاني عشر لعام 1979- قبل ثلاثين عاما، في الأول من الشهر الثالث لعام 1980، على الدول للمصادقة عليها ؛ فصوت 95% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لصالحها. غير أن بعض الدول لم تصادق عليها، كما عبرت أخرى عن تحفظها عليها؛ إذ نَصَّبت هذه الدول تقاليدها فوق القانون الدولي. تمت إضافة بعض البنود لاحقا إلى البروتوكول الإضافي يوم 6 من الشهر العاشر لعام 1999، الذي دخل حيز التنفيذ عام 2002، ليصبح ميثاقا أكثر إلحاحا.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
بدات النساء في تنظيم أنفسهن على المستوى الدولي منذ نهاية القرن التاسع عشر ، وطالبن باعتماد اتفاقية دولية حول المساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين؛ فشكلت هيئة الأمم المتحدة، بضغط من الجمعيات النسائية، لجنة دولية حكومية حول “أوضاع المرأة”. عكفت على وضع معايير دولية, ساهمت الاتفاقية لاحقا في إضفاء صفة المؤسسية عليها..
تطمح هذه الاتفاقية إلى ردم الفجوة بين الجنسين, من خلال مكافحة جميع أشكال التمييز ضد النساء؛ فهي تطمح إلى إحلال المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء في كل المجالات (المدنية، الثقافية، الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية) باتخاذ التدابير التشريعية على المستويات الوطنية.
انتخبَ أطرافُ الاتفاقية لجنة من 23 خبيرا مستقلا أوكِل إليها متابعة تطبيقها؛ وكتابة تقرير سنوي إلى الهيئة العامة للأمم المتحدة، ودراسة التقارير التي تقدمها الدول المشاركة كل أربع سنوات. كما تقوم بدعوة هذه الدول، و المؤسسات المختصة، والمنظمات غير الحكومية الناشطة في هذا المجال، وتستخلص بعد ذلك النتائج من هذه التقارير, وتصدر التوصيات والاقتراحات. غير أنه اتضح استحالة علاج الانتهاكات التي تتعرض لها الأجهزة القضائية على أرض بعض الدول؛ لذا جاء البروتكول الإضافي بمرحلة جديدة تسمح بإيصال الطلبات الفردية أو الجماعية.
الإطار النظري
1. حقوق الإنسان. تعتبر الاتفاقية, لأول مرة, التمييز ضد المرأة انتهاكا للحقوق. لقد اتضح أن الإطار المرجعي الداخلي – ميثاق الأمم المتحدة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان- كان مقتضبا وعاما. لذا فقد تناولت قضية الحق في تنظيم وتحديد النسل بالإضافة إلى موضوع المساواة بين الجنسين. لكنها تبقى أولا وآخرا اتفاقية تعنى بالمساواة والعدالة، وتعود أهدافها المرجوة بالخير على الإنسانية قاطبة.
2. التنمية. تعكس الاتفاقية بعدا ديمقراطيا، واقتصاديا، واجتماعيا؛ إذ تعتبر مكانة المرأة في المجتمع أحد معايير (مؤشرات التنمية الإنسانية) في نظر (برنامج الأمم المتحدة للتنمية). كما تشكل استقلالية المرأة – خصوصا في الجانب التعليمي والتربوي- أحد شروط مكافحة الفقر؛ فأصبح هذا الشرط الهدف الأول لـ (المساعدة العامة في التنمية). كما تعد المساواة الحقيقية بين الجنسين في مجال العمل – وهي نسبة لم تسجل في دول الشمال إلى لآن – مؤشرا على النمو والتحضر. أضف إلى ذلك المسألة الديمقراطية؛ فتواجد المرأة في مراكز صنع القرار يعد مؤشرا على التنمية. إنها عملية حتمية للتماسك الاجتماعي؛ تلك التي تعنى باندماج الجنسين والتقائهما على قيم وأهداف مشتركة, يسهل تطبيقها على مستوى أوسع من المستوى الوطني، أي على مستوى المنظمات والمؤسسات المحلية..
تحليل
تبقى هذه الاتفاقية مجهولة على خلاف اتفاقيات أخرى تُعنى بحقوق الإنسان، ويلاقي تطبيقها كثيرا من الصعوبات لغاية هذا اليوم, على الرغم من توقيعها من جميع الدول الأعضاء, باستثناء الصومال، والسودان، وإيران عليها كما أن الولايات المتحدة لم تصادق عليها, بسبب اعتراض المعارضة المسيحية على الحقوق المتعلقة بالانجاب. أما الدول الأخرى, فكان لها تحفظات تَحد من فائدة النص؛ فرفضت إدراج البنود الأكثر إلحاحا وجدلية في تشريعاتها الوطنية. لقد رفضت ماليزيا بعض البنود التي تعتبرها مخالفة للشريعة الإسلامية، ورفضت الجزائر بنودا تعتبرها تنتقص من سيادتها, و طبقت نيجيريا المادة 15رقم -المتعلقة بالمساواة بين الجنسين أمام القانون, و بحرية التنقل- على النساء الغير متزوجات. كما لاقت المواد المتعلقة بالمساواة بين الجنسين في الزواج، والعلاقات العائلية – الولاية، العمر الأدنى للزواج – تحفظاتٍ كثيرة, خصوصا لدى دول المغرب والمشرق العربيين؛ التي بررت تحفظاتها بالشريعة الإسلامية. لذا نلاحظ, في آخر الأمر, أن البروتوكول الإضافي, على الرغم من قوته وإلحاحه، يبقى اختياريا بالنسبة للدول المشاركة في الاتفاقية. لكنه يشكل, مع ذلك كله, تقدما ملحوظا يَُسَهِّل ترجمة التدابير القانونية إلى أفعال على أرض الواقع. إذ تجدر الإشارة إلى قيام دول هذه الهيئة، داخل هذا الإطار، بفتح تحقيق حول عمليات اختطاف وقتل النساء في المكسيك؛ مما كشف عن استمرار العنف ضد المرأة في هذه المنطقة.
تُستخدم هذه الاتفاقية عموما في الضغط على الحكومات من قبل بعض النساء بغية تحسين أوضاع المرأة في بلدانهن كما حصل في غانا -التي صادقت على الاتفاقية عام 1982- بإصدارها قانونا عام 2006 يقضي بسجن كل من يقوم بختان الإناث. كما شجعت مصر أيضا حملة محو لأمية الفتيات, تهدف إلى تقليل نسبة الأمية إلى 11% بين عامي 1986 و1996.
تُعد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بغض النظر عن العقبات، أداة ضغط مهمة لدفع عجلة القضية النسائية على الصعيد الدولي, على الرغم من قناعتنا بأن عولمة تتسم بالمساواة تظل أمرا طوباويا. أما بالنسبة للحاضر، فإن كل المنظمات غير الحكومية والجمعيات تعمل على إبراز أهمية محاربة الأفكار النمطية، وتنوي العمل على تغيير السلوكيات, والترويج لثقافة المساواة بين الجنسين في المرحلة القادمة؛ إنها تطمح, باختصار, إلى إحداث تغيير جذري في تنظيم مجتمعاتنا المدنية.
المراجع
Falquet Jules, De Gré ou de force. Les femmes dans la mondialisation, Paris, La Dispute, 2008
Helena Hirata, « Femmes et mondialisation » in : Margaret Maruani (Éd.), Femmes, genre et société, l’état des savoirs, Paris, La Découverte, 2005
Sénac-Slawinski Réjane, L’Ordre sexué. La perception des inégalités femmes-hommes, Paris, PUF, 2007
Women Watch, site de l’ONU: http://www.un.org/womenwatch/
Feb 26, 2010 | Passage au crible (arabe), الاتحاد الأوروبي, السياسة الخارجية
كتبه: إلسا تلتمس Elsa Tulmets
ترجمه: آيات الشيخAyat Alshaikh
Passage au crible n°16
بعد فشل محاضرة كوبنهاجن عن المناخ في ديسمبر 2009، قام المدير الجديد للمجلس الأوروبي هيرمان فان رومبي في 11فبراير2010 باستدعاء ممثلي الدول الأعضاء للإتحاد الأوروبي لقمة غير عادية مخصصة للإنعاش الاقتصادي. في هذه الحالة، كان هو الحدث الأول المغطى إعلاميا لإتحاد مقيد من الآن فصاعدا بمعاهدة لشبونة. ولكن برغم بعض التحديثات، لم تحظ العلاقات الخارجية بالاهتمام. السياسة الخارجية للإتحاد والتي تم تقدسيها مؤخرا عن طريق المعاهدات يبدو أن مصيرها سيكون على الدرجة الثانية من الاهتمام.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
منذ نهاية الحرب الباردة يتوجب على الإتحاد الأوروبي بصورة متواصلة إعادة تعريف دوره في عالم متعدد الأقطاب، حيث تبدو المنظمة غير قادرة على احتواء الأزمات ويشمل ذلك قضية جوارها لمنطقة البلقان. في عام 2002 خلال اتفاقية (مستقبل أوروبا) التي كان يتوجب فيها تبسيط المعاهدات ومنحها جودة القانون الدولي تم اقتراح تحديثات في شأن السياسة الخارجية. بعد رفض المعاهدة الدستورية عام 2005، تم اعتماد نسخة معدلة في تاريخ 13 ديسمبر2007في لشبونة والتي أصبحت معتمدة بصورة نهائية في 7 ديسمبر 2009. حيث أن هذه القمة الأوروبية الأولى التي أغفلت القضايا الدولية باختيارها التركيز على مساعدة اليونان وخطة تطوير عملية التنمية و العمل أوروبا 2020.
الإطار النظري
عملية تأكيد سلطة جديدة، وهي سلطة رئيس الإتحاد الأوروبي تظهر بصورة خفية نقاط ضعفالقوة الناعمة وحدود المد للإتحاد الأوروبي.
1. القوة الناعمة. عند تكوين هذا المفهوم، جوزيف ني كان يهدف إلى توصيف سلطة الجاذبية التي تتمتع بها الولايات المتحدة الأمريكية في الخارج. كان يريد أيضا أن يبين بواسطة هذه القوة مدى قدرة أمريكا التأثير على شركاءها بطرق أخرى غير الإكراه، هذه الطريقة تعتمد على تأثير الاقتصاد، الموارد الاجتماعية والثقافية. القوة الناعمة مبنية على النقيض من القوة الصعبة ذات الطبيعة العسكرية.
من جانبه، يعتمد الإتحاد الأوروبي كثيرا على استعراض سياساته الأكثر إندماجا ( في السوق الداخلي)، وعلى الجذب الناتج عن منطقة اليورو وذلك ليفرض نفسه على الصعيد العالمي. هكذا يتم استخدام مصطلح القوة الناعمة نفسه في الخطابات السياسية الحديثة للإتحاد الأوروبي وذلك لإضفاء الشرعية على إستراتيجية التوسع نحو الشرق. بهذه الطريقة مفاوضات الإنضمام الحالية تكرر هذه الرؤية والتي طورت زيادة على ذلك في ( السياسة الأوروبية الخارجية) الموجه منذ عام 2004 للدول الواقعة في جنوب وشرق الإتحاد الأوروبي الموسع.
2. المد. هذا التعبير الذي طوره لمفهوم دافيد ميتراني، تم إعادة استخدامه من قبل منظري الاندماج الأوروبي. وفي هذه الحالة يشير التعبير إلى التعاون المحدود في المجالات ذات الاهتمام المشترك التي تحمل طابعا غير سياسي مثل الزراعة أو المواصلات. ثم يشير هذا التعبير في مقام ثان إلى آلية انتشار نحو مجالات أخرى ذات طابع سياسي أكثر وضوحا. اعتمادا على هذا المنطق، اعتماد عملة موحدة(اليورو) يحمل تنازل هذه الدول عن واحد من امتيازاتها الحصرية، عن الرمز الأول دون منازع لسيادتها. المد لقطاع نحو آخر يؤدي أيضا لاندماج أفضل في مجال السياسة الخارجية. على سبيل المثال السياسة التجارية العامة تكونت بفضل اندماج السوق الداخلي. في حين أن الوسائل المخصصة لتجنب الأزمات، كانت نتيجة في جزء منها عن مجال الشنغن. من المؤكد أن القمة الأوروبية في تاريخ 11 فبراير تعتبر شاهدا على العلاقات المحدودة المنسوجة بين الحركات المتنوعة للإتحاد الأوروبي ولكنها تبين كذلك غياب التوازن.
تحليل
حفظ القوة الناعمة الأوروبية
في فترات الأزمات يتوجه الاتحاد الأوروبي للمحافظة على مصداقيته الدولية وحماية الأساسي من قوته الناعمة عن طريق تلميع ثوابته المؤسساتية والاقتصادية.
معاهدة لشبونة كفلت اعتماد رقم هاتف للاتحاد الأوروبي في رد على التحدي الشهير للسكرتير السابق للولايات المتحدة هنري كسينجر، وكنتيجة إيجابية لهذه المعاهدة تمكن رئيس القمة الأوروبية هيرمان فان رومبي – الذي يشغل الوظيفة التي تم استحداثها إضافة للرؤساء المتعاقبين- من تنظيم القمة 🙁 إذا كان التطور العالمي يحتم ذلك، يمكن لرئيس المجلس الأوروبي أن يدعو لقمة غير عادية للمجلس الأوروبي بهدف تحديد الخطوط الإستراتيجية لسياسة الإتحاد في مواجهة في مواجهة التطور)، مادة 26 من النسخة الموثقة من معاهدة الإتحاد الأوروبي. ولكن إذا كان هذا الاتفاق مكن الإتحاد الأوروبي من التمتع ببعض الوظائف الأساسية، فإنه لا يخطط لتوزيع بناء بإمكانه تحسين رؤيته. في هذا الصدد، الرئيس الجديد يتحتم عليه (مادة 15) أن يتعاطى مع الممثل السامي في السياسة الخارجية وسياسة حفظ الأمن للإتحاد الأوروبي، منصب يشغله حاليا كاثرين أشتون المنتقدة بشدة في الخارج،في حين أن قسم الدبلوماسية الذي تم تأسيسه مؤخرا، يشكل تنظيما مازال قليل الفعالية. رؤساء الدول والحكومات يحتفظون بسلطة مهمة لأن المجلس الأوروبي ( يحدد المصالح الإستراتيجية، يعين الأهداف، يحدد وينفذ التوجهات العامة للسياسة الخارجية والأمن المشترك) (مادة 15).
الأزمة المالية التي أصبحت عالمية منذ 2008 وضحت من جانب آخر نقاط الضعف الاقتصادية للقوة الناعمة للإتحاد الأوروبي. هكذا تنم الأولوية الممنوحة لمنطقة اليورو ولسوق العمل عن عجز الدول الأوروبية عن مواجهة قوى السوق المعولم غير المنظم. ولكن إذا تعرضت منطقة اليورو للضعف فإن مدا سلبيا يمكن له أن يخل باستقرار السوق الداخلي، وقدرة الإتحاد الأوروبي على المساهمة الخارجية، نتيجة لذلك يتوجب على الإتحاد الأوروبي مواجهة التحديات المتعلقة بمنظومتها الداخلية قبل أن تتمكن من التعبير عن نفسها كممثل وحيد.
فرنسا وألمانيا، محرك مطور للفيض الأوروبي
في عملية البناء الأوروبي، شكل الترادف الفرنسي الألماني منذ وقت طويل الوسيلة المثلى لتكوين الاتفاق السياسي، ولكن قمة 11 فبراير ركزت على الرغم من ذلك على عجز هاتين الدولتين المؤسستين منذ الآن وصاعدا عن إيجاد تسويات أوروبية، في مجال النمو والعمل على سبيل المثال، الإجراءات المطروحة لم تحصل على موافقة الأغلبية بين الدول السبع وعشرين الأعضاء. على نفس المنوال، حتى وإن دعت فرنسا وألمانيا لعمل حكومة اقتصادية للإتحاد الأوروبي، فإن الفكرة لم يتم قبولها. في النهاية إن الأهمية التي أسبغتها الدولتين على الحركة الخارجية لم تؤثر إلا قليلا على الأجندة الأوروبية.
يبدو التعاون الأوروبي منذ البداية غير فعال في إطلاق الاندماج السياسي للتأكيد على دور الإتحاد الأوروبي على الصعيد العالمي. بكل تأكيد يعود هذا لخطوط الانقسام التي تغيرت منذ نهاية الحرب الباردة و التوسع نحو الشرق. هذه العوامل في الحقيقة تغيرت و استقرت ليست بين (أوروبا القديمة) و(أوروبا الحديثة) كما يعتقد بعض المحافظين الأمريكيين ولكن في التصدعات السياسية. اليوم، يتبين لنا أن الصراعات حول الميكانيكية المؤسساتية للبناء الأوروبي – البعد المشترك أو الفدرالي يضاف أيضا للخلافات العميقة حول تحديد العلاقات بين الاقتصاد والسياسة.
المراجع
Laïdi Zaki, La Norme sans la force : l’énigme de la puissance européenne, Paris, Presses de Sciences Po, 2005
Mitrany David, A Working Peace System, Londres, Royal Institute of International Affairs, 1943.
Nye Joseph, “Soft Power and American Foreign Policy”, Political Science Quarterly, 119 (2), 2004, pp. 255-270
Tulmets Elsa, “A ‘Soft Power’ with Civilian Means: Can the EU Bridge its Capability-Expectations Gap in the ENP?”, in : Delcour Laure, Tulmets Elsa (Eds.), Pioneer Europe? Testing European Foreign Policy in the Neighbourhood, Baden-Baden, Nomos, 2008, pp. 133-158
Feb 18, 2010 | Passage au crible (arabe), الاحتباس الحراري, البيئة, التعددية
كتبه: سيمون أوزينات Simon Uzenat
ترجمه: خالد جهيمة
Passage au crible n°15
لقد كان هدف المفاوضات التي نُظِّمت تحت رعاية الاتفاقية ـ الإطار للأمم المتحدة المتعلقة بالتغيرات المناخية CCNUCC (Convention-cadre des Nations unies sur les Changements climatiques), هو الوصول إلى اتفاق قانوني مُلزِم في مؤتَمر الأطراف المتعددة الخامس عشر CdP (conférence des Partis)، الذي عقد في كوبنهاغن من 7 إلى 19 ديسمبر 2009، والتي تتعلق بتمديد، وتكتيف الجهود التي نظمتها اتفاقية كيوتو ـ التي ينتهي العمل بها في 31 ديسمبر 2012 ـ وتأسيسِ نظامٍ مُستَقبَليٍ متعددِ لتنظيم المناخ.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
اتفقت الوفود في أثناء انعقاد المؤتمر الثالث للأطراف المتعددة CdP في ديسمبر 1997 في كيوتو Kyoto.ة الذي دخل حَيِّز التَطبيق رسميا في عام 2005، والذي يُلزم الدول الصِّناعيةَ، المذكورةَ في الملحق I، بخَفضِ انبعاثاتها الإجمالية من غازات الانبعاث الحراري GES (gaz à effet de serre) بحلول عام 2012، بنسبة 5,2% مقارنة بمستويات عام 1990. كما أقام هذا الاتفاقُ نظامَ تدقيقِ دوليِّ، ونصَ على إنشاء آليات عقوبات. من جهة أخرى، فقد توصلت المناقشات، التي تَمَّت في إطار مؤتمر بالي الذي انعقد في ديسمبر 2007 (مؤتمر الأطراف الثالث عشر)، إلى تَبنِّي خريطة عمل بالي PAB (Plan d’action de Bali )، إضافة إلى آلية تتم كل سنتين ـ خارطة طريق بالي ـ حَدَّدَت تاريخا نهائيا للانتهاء من المحادثات في مؤتمر الأطراف المتَعددة الخامس عشر المنعقد في كوبنهاغن.
لقد خضع الاتجاه المُستمِر، في هذا الصدد، إلى مقاربة فوق ـ وطنية تميزت بقوةِ خبرةٍ عَبرِـ وطنية (le GIES)، مُمثلةِ في شرعية الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، بل إن إدارة كلينتون قد وقَّعت على اتفاقية كيوتو، لكن الكونجرس لم يُصادق عليها. تضم هذه الاتفاقية اليوم 189 طَرَفا، كما تعترف الولايات المتحدة الأمريكية الآن بتأثير غازات الانبعاث الحراري على المناخ، وعلى الصحة، وتطلب، على الرغم من استمرارها في رفض اتفاق كيوتو، هدفا شاملا يُقَسَم بعد ذلك بين الدول، بحسب مسؤولياتها السابقة، والحالية. أما الدول النامية، التي تأتي في مقدمتها البرازيل، والهند، والصين، والدول الأقل تنمية منها، فإنها تهدف، أولا وقبل كل شيء، إلى فرض حقها في التنمية؛ لذا فهي لا تتردد في استخدام المنظمات الدولية لتَصحيحِ الفوارق الاقتصاديةِ، والاجتماعية، والإقليميةِ، بين الدول الصناعية، والأخرى النامية. يبدو اتفاق كوبنهاغن، في هذه الحالة، نتاجا لعلاقات القوة هذه، كما يُسجل استمرار توزيعِ عالمي للسلطة السياسية.
الإطار النظري
يشير ملخص هذا الاتفاق، والالتزامات التي قدمتها الدول في 31يناير 2010، إلى مفهومين مرتبطين بَعضِهما ببَعْض ارتباطا وثيقا.
التعددية. يشير هذا المصطلح، الذي لا يمكن قَصره على وصف شكل جديد من أشكال التعاون بين الدول، بالأحرى، إلى إدارة عالَميَّة جديدةِ، مُجَزَّأة، ومُهَجَّنَة، مشركة قطاعات خاصة، وعامة، ودولا، ومؤسساتِ مجتمعِ مدنيٍ، ومُرَكِّبة الجزئي، والكلي. تظل هذه الأخيرة في مركز البحوث، والخطابات حول زعمٍ يكمن في جعل العلاقات الدولية علاقات شعبية، لكن يبدو أن هذه الديناميكية تضم عددا من الآليات، وتفرض، على هذا النحو، رؤى للعالم متباينة بشدة؛ لذا فإن التعددية يمكن أن تُفهم أكثر باعتبارها مصدرا إيديولوجيا، وعمليَّاتيا، لخدمة الفاعلين الدوليين.
2. المنافع العامة العالمية BPM (Biens Publics Mondiaux). تبدو المنافع العامة العالمية قبل أن تُمثِّل رهانا مهما من رهانات العلاقات الدولية، باعتبارها المُنتَج الأصلي لبناء اجتماعي يستقى معناه من نظرة متكاملة، بل مقدسة، للتنمية سواء في الزمان، والمكان. يبدو في هذا السياق أن معاينة، ومعرفة عبر دوليتين، يمكنهما أن يكوِّنا في الوقت نفسه ظرفَ إمكانية، وأدوات مفضلة لتقييم نهج موضوعي. من جهة أخرى، فإن هذه العقلانية المعاصرة تدخل في صراع عنيف أحيانا، مع الأطر التاريخية لسيادة القطاعات العامة، والخاصة المحدَّدَتين بدقَّة.
تحليل
يُقَدِّر عدد كبير من الملاحظين أن قمة كوبنهاغن قد قادت إلى اتفاق على الحد الأدنى مما هو متوقع، مُضَحِّية بالمصالح الإنسانية العامة، فقد تخلت، في الواقع، بِغِلظَة عن روح كيوتو. إنها تدعم، بالتأكيد، المبدأ السابع من تصريح ريو دي جانيرو (1992) المتعلق بـ ” المسؤوليات المشتركة، والمختلفة” بين الدول، لكنه يقتصر على تسجيل مقترَح GIECالفريق الحكومي الدولي المتعلق بتحديد ارتفاع درجات الحرارة إلى درجتين. كما أنه لا يقدم أي آلية دولية للمراجعة، والعقاب. يجب، من جهة أخرى، ملاحظةـ عدم توقيع أي دولة له رَسميا في ديسمبر 2009. أما الجمعية العامة للاتفاقية ـ الإطار للأمم المتحدة المتعلقة بتغيُّر المناخ CCNUCC ; فقد اكتفت بأخذ علم به.
ينبغي، مع ذلك، تجاوزُ هذه المقاربات المِعيارية؛ لِيُمكنَ الإحاطة، بطريقة أحسنَ، بمبادئ وخطوطِ قوة إدارة دولية ـ وبخاصة في مجال البيئةـ ما زالت إلى اليوم قيدَ التنفيذ. يعتبر اتفاق كوبنهاغن، الذي يأتي بعد 16 شهرا من سقوط لومان برذر Lehmann Brothers ، بعامة، مرحلة مهمة في طريق تعريف المجالات العامة، والخاصة؛ إذ ينبغي، بدلا من انتقاد الفردية الوطنية، بالأحرى، تحليلُ دور الأزمة الاقتصادية، والمالية ـ والعلاقات الجديدة التي ربطت بين منظمات دولية، وأنظمة بنكية، وحكومات، في تَسريع تَهجين أطُر الإدارة، وفي مساهمتها في جعل مصالح الجهات الفاعلة، التي أصبحت متعددة أكثر فأكثر، وقادرة، أكثرَ تباينا من ذي قبل. هكذا تعبر الاستراتيجيات التفاوضية للدول عن رؤى للعالم أكثرَ اختصاصا، وبالتالي يصعب التوفيق بينها. إن اختفاء الشفافية في مفاوضات كوبنهاغن، حيث استبعدت الدول النامية منها، كما أن المنظمات غير الحكومية لم تستطع الولوج إلى مركز المؤتمرات، قد ساهم في تقليص مواقف كل منها، وأضعف المواقف الطموحة.
يتعلق الأمر، إذن، بدرجة أقل بإفلاس النظام القائم على العلاقات مابين الدول، منه بمشكلة إقامة نظام متعدد يضم كل الأطراف المَعنيَّة، كالشركات، والمجتمعات المحلية، أو المنظَّمات غير الحكومية. من جهة أخرى، فعلى الرغم من أن تفكير الاتفاقية ـ الإطار للأمم المتحدة المتعلقة بتغيُّر المناخ CCNUCC ; مبني على أعمال الفريق الحكومي الدولي المتعلق بتحديد ارتفاع درجات الحرارة GIEC، منذ مؤتمر الأطراف الأول الذي انعقد في برلين في عام 1995، فإن أزمة الشرعية التي مر بها هذا الأخير فد أضعفت بشدة سلطاتِه؛ لذا فقد ظل تبَنِّي آلية قانونية ملزمةٍ، تُفرَض على كل الدول، أمرا بعيد الاحتمال تماما. لقد حدد اتفاق كوبنهاغن، بعكسه المنطق الذي ساد في كويوتو، وباستخلاصه الدروس من فشله؛ لأن هدف الخمسة في المائة لم يتحقق، إذن، إطارَ تعاون مبني على المُرونة، وعلى الرغبة الواحدة. وهو ما تشهد به الالتزامات التي أخذتها الدول على نفسها في هذا السياق ـ تلك التي نقلت إلى الاتفاقية ـ الإطار للأمم المتحدة المتعلقة بتغيُّر المناخ CCNUCC بتاريخ 31 يناير 2010ـ والتي يسمح اجتماعها باستهداف خفض يقدَّر مابين 13,3% ، و 17,9% من انبعاثات الدول الصناعية في حدود عام 2020 مقارنة بمستويات 1990، وهو قليل جدا إذا ما قورن بنسبة الخمسة والعشرين إلى الأربعين في المائة التي يرى الفريق الحكومي الدولي المتعلق بتحديد ارتفاع درجات الحرارة GIEC في التقرير الرابع (2007). أنها ضرورية. كما بَرمجت أوروبا خَفضا بنسبة 20% مقارنة بعام 1990، والولايات المتحدة الأمريكية 17% مقارنة بعام 2005 (أي 4% مقارنة بعام 1990)، وروسيا 25% مقارنة بعام 1990(مما يعني ارتفاعا قدره 13,5%عن عام2007)، كما تعهدت الصين بِخفض ما نسبته 45% من كثافة غاز الكربون مقارنة بعام 2005، والهند 24%.
إذن فالتعددية، يجب أن تكون، في المقام الأول، نافذة جديدة من الفُرَص، والتعبير عن الاستراتيجيات الفريدة. إن قمة كوبنهاغن لَترسمُ، في هذا السياق، معمارا جديدا للمشهد العالمي. كما يُعَدُّ الاتفاق جهازا مُعَولَما للتََوافُق.
المراجع
Kaul Inge, Grunberg Isabelle, Stern Marc (Ed.), Global Public Goods. International Cooperation in the 21st Century,New York, Oxford University Press, 1999
Keohane Robert O. (Ed.), International Institutions and State Power, Boulder, Westview Press, 1989.
Kindleberger Charles P., The International Economic Order. Essays on Financial Crisis and International Public Goods,Berkeley, University of California Press, 1986
Knight Andy, A Changing United Nations: Multilateral Evolution and the Quest for Global Governance, New York, Palgrave, 2000
Petiteville Franck, Le Multilatéralisme, Paris, Montchrestien, 2009
Feb 11, 2010 | Passage au crible (arabe), الصحة العامة العالمية, شمال- جنوب
Clément Pauleمقال: كليمن بول
ترجمة: حسيبة بن موسى
Passage au crible n°14
أعلن بيل وميلندا غايتس خلال الاجتماع السنوي للمنتدى العالمي الاقتصادي في التاسع والعشرين من كانون الثاني سنة ألفين وعشرة بدافوس أنّ مؤسستهما ستموّل بحث وتطوير وتوزيع لقاحات جديدة في البلدان النامية بقيمة عشرة ملايير دولار إلى غاية سنة ألفين وعشرين. وحسب المدير العام السابق لمايكروسفت من المتوقع أن يحدّ هذا الاستثمار بشكل واضح من معدل وفيات الأطفال بالأمراض المعدية. إنّ أغنى رجل في العالم (حسب ترتيب فوربس لسنة ألفين وتسعة) يصبو إلى المشاركة في تحسين الصحة العامة العالمية عن طريق مؤسسته التي أُنشأت عام ألف وتسعمائة وتسعة وتسعين. تُعتبر مؤسسة بيل وميلندا غايتس فعليا أوّل منظمة خيرية في العالم مع اعتمادات مالية تُقدر بحوالي أربعة وثلاثين دولار في أيلول سنة ألفين وتسعة. فرض هذا الفاعل الخاص في غضون عقد من الزمن نفسه على المستوى العالمي كأهم مؤسسة في السياسة الصحية لدرجة أنّ اشتراكاته السنوية في هذا المجال تعدت ميزانية المنظمة العالمية للصحة والتمويلات الثنائية للكثير من الدول (وقد تخطت اشتراكاته مليار دولار سنة ألفين وسبعة).
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
تطور هذا النوع من المنظمات الخيرية، التي يكون مموّلها عملاق من عمالقة الصناعة، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من قرن. هناك العديد من الأسباب التي ساعدت على ظهور مثل هذه المنظمات بالولايات المتحدة الأمريكية منها المكانة التي يحتلها هذا البلد، قطاع الجمعيات غير انتفاعي ( القطاع غير ربحي أو ما يُسمى بالقطاع الثالث) أو أخلاقيات العمل.
في الواقع ساعد ثراء جيل من المؤسسات الصناعية الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر في ظهور تلك المنظمات الخاصة. ثلاث مؤسسات “الكبار الثلاث” تُجسد أوّل هذه الظاهرة : كارنجي ألف تسعمائة وإحدى عشر، روكفولر ألف تسعمائة وثلاثة عشر وفورد ألف وتسعمائة وستة وثلاثين. هذه المؤسسات تختلف عن المؤسسات الخيرية التقليدية وذلك عن طريق رغبتها في ترشيد التبرعات وضخامة هباتها ولقد وصلت بسرعة إلى العالمية من خلال الاستثمار في مجال التعليم وحفظ السلام والطب. علاوة على اتهامهم بتشجيع التهرب الضريبي، هذه المؤسسات متهمة أيضا بنشر الامبريالية الثقافية الأمريكية. وقد أظهرت البحوث التي خصّت “الكبار الثلاث” مدى تأثير هؤلاء الأعضاء على السياسة الخارجية الأمريكية. إلى يومنا هذا لا تزال هذه المؤسسات موجودة حتى أنّ ثرواتها زادت عما كانت قبل ففي سنة ألفين وثمانية، كانت مؤسسة فورد على سبيل المثال تملك أكثر من إحدى عشر مليار دولار.
ومع أنّ هذه المؤسسات الخيرية قد استطاعت أن تتأقلم مع تطورات القرن العشرين إلاّ أنّها تتعرض للمنافسة من قبل جيل جديد من المؤسسات الخاصة. تكوّنت هذه الأخيرة من طبقة ارستقراطية حديثة تتألف من رجال أعمال استفادوا من التقنيات الجديدة وتحرير الأسواق ويُعتبر بيل غايتس، عائلة والتون وإلي برود من أهم ممثليها. أمّا ورن بوفيه فقد تعهد سنة ألفين وستة بمنح الحصة الأكبر من ثروته أي ما يقارب ثلاثين مليار دولار لمؤسسة غايتس وذلك على مدى عدة سنوات. هذه الأموال الضخمة سمحت للمدير العام السابق لميكروسفت بالاستثمار بكثرة في برنامج صحي موجه للبلدان النامية. والجدير بالذكر أنّ مشاركة هذه المؤسسات الخيرية في هذا الميدان ليست بالجديدة، أليس في مخابر مؤسسة روكفولر قام ماكس تيلير (جائزة نوبل في الطب لعام ألف وتسعمائة وواحد وخمسين) بضبط اللقاح ضد الحمى الصفراء سنة ألف وتسعمائة وسبعة وثلاثون؟ ومع هذا ومنذ أكثر من عقد من الزمن استطاعت تمويلات مؤسسة غايتس الضخمة أن تسجّل نقلة نوعية هامة.
الإطار النظري
1 الرأسمالية الخيرية
قام رجال الأعمال “الاجتماعيين” الجدد ومنهم غايتس بترشيد “القطاع الثالث” وذلك بإدخال تقنيات مؤسساتية مستخدمة من طرف شركات ناشئة. تتعارض هذه العقلية مع العقلية الخيرية التقليدية، فالأولى تنتقد عبء المعاملات البيروقراطية للثانية وتركّز على المرونة والتقييم والمردود الاجتماعي للاستثمار.
2 دبلوماسية الفاعل الخاص
منذ نشأتها ساهمت مؤسسة غايتس في العديد من الابتكارات في مجال الصحة. بالرغم من كون المنظمات العالمية والدول الفاعل الأساسي في هذا المجال إلاّ أنّ المساهمات المالية لهذه المؤسسة الخيرية العملاقة تمنحها الحق في فرض دبلوماسية حقيقية. هذه الثأثير المعياري له آثار على شكل ومحتوى السياسات العالمية في مجال الصحة.
تحليل
لا يمكن تفسير قوة مؤسسة غايتس من دون الأخذ بعين الاعتبار تغير وضع المنظمة العالمية للصحة خلال سنوات التسعينات عندما واجهت أزمات مالية واختلافات داخلية فاضطرت للجوء إلى إستراتيجية الانفتاح على الفاعل الخاص والتي بإمكانها دمج أكبر المنظمات الخيرية والمؤسسات العالمية لخلق شراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. ولكن بعد ذلك، حدّدت هذه الكيانات على المستوى العالمي ماهية البرامج الصحية وتنفيذها خاصة في مجال مكافحة الأمراض المعدية. من جهتها تواجدت مؤسسة غايتس بكثرة في هذه الهيئات مشاركةٌ في تمويل حملة مكافحة الأيدز ومرض السل والملا ريا كما أنّها لعبت دورا هاما في إنشاء التحالف العالمي للقاحات والتحصين وذلك بتوفير سبعمائة وخمسين مليون دولار للمشروع. لكن استثمار غايتس لا ينحصر في مشاركة مالية فقط لأنّ خبراءه يتواجدون أيضا في اللجان المشرفة على الشراكة. وقد دعمت المؤسسة إنشاء آليات مالية جديدة (مثل مرفق التمويل الدولي للتحصين) يمكن أن تكون مهمة بالنسبة للصناعة الصيدلانية التي تبحث عن لقاحات جديدة.
الإستراتيجية التي يروج لها بيل غايتس هي عبارة عن تحصين عام لصالح البلدان النامية ويُعتبر هذا حلا ناجعا وفعّالا. ولذلك أطلق المدير العام السابق لميكروسفت مبادرات باءت بالفشل في الماضي من بينها إمكانية القضاء على الملاريا عام ألفين وثمانية.ومع هذا وصف بعض المختصين في الصحة العامة والتطوير هذا التوجه بضيق الأفق ونددوا بوجود أيدلوجية تكنولوجية. برأي هؤلاء المختصّين هذا التوجه العمودي يتجاهل الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحقائق المحلية. بالاضافة إلى ذلك، تتخوف بعض الشخصيات العلمية من وجود فاعل خاص قادر على فرض أولوياته إلى هذه الدرجة. ولقد اشتكى المسؤول عن برنامج مكافحة الملاريا لدى المنظمة العالمية للصحة عام ألفين وسبعة من ضغوطات تعرض لها من قبل مؤسسة غايتس حتى يوافق على تبني البرنامج المثير للجدل (العلاج الوقائي المتقطع). بشكل عام يمكن لتدخل العملاق الخيري في إدارة الصحة العالمية أن يُحدث بعض الاضطرابات في سياسات الصحة الوطنية للبلدان النامية. وفي هذا الصدد، يمكن أن يكون للرهان على اللقاحات تأثيرات هامة فقد يؤدي هذا إلى عدم توازن العروض الصحية وذلك على حساب خدمات التوليد والتغذية التي لا تعرف رواجا إعلاميا كبيرا. يشيد العديد من المراقبين بالمساهمة المالية التي تقدمها مؤسسة غايتس ولكن هناك العديد أيضا من التحفظات فيما يخص هذه المساهمات وهي نفس التحفظات التي وُجّهت لروكفولر ولفورد وقت إنشائهما. وبالتالي يمكن أن يخفي الخطاب التقني والشركوي للرأسمالية الخيرية وراءه إعادة انتشار للقوة الأمريكية الناعمة. ودون حكم مسبق على مؤسسة غايتس ونواياها فمن الواضح أنّ مساهمتهم في هذا المجال قد أدّى إلى تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص وآليات التمويل المختلطة. ومع ذلك فإن وجود مثل هذه الشراكة ما هو إلاّ إضفاء للشرعية على هذه السوق.
المراجع
Abélès Marc, Les Nouveaux riches. Un ethnologue dans la Silicon Valley, Paris, Odile Jacob, 2002
Guilbaud Auriane, Le Paludisme. La lutte mondiale contre un parasite résistant, Paris, L’Harmattan, 2008 Coll. Chaos International
Muraskin William, « The Global Alliance for Vaccines and Immunization: is it a New Model for Effective Public-Private cooperation in International Public Health? », American Journal of Public Health, 94 (11), nov. 2004, pp. 1922-1925
OCDE, Fondations Philanthropiques et Coopération pour le Développement, Tiré-à-part des Dossiers du CAD, 4 (3), 2003
Piller Charles, Smith Doug, “Unintended Victims of Gates Foundation Generosity”, Los Angeles Times,16 décembre 2007, à l’adresse web:
http://fairfoundation.org/news_letter/2008/01march/criticism_of_gates_foundation.pdf
Feb 2, 2010 | Passage au crible (arabe), الأمن, الدفاع
مقال: ايرفي بيير Hervé Pierre
ترجمة : فؤاد القيسي
Passage au crible n°13
أعلن حامد كرزاي، في 28 من الشهر الأول لعام 2010، في مدينة لندن أمام ممثلي 70 دولة أنه “علينا أن نمد يدنا إلى أبناء وطننا، خصوصا إلى أخواننا الذين خُدعوا، والذين لا ينتمون إلى القاعدة، أو إلى أي تنظيم إرهابي آخر”. لقد بات خيار المصالحة، الذي بدأه الرئيس الأفغاني منذ عام 2003، والذي يُميِّز بين الصالحين والطالحين من طالبان، أولوية سياسية عام 2009 بالنسبة لكابول؛ وهو خيار ستتم ترجمته بعقد مجلس تقليدي موسع في ربيع عام 2010 ، وبتخصيص ميزانية تبلغ 358 مليون يورو؛ لردع الفقراء من الانضمام إلى المتمردين.
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
لقد أدى الاحتلال السوفيتي، الذي تلى سقوط الرئيس الأفغاني، إلى ظهور جماعات مقاومة -أثناء الحرب الباردة- دعمتها الولايات المتحدة.دعما كبيرا غير أن وحدة هذه الجماعات الجهادية لم تستمر بعد انسحاب الجيش الأحمر منذ عام 1989؛ فعمت الفوضى وأودى التنافس بين القادة بحياة العديد من المدنيين. لذا فقد قامت مجموعة من الطلاب، يزعمون إعادة النظام والعدالة عام ،1922 بالالتفاف حول المُلَّى عمر في المناطق القبلية الباكستانية؛ وحصدت النجاح العسكري تلو الآخر وبلغت ذروتها بالاستيلاء على كابول عام 1996.لكن هذا النظام الجديد، الذي لم يكن في بداياته معاديا للغرب، تطرف سريعا بعد اتصاله بابن لادن؛ فبنى برنامجا سياسيا مستندا على الشريعة، وحابي صراحة عرق البشتون.
أطاح حلف شمال الأطلسي–الذي تدعمه الولايات المتحدة- بحكومة طالبان عام 2001 التي سقطت سياسيا عام 2002 بعد سقوط قندهار؛ فأخذ المتمردون تدريجيا على عاتقهم الحكم عام 2003. هذه الجماعات المتمردة تتكون من عدد لا يحصى من المجموعات المتنافسة التي تتفق على مقاومة أي شكل من أشكال التدخل الخارجي؛ وتتباين توجهاتها فيما بينها تباينا كبيرا، كما لا يخفى حدة وصلابة مواقف بعض القادة الذين التحقوا بهذا الركب في وقت متأخر بعد انفصالهم عن طالبان. ألم تتحدت صحيفة الايكونومست عام 2003 لأول مرة عن طالبانية جديدة لوصف ما يجده بعض الباحثين، أمين ترازي مثلا، ظاهرة جديدة تماما.
الإطار النظري
الخطاب الأدائي، الذي يهدف لشيطنة الخصم، يخدم، للمفارقة، مصالح الفريقين المتواجهين في عراك مطلق. لكنه يقلل من فرص وجود وجهة نظر ثالثة تسعى للتمييز بين الصالح والطالح.
1. الخطاب الأدائي. أظهر ج.ل.أوستن أن بعض الخطابات لا تؤدي دورا وصفيا أو إخباريا، لكنها تشكل غاية في ذاتها. تفترض تسمية المتمردين الأفغانيين باسم طالبان أن هنالك وحدة على أرض الواقع بين مجموعات المقاتلين، وأنه يمكننا الربط تاريخيا بين الحركة التي أدارت أفغانستان بين عامي 1996 و 2001. أضف إلى ذلك أن الوزن العاطفي الذي يفوح به هذا المصطلح يعتبر سلاحا سياسيا يخدم مصالح الفريقين المتنافسين على حد سواء.
2. الشيطنة. يُنظر إلى المنافس كأنه كتلة واحدة متجانسة العناصر، ويتم تعريفه سلبيا، باعتباره مناقضا لنموذج آخر. تعد الرغبة في إعلاء شأن المرجعيات الخاصة – لجماعة أو فكرة ما- أساس هذه الرؤية الساذجة والمشوهة تجاه الواقع، التي قام روبرت جيرفس بتحليلها. كما تؤدي هذه الرؤية –لانعدام التعاطف فيها مع الطرف الآخر- إلى جحدان الأهمية، بل جحدان وجود عقلانية لدى الآخر. فالآخر، الذي حُصر في جوهر مفترض، يعكس صورة العدو المطلق، محفَّزِ الهموم، والأوهام، والمخاوف.
تحليل
لا شك في أن السعي إلى المصالحة عبر إعادة دمج فصيل من فصائل طالبان في اللعبة السياسية الوطنية يعد تطورا كبيرا يدلل على تقييم حاذق لهؤلاء المتمردين. كما أن هذه السياسية، إن تحققت فعلا، ستعلن موت طالبان حقيقة – بنقص المقاتلين- ومجازا باختفاء الخطابات الموحدة. لكن ثمة مشكلتين رئيسيتين تواجهان هذا التوجه.
1. عقيدة الحرب ضد الإرهاب. يدلل تشجيع سياسية مصالحة وطنية – كما يفهمه المؤثرون على المشهد السياسي الأفغاني- على ضعف الرئيس كرزاي لا على قوته. فالرئيس – الذي يعاني من تراجع شعبيته ومصداقيته بعد التزييف الذي تم في انتخابات الشهر الثامن من عام 2009- لا يحظى بعلاقات طيبة مع إدارة الرئيس أوباما. لذا فإن حتمال خفض عدد أفراد قوات التحالف بشكل كبير في أفق عام 2011 لا يترك له خيارات أخرى؛ فهو مجبور على زيادة إمكانياته البشرية. إن الجهاز التنفيذي الأفغاني لن يكتفي بنزع سلاح رجال العصابات، فهو يطمح في اكتساب قدرة تمكنه من قلب موازين القوى القائمة. هكذا تظهر المصالحة من أجل السلام تغريرا، أو حسابا سياسيا للرئيس كرزاي يهدف فقط إلى تقويته شخصيا في إطار حربي.
كما تبرر شيطنة العدو الحربَ المزمعة، وتبرر جمع الأموال، وتقوية الجيش، ويفترض فيها أن تجني دعم الرأي العام غير المشروط؛ لأنهم يواجهون عدوا داخليا متصلا بمجموعة مسلحة عالمية يديرها الملى عمر، وربما أسسها ابن لادن. أما بالنسبة للجانب الأمريكي، فقد اختارت هيلاري كلينتون استخدام ورقة الخوف من العودة إلى الانغلاق الديني، مفضلة بذلك جَوهَرة [تجميد] طالبان بدلا من الاعتراف لها بشيء من العقلانية. لكنها أعلنت في آخر المطاف، حتى تساند سياسة التقارب هذه، قائلة :”لا يجنح المرء إلى السلم مع أصدقائه”. إذن لا ترى الولايات المتحدة، التي شرعت بحرب ضد الإرهاب في العالم، سوى قسمين ينفيان بعضهما، ولا يتركان المجال لمنهج آخر بالوجود.
2. الرفض باعتباره مصدرا ناجعا. يمنح كل تنظيم أو عنصر هامشي نفسه منزلة كبيرة – بجهد بسيط – بوصف نفسه من طالبان على المستوى الداخلي؛ وقد تكون هذ المنزلة المكتسبة دون علاقة منطقية مع إمكانياته الحقيقية، لذا يدرج كثير من رجال العصابات في وادي تاجب صراعهم المحلي والنفعي ضمن تصور خيالي يتعدى حقيقة الصراع. لكن هذه الكذبة تعينهم لوجستيا وترفع من شأنهم. أما على المستوى العالمي، فيقوم قادة، الجهاد العالمي الذين يلجؤون إلى باكستان، بنشر أشكال عديدة من العنف الاجتماعي، وربطها بأسمائهم، واستغلالها بالتالي على الصعيد العالمي. فكم مرة رفض هؤلاء الذين يجعلون من حربهم ضد الغرب سلعة اقتراحات لندن جملة وتفصيلا؟ ألم يشر مجلس قيادة طالبان بوضوح يوم 28 من الشهر الأول إلى “أن محاولات العدو شراء المجاهدين بمنحهم المال وفرص العمل ليتركوا الجهاد محاولات فاشلة”؟
يخفي مشروع المصالحة الوطنية الأفغانية بصعوبة نقاط لُبسه الكثيرة؛ فهي سياسة ستلقى التشجيع وفقا للحسابات، وسيدعمها الجميع افتراضيا، لكن سترفضها الأطراف الرئيسة برمتها. لذا يظهر البيان الختامي لمؤتمر لندن شديد الدلالة في هذا السياق؛ لأنه لم يذكر كلمة المصالحة سوى مرة واحدة رغم النقاشات الطويلة.
المراجع
Tarzi Amin, Crews Robert D., The Taliban and The Crisis of Afghanistan, Cambridge, Harvard University Press, 2008
Austin John, Quand dire, c’est faire, trad., Paris, Seuil, 1970
Ledgard Jonathan, « Taking on The Warlords…», The Economist, 22 mai 2003.
Jervis Robert, Perception and Misperception in International Politics, Princeton, Princeton University Press, 1976
Jan 26, 2010 | Passage au crible (arabe), الصحة العامة العالمية, الممتلكات العامة اﺍلعالمية, شمال- جنوب
Clément Paule مقال كليمنت بول
ترجمة آيات الشيخ
Passage au crible n°12
الاجتماع البرلماني للمجلس الأوروبي (APCE) يتوجب عليه في نهاية يناير 2010 بدء تحقيق بشأن تهديد الأوبئة الكاذبة، في الحقيقة إن لجنة الصحة الفرعية لهذه المؤسسة في اقتراح صوت عليه في تاريخ 18 ديسمبر 2009 ، اتهمت الصناعة الدوائية ومنظمة الصحة العالمية بعقد اتفاقيات مشتركة. في هذا الحال يتعلق الأمر بتقييم إدارة مشكلة وباء حمى H1N1.
أخذت هذه المشكلة أبعادا أكبر بسبب التقارير الأخيرة عن الأوبئة التي تؤكد تراجع نشاط الفيروس في العديد من الدول خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية وفي الجزء الأكبر من أوروبا وآسيا.إن المختبرات الكبيرة (Big pharma) موضع إتهام في المساهمة في تضليل الناس، الأمر الذي مكنهم من بيع منتجات لم تختبر بشكل كاف. يبدو أن هذه الشركات استغلت السياسات العامة للتطعيم. المختبر البريطاني ( (GSKالذي سوق بشكل كبير للقاح (Pandrmix أعلن كذلك في تاريخ 15 يناير 2010 عن عائد مالي يبلغ 945 مليون يورو للفصل الرابع من العام 2009 .
> نبذة تاريخية
> الإطار النظري
> تحليل
> المراجع
نبذة تاريخية
تسبب فيروس H1N1منذ ظهوره في ربيع 2009 بأكثر من 14,000 حالة وفاة في 209 دولة، كانت المكافحة الدولية ضد الوباء قد توجهت سريعا نحو إجراءات تطعيم مبرمجة من قبل مجموعة من الخبراء (SAGE) التابعة لمنظمة الصحة العالمية. وعلى الرغم من ذلك أتسمت استراتيجيات الوقاية المتخذة من قبل السلطات الوطنية بالتنوع، وفي هذا الصدد مالت بعض الدول مثل فرنسا، كندا أو سويسرا لتغطية التطعيم على أقصى مستوى، مستهدفة أكثر من 75% من السكان. في المقابل قررت ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية سياسة أكثر اعتدالا، وعلى نفس المنهج تم تطعيم ما يبلغ 5% فقط من الصينيين، ما يعادل 65 مليون شخص منذ بداية عام 2010. أما الحملات الفيتنامية والسعودية فقد بدأت في نفس الفترة. وعلى العكس من ذلك تعتبر بولونيا حالة استثنائية حيث رفضت في شهر نوفمبر 2009 شراء أي منتجات دوائية. باعتبارها غير مجدية، من جانب آخر يجب التنويه بأن العديد من الدول لم تتمكن من الولوج مباشرة لسوق اللقاحات في حين أن الطلبات الجماعية من دول القسم الشمالي من الأرض ، أكثر من مليار لقاح في سبتمبر 2009 ، قد تم منحها الأولوية.
تغيير خطة التطعيم خلال 2009 عن طريق تقليل الجرعات إلى جرعة واحدة بدلا عن اثنتين كما كان مقررا مسبقا. هذا الإجراء أدى إلى زعزعة السياسات الوطنية والتسبب بكمية فائضة من الجرعات. أدى هذا الوضع لتعاظم تردد الشعوب في أخذ اللقاح، حيث تم تطعيم 8% فقط من الفرنسيين، أي ما يعادل 5 ملايين، وبالكاد نصف مليون مغربي، كذلك أقل من 4 ملايين بريطاني. في النهاية 62 مليون أمريكي اتبعوا توجيه منظمة الصحة العالمية على الرغم من التأريخ السابق في عام 1976 حين أدى الشك بظهور وباء حمى الخنازير لإستنفار حملة وقائية كبيرة.
الإطار النظري
1. مبدأ الاحتياط . مذكور في إعلان ريو عن البيئة والتنمية في يونيو 1992 الذي يجيب على الشكوك الناتجة عن عن الأخطار البيئية و الصحية ومسجل في الدستور الفرنسي في عام 2005 بعد قضايا الدم الملوث ومرض جنون البقر،وقد ذكر هذا المبدأ لتبرير حملات الوقاية الجماعية في مواجهة الفيروس H1N1.
2. النزاعات السوسيوتقنية، هذا المفهوم المقترح من قبل ميشيل كولون، بيير لاسكوم ويانيك بارث، يرمي إلى إعادة النضال حول تعريف الأوضاع التي يصعب التحكم فيها، هنا إدارة مشكلة الوباء تسجل في سياق الشك حيث يرفض خطاب السلطة العلمية من قبل عدة معاينات منافسة.
تحليل
إن ريادة منظمة الصحة العالمية في إدارة مشكلة الوباء أظهرت القوة النموذجية لهذه المؤسسة في تقييم محتوى السياسات الوطنية للوقاية. وعلى الرغم من ذلك سقطت شرعية هذه المنظمة حين أقرت رئيستها في 18يناير2010 بحذر زائد عن الحد في مواجهة حمى H1N1 وبررت ذلك بحتمية الصحة العامة. ذكر مبدأ الاحتياط فتح مجالا من الفرص للعديد من الناقدين الذين يطالبون بكشف بديل أو حتى غير متخصص. ننوه في هذا الصدد بأن بعض الأطباء أعلنوا بسرعة عن شكوكهم تجاه حملات التطعيم بالرغم من أن منظمة SAGEقد نصحت بها.
على سبيل المثال ، أشار أحد الأطباء في يوليو 2009 للفوائد المالية و الصناعية الناتجة عن التقييم الزائد عن الحد لتهديد فيروسات الزكام، ولكن منظمة الصحة العالمية كانت أيضا هدفا للنظريات التي اتهمت المنظمة بأنها قد خلقت بكل بساطة الوباء.
الصحفية جان برقيس حررت بلاغا ضد المنظمة ومختبر باكسر، منذ يونيو 2009 بتهمة الإرهاب البيولوجي و محاولة إبادة جماعية.
هذه الاتهامات التي لم تأخذ حيزا كبيرا إعلاميا لحد اليوم عادت لدائرة الضوء بسبب فشل حملات التطعيم، يجدر بنا أن نذكر 13 مليونا من الجرعات المطلوبة لسويسرا ل7.7 مليون من السكان وذلك لمواجهة داء متوسط الخطورة في نهاية الأمر. لهذا السبب قام الخبراء الخمس عشر لمنظمةSAGE بتركيز اتهامات التواطؤ مع الصناعة الدوائية المعروفة بقدرتها على التجمع المريب ، منذ ديسمبر 2009 كانت منظمة الصحة العالمية تحت طائلة المسائلة للعديد من الإثباتات العامة المقدمة من دول أعضاء مثل الهند وفيتنام، ومن جانب آخر توجب عليها أيضا تقديم ضمانات شفافية وفي نفس الوقت، على الرغم من سرية المناقشات، إقامة حدود تضمن تفادي تورط خبرائها في أي صراعات على المصالح . ولكن على حساب فقدانهم للهيمنة على الخطاب العلمي المتعلق بالتقنيات، حيث تبدو هذه التقنيات غير شرعية، هذا الشكل من المعرفة المندمج في شكله المطلق مع أيدلوجية ما حسب جرجان هبرماس يبدو محتجا عليه عن طريق اتهامات مفتوحة وذلك كله بقدر المقاومات السلبية مثل النسب الضعيفة للتطعيم على الرغم من توصيات منظمة SAGE.
إن الازدياد والاستماع المتعاظم للخطابات البديلة التي تأخذ شكل المعاينات المنافسة المتعددة تصاحب هشاشة النموذج الأفقي للمعلومة والقرار. هذا السياق لا يتم بدون ذكر نزاعات أخرى سوسيوتقنية مثل قضايا الدم الملوث أو جنون البقر التي اختلطت فيها عدم الدقة العلمية والاستراتيجيات المختلفة من الممثلين لهذه المنظمة، في الحقيقة إن خصوصية الحالة المطروحة هنا تدل أكثر على الأثر الفاسد الذي تؤدي إليه الوقاية. ويشهد على ذلك دفاع بعض الحكومات الواقعة تحت المساءلة بسبب إداراتها لمسألة الخطر الوبائي. كذلك عندما ردت وزيرة الصحة الفرنسية على مناوئيها بذكر مبدأ الحماية. هذا المبدأ، حسب فرانسوا ايوالد يحتم المبالغة في تقييم التهديد، ويبدو ذلك ضروريا للقادة، خصوصا في حالة الشك، في الواقع إن التكلفات السياسية لكارثة محتملة ستقودهم بطريقة تلقائية لتوقع الأسوء. حسب هذا المنطق ستعتمد الحركة العمومية أكثر من السابق على المعاينة التي يفترض بها أن تحدد الخطر
من مصدره. وعلى الرغم من هذا في حالة الفضيحة ستتبعها مسؤولية ذائبة بين الحكومات ومستشاريها الماليين، الأمر الذي يمكن أن يؤدي لفقدان كامل للشرعية. إن إفلاس المعاينة الرسمية قليلة الشفافية يمكن لها أن تضيف للخطر الصحي أخطار سوق للقلق سهل الاستغلال.
المراجع
Callon Michel, Lascoumes Pierre, Barthe Yannick, Agir dans un monde incertain. Essai sur la démocratie technique, Paris, Seuil, 2001.
Ewald François, Gollier Christian, De Sadeleer Nicholas, Le Principe de précaution, Paris, PUF, 2009. Coll. Que sais-je ?
Habermas Jürgen, La Technique et la science comme « idéologie », Paris, [1968], Gallimard, 1990.
Consulté le 31 octobre 2009, à l’adresse : http://www.invs.sante.fr/international/notes/strategies_vaccinales_a_h1n1_monde_311009.pdf [22 janvier 2010].
Page du site de l’OMS consacrée à la pandémie de grippe A/H1N1 : http://www.who.int/csr/disease/swineflu/en/index.html [26 janvier 2010].