PAC 51 – انتهاك الاحتكار الدبلوماسي للدول مثول الجندي الأمريكي مانينغ أمام القضاء العسكري، 16 ديسمبر 2011

مقال: جوزيفا لاروش Josepha Laroche

ترجمة: بن براح مصطفى Benberrah Moustafa

Passage au crible n°51

Bradley ManningSource: Wikipedia

مَثَل في 16 ديسمبر 2011 الجندي الأمريكي برادلي مانينغ أمام القضاء العسكري في فورت ميد بولاية ماريلاند. ويشتبه في انه من زود ويكيليكس بين نوفمبر 2009 ومايو 2010 بوثائق الجيش الامريكي حول الحرب في العراق وأفغانستان. كما انه قد يكون حمٌل وأرسل 000 260 برقية دبلوماسية صادرة من وزارة الخارجية. و تخص هذه الوثائق العديد من البلدان والشخصيات السياسية والعسكرية. واتهم بالتالي هذا الجاسوس المزعوم “بالتواطؤ مع العدو” ، “نشر معلومات عسكرية” ، “نشر معلومات عبر شبكة الأنترنت رغم معرفة أنها ستكون في متناول العدو”، و “الاحتيال وخيانة النظام العسكري “.
يتواجد برادلي مانينغ البالغ سن 23 سنة في السجن منذ يوليو 2010، و يحظى بتغطية إعلامية واسعة، و بتأييد بين الشعب الأميركي، ولا سيما بين دعاة السلام. وقد ندد دفاعه مباشرة بتحيز المحكمة. حيث طالب من المدعي العام العسكري إعادة النظر في موقفه ولكنه لم ينفذ. و دامت الجلسة التمهيدية خمسة أيام. خلال هذا المثول، لن يتم تحديد ما إذا كان الجندي مذنبا أم بريئا ، بل اكتفت المحكمة بعرض الاتهامات التي تستهدفه. و قرر المحققون ما إذا توجب عرض القضية أمام محكمة عسكرية. في كل الأحوال، فإن المحاكمة لن تبدأ قبل ربيع عام 2012. ومع ذلك، يتعرض المدعى عليه إلى إمكانية الحكم بالسجن مدى الحياة.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

تم إنشاء موقع ويكيليكس في ديسمبر 2006، و هو المستفيد المزعوم من تسرب المعلومات، و بذلك يعتبر طرف غير مباشر في هذه القضية. ويَكشف منذ ذلك الحين، بطريقة مجهولة، غير قابلة للتعريف و آمنة معلومات سرية ذات طبيعة سياسية، اجتماعية، اقتصادية وعسكرية. و يعمل بذلك من أجل شفافية يريدها عالمية. وفقا لمؤسسها جوليان أسانج، تخضع المصادر التي تتلقاها شبكته للتحليل و التعليق والتحسينات “للنظر من طرف مجتمع عالمي من المراجعين والمحررين والمصححين المطلعين ” و هدفه على المدى الطويل أن يصبح “جهاز المخابرات الأكثر نفوذا في العالم”. و قد اعتبرت الادارة الاميركية هذا المشروع الذي يضم خبرة برادلي مانينغ – محلل استخبارات في العراق- كمؤامرة ببساطة.

الإطار النظري

تجدر الإشارة إلى نقطتين :
1. إعادة النظر في التقسيم المقدس / المدنس في أساس للدول. بنيت سلطة الدولة على قانون الاحتكارات كما شرحه نوربرت إلياس ، وبعبارة أخرى على مبدأ الاستبعاد. لكن تحدى كل من برادلي مانينغ و موقع ويكيليكس مباشرة الاحتكار الدبلوماسي بالتعدي على جميع المحظورات التي تتعلق بفضاء الدولة. ليس من المستغرب في هذه الظروف مضاعفة رؤساء الدول والحكومات تصريحات العداوة، وقرارهم تجريم الملف.
2. انتهاك قانون السرية. لا يمكن أن يزدهر الحوار والتفاوض بين الدول دون وجود جانب من السرية. و هكذا، منذ قرون ، تم اخفاء الاتصالات مع وكلاء الدول الاخرى والتعليمات التي يتلقونها من الممثلين السامين. كما يتم تشفير المستندات تلقائيا وفقا لنظام رموز معقد فيما يخص الرسائل الرسمية البسيطة أو الأكثر سرية. في هذه الحالة ، يمثل هذا القانون تقنية وشكلا من أشكال العمل السياسي الذي يعطي قيمة لمعلومات لم تكن بالضرورة ذات أهمية ما اذا أمكن الوصول إليها بأكثر بساطة. إن الممنوع يزيد من قيمة المعلومة ويحمي احتكار الدولة. و هكذا، يجب اعتبار السرية كسمة أساسية لامتلاك السلطة التي تعطي أصحابها امتيازا وتضعهم في موقف استثناء. وبعبارة أخرى، فقد انتهك برادلي مانينغ كل هذا النظام بكشفه للعالم بيانات تعتبر من أسرار الدولة.

تحليل

لأكثر من ثلاثة قرون، كانت تستند السياسة العالمية على نظام الدول ذات السيادة التي لا تعترف بأي سلطة فوقها. لأكثر من ثلاثة قرون، حلت هذه الدول صراعاتها عن طريق الحرب أو الدبلوماسية. ولكن مع نهاية الحرب الباردة شهدنا توزيعا جديدا للقوى في العالم، فانهار هذا النظام الهرمي الدولي الذي كان سائدا حتى الآن. منذ ذلك الحين لم تبقي الدول الأطراف الرئيسية بحيث ضعفت أنظمة تحالفاتها التي كانت تميز حتى الآن النظام الدولي. تدل قضية برادلي مانينغ / ويكيليكس في هذا الصدد على منافسة عالم الدول الآن من طرف عالم متعدد المراكز ومعقد متكون من جهات فاعلة غير حكومية. تظهر هذه “الجهات الفاعلة خارج السيادة” (روزنو Rosenau)، متنوعة جدا و أكثر استقلالا، وغالبا ما تتنافس مع بعضها البعض. باختصار، فإن هذه القوى الكامنة قادرة على الاستفادة من إعادة توزيع السلطة.
في هذا السياق ، فإننا نلاحظ أيضا أن عولمة المعلومات والثورة الرقمية لا تمثل فقط ثورة في التحرير والنموذج الاقتصادي للصحافة في العالم ، حيث أنها تساهم أيضا في تغيير عميق لهيكل الدولة. في الواقع، عُوضت المفاهيم الكلاسيكية، كالإقليم، السيادة، سلطة الدولة، واحتكار الدبلوماسية بظهور تضامن لأطراف متعدية الحدود و غير الحكومية. الآن ، يجب أن تتعامل الدولة مع جميع الجهات الفاعلة الغير الحكومية كالصحافيين والجمعيات والجماعات الغير رسمية الناتجة من الشبكات الاجتماعية، وحتى الأفراد المتخصصينskillful individuals مثل مانينغ، الذين باسم مفهوم للديمقراطية والمواطنة الإلكترونية والحرية أو حتى لإبراز براعة “غيك geek” في استعمال الكمبيوتر، يستخدمون شبكة الإنترنت للدفاع عن قضيتهم ومحاولة الحفاظ على أي حق مراقبة على للدولة.

المراجع

Elias Norbert, La Dynamique de l’Occident, trad., Paris, 1975
http://www.guardian.co.uk/world/blog/2010/dec/03/julian-assange-wikileaks http://www.wikileaks.ch/
http://www.cbsnews.com/8301-504803_162-20029950-10391709.html?tag=contentMain;contentBody
Rosenau James N., Turbulence in World Politics: a Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
Simmel Georg, Secret et sociétés secrètes, [1908], trad., Paris, Circé, 1991
Strayer Joseph, Les Origines médiévales de l’État moderne, trad., Paris, Payot, 1979

PAC 50 – انتصار الطريقة الأمريكية في الحياة فشل السيارة الهندية، نانو

مقال: الكسندر بوهاس Alexandre Bohas

ترجمة: بن براح مصطفى Benberrah Moustafa

Passage au crible n°50

أعلنت وسائل الاعلام الغربية مشيدة على سيارة نانو في مارس 2009 كسيارة العالم الناشئ في حين انتقاد آخرين للتلوث الناتج في حالة ادخالها الى السوق. ومع ذلك، اتفق الجميع على القول انها ستمثل للبلدان الصناعية الجديدة مرادفة سيارة فورد – طراز تي T في فترة العشرينات. لكنها من الواضح لم تحصل على النجاح المتوقع.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

مثل بقية الاقتصاد، تشهد صناعة السيارات الهندية نموا هائلا مع أكثر من 2 مليون سيارة تنتجها وذلك بهدف تجاوز 3 ملايين بحلول نهاية عام 2016. يبقى ماروتي سوزوكي الطرف الرئيسي باحتكاره 45٪ من حصة السوق في حين أن شركة تاتا – رغم أنها عملاقة في الوزن الثقيل – ينتج 12٪ فقط. عدد المشترين المحتملين لا يحصى حيث يقارب 81 مليون أسرة من ذوي الدخل الذي يتعدى 75000 روبية سنويا. نظرا للنمو المتواصل لقدرتهم الشرائية، فإنهم يطمحون إلى الانضمام إلى المجتمع الاستهلاكي. بالإضافة إلى ذلك، تباع 13 مليون دراجة نارية في السنة. وكثيرا ما تستخدم كوسيلة لتنقل عائلة، بيد أنه ينبغي أن تحل محلها تدريجيا السيارات.
في هذا السياق، فإن تسويق سيارة نانو يلبي توقعات الهنود الأغنياء. في الواقع، بعد اقتراحها في تلك الفترة بسعر 100.000 روبية (1.700 يورو)، اعتمدت مجموعة تاتا هذا النموذج بتكلفة منخفضة للفوز بمكان بارز في هذا القطاع ، وخلع وماروتي سوزوكي من الصدارة. مع تحديد هدف طموح يتمثل في 15000 من المبيعات في الشهر، جهزت الشركة نفسها بطاقة إنتاجية تصل إلى 20.000 وحدة شهريا. كما اعتمدت الشركة أيضا استراتيجية لتوزيع منهجي لأنها أرادت توزيع هذه السيارة في المناطق الريفية النائية أين تبقى الدراجة وسيلة النقل الأكثر استخداما. لكنها أمام انخفاض في الطلبيات – تم التوصل الى أدنى مستوى في نوفمبر 2010 مع 509 فقط من المبيعات – خفضت الشركة هامش انتاجها لدعم نقاط بيعها. ثم مددت الضمان من 18 إلى 60 شهرا، وقدمت محركا أكثر كفاءة والمزيد من الخيارات والامتيازات من دون التوصل الى مستوى مرض من المبيعات. في الواقع، مع استثناء شهر أبريل 2011، لم يتم على الاطلاق تحقيق الأهداف. على الرغم من 1) أخطاء في الاتصال والتسويق، 2) النكسات الصناعية الناجمة عن وضع غير صحيح لموقع الإنتاج و3) النقص في الأشهر الأولى، هناك أسباب أكثر عمقا لنقص المبيعات.

الإطار النظري

.1 هيكلة اجتماعية وثقافية للأسواق. إن الأسواق ليست نتيجة لتعديل بين العرض والطلب فقط كما ينادي به من في كثير من الأحيان بعض المحللون. حيث يظهر هذا التعديل في نواح كثيرة منظمة اجتماعيا وثقافيا. في البداية، تظهر في نطاق مجتمع وظرف خاصَيْن. و من ثَم، و بشكل حاسم، يبقى عملها مرتبطا بشدة بالتمثيلات الرمزية والثقافية التي تحدد رغبة من المشترين، وقيمة السلعة.
.2 طابع الهيمنة لنمط الحياة الغربية. إذا تم ربط الهيمنة في كثير من الأحيان مع التفوق العسكري للدولة، لا بد من أخذ بعين الاعتبار أيضا الهيمنة الاجتماعية والثقافية للجماعات المتعدية الحدود الوطنية.

تحليل

ركز المختصون بسرعة على دور البعد الثقافي في فشل سيارة نانو. في الواقع، أرادت مجموعة تاتا استقطاب الطبقات المتوسطة في الهند الذين يرغبون في شراء سيارة. للقيام بذلك، قدمت عرضا بسعر جد تنافسي. لكن، في حين أصبحت هذه النقطة حجة البيع الرئيسية، فقد شوه ربط الملكية بالفقراء صورة السيارة ومصداقيتها للمشترين المحتملين. يتضح هذا من الأسماء التي أطلقت عليها مثل “سيارة الشعب” في الهند، أو ” سيارة الأجرة (التاكسي)” في سريلانكا، حيث اكتسبها العديد من الممارسين لهذه المهنة . ومع ذلك، لا تزال ترتبط هذه السيارة بالمكانة الاجتماعية، ممثلة بذلك إشارة واضحة على النجاح الاجتماعي، و على مجموعة من القيم، ” على امتداد للسلطة … [و] منتج الأنا “على حد تعبير إريك فروم. في هذا الصدد، قارن بعض المعلقين في كثير من الأحيان سيارة نانو بنموذج فورد تي، و هذا ما يتجاهل الرموز الجماعية للحرية، للترفيه، و للحداثة التي جسدتها السيارة الأمريكية. في الواقع، ينجح المصنعون الغربيون بفضل هذا الجانب الرمزي. حيث يستندون على استخدام أحدث التكنولوجيا، العلامات التجارية الممتازة، بيئة داخلية فخمة وخطوط مبتكرة. هذه الخصائص تعبر عما لاحظه رولان بارت عبر سيارة سيتروين دي أس، حيث تحدث عن إبداعات ” مستهلكَة في صورتها، أو في استخدامها من قبل جميع السكان الذين يعتبرونها شيئا سحريا “. كما حللها بيتر ويلز ، لقد مثلت سيارة نانو تحديا حقيقيا للقطاع الغربي من خلال الترويج لنموذج الأعمال التجارية يركز على الجانب الوظيفي.
ومع ذلك، يريد العملاء التخلي عن النموذج الأساسي، الذي لم يمثل سوى 20٪ من المبيعات. حيث أنهم فضلوا الأكثر تكلفة بنسبة 38٪. نذكر في هذا الصدد أنها غالبا ما تمثل السيارة الثانية من المنزل. في الهند، تشير أنماط شراء الطبقات الوسطى إلى قربهم من أسلوب الحياة الأميركية. فتحاول هذه الطبقة التميُز عن الطبقة البرجوازية، مع الاعتراف ضمنيا بقدرة الشركات الأوروبية والأمريكية على تحديد المرجعية الثقافية الشرعية. وأخيرا، فهي لا تقوم إلا بمجرد تقليد للممارسات المستوردة.
في النهاية، يتم تسليط الضوء على الفجوة بين الشمال والجنوب. في ما يسمى بدول الشمال، تعتبر الآن السيارة ضارة ومسببة للتلوث، وتافهة، فهي وسيلة من وسائل النقل فقط. ولتوضيح ذلك، خلقت سيارة لوغان داسيا المصممة أساسا لأوروبا الشرقية ضجة بعد أن بيعت بشكل جيد في البلدان الغربية مثل فرنسا حيث شهد التشارك في المواصلات وأنظمة سيارة الخدمة الذاتية ي نموا سريعا. من جهة أخرى، إذا تمكنت سيارة نانو الوصول إلى الأسواق الأوروبية مثلما تطمح، سوف تحقق نجاح أكبر من الهند على عكس كل التوقعات.

المراجع

Cox Robert, Sinclair Timothy, Approaches to World Order, Cambridge, Cambridge University Press, 1996
Almeida Jeewan, Jony Sandeep, Chandran Nikhil, Purushotham Keerthi, Gupta Ashish, « Auto-Economics : The Tata Nano », Deakin Papers on International Business Economics, July 2010, pp. 26-32
Baggonkar Swaraj, « Big Sales Problem with Tata’s Small Car », Business Standard Monitoring, 15 Aug 2011
Barthes Roland, Mythologies, Paris, Seuil, 1957
Becker-Ritterspach Florian, Becker-Ritterspach Jutta, « The Development of India’s Small Car Path », Management Online Review, April 2009, pp. 1-10
Fromm Erich, Avoir ou être ? Un choix dont dépend l’avenir de l’homme, Paris, Editions R. Laffont, 1978.
Gramsci Antonio, Cahiers de prison, Paris, Gallimard, 1996
« Stuck in Low Gear », The Economist, 20 Aug. 2010
Pooshan Upadhyay, Keertiman Sharma, « A Study on Consumer Perceptions & Expectations for TataNano », Adhyayan : A Management Journal, 25 Feb 2011, pp. 21-25
Thomas White International, « Automobile Sector in India : Fast Growth », BRIC Spotlight Report, Oct. 2010, pp. 1-11
Thottan Jyoti, « The Little Car That Couldn’t », Time, 14 Oct. 2011, pp. 39-41
Wells Peter, « The Tata Nano, the Global ‘Value’ Segment and the Implications for the Traditional Automative Industry Regions », Cambridge Journal of Regions, 1st April 2010, pp. 1-15
Zelizer Viviana, Pricing the Priceless Child : The Changing Social Value of Children, Princeton, Princeton University Press, 1985

PAC 49 – تشكل فضاء عابر للقارات من السخط اليوم العالمي 15 أكتوبر 2011

Clément Paule مقال: كليمون بول

ترجمة : ليديا علي Lydia Aly

Passage au crible n°49

بعد مرور خمسة أشهر من ظهور حركة 15 مايو (15- M)، يشهد نجاح اليوم العالمي للسخط على ترسيخ فضاء جديد عابر للقارات للحركات الاجتماعية. وقد جمع هذا الحدث والذي تم تنظيمه في 15 أكتوبر 2011 ، ما يقرب من مليون متظاهر احتجوا في أكثر من 950 مدينة. على الرغم من هذا، لم تعرف الثمانين دولة المعنية نفس درجة الاحتجاج: ففي حين تركز الجزء الأكبر من المشاركين في الدول الأوروبية – خاصة إسبانيا وإيطاليا- ودول أمريكا الشمالية، بقيت المدن الأفريقية والآسيوية منسحبة من الديناميكية. وعلى الرغم من هذه الاختلافات، فيشهد هذا التنسيق الناجح على حيوية هذه الحركات والتي تجيب على النداء الدولي: كلنا متحدون من أجل تغيير شامل. هذا الشعار يذكرنا بشعارات الحركة المناهضة للعولمة والتي تظاهر إلى جانبها مجموعة من الساخطين ضد قمة مجموعة العشرين التي عقدت في كان أيام 3 و4 نوفمبر 2011. مما لاشك فيه، فإن تلك الانتصارات الظاهرة لا يجب أن تحجب الصعوبات التي يسببها قمع الشرطة- مثل ما حدث أثناء فض احتجاجات وول ستريت (occupy wall street)- أو المعضلات التنظيمية. بيد أن تلك المبادرات المواطنة تظل دليلا على تماسك معين، تعبر عنه استخدام الشعارات – سخط، احتلال- وممارسات مشابهة.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

في المقام الأول، نؤكد أن يوم 15 أكتوبر 2011 يأتي ضمن حركة تاريخية متميزة للحركات الاجتماعية ذات طابع عابر للقارات. نذكر أن يوم 15 فبراير 2003 والذي شهد مظاهرات ضد الحرب في العراق قد تجمع فيه عدة ملايين من الأشخاص في حوالي ستين دولة. لدى العديد من المعلقين، فان التزامن الجديد لمجموعات سلمية على المستوى العالمي يشير إلى ظهور فاعل جديد: الرأي العام العالمي. و رغم انتقاد بشدة هذه الفكرة لاحقا، فإن ظهور الحركة المناهضة للعولمة – المكرسة في تجمع سياتل في 1999 والتنظيم الدوري للمنتدى الاجتماعي العالمي منذ 2001- يمكن اعتباره مؤشرا على عملية من العبور الوطني لمنظمات المجتمع المدني. بيد أن عدم تجانس هذا التمرد وعلاقته غير الواضحة بالسياسة- والتي يدل عليها الجدل المتكرر حول شكل المنتدى الاجتماعي العالمي- تساهم في الحد من تماسك هذا الفضاء والذي يوصف دائما بعدم الوضوح.
فيما يتعلق بالسخط، فانه باتجاه تاريخي يتميز بسرعة انتشاره في سياقات محلية مختلفة. من الأمثلة الأولى، نذكر بعض الأعمال الجماعية التي تم تطبيقها في نهاية عام 2010، بدءا من الثورات العربية وحركة Estamos hasta la madre في المكسيك أو الشعب البنفسجي -Il Poplo Viola- في إيطاليا. هناك علامات كثيرة أنبأت عن قفزة أولية للسخط لرفض تعميم خطط التقشف والنتائج الاجتماعية والاقتصادية للأزمة. وفي أعقاب المرحلة التأسيسية المكرسة في حركة 15 (15-M) في اسبانيا، تعرضت العديد من الدول لحركات احتجاجية من اليونان إلى إيطاليا مرورا بإسرائيل، سويسرا، أو البرتغال وبدرجة أقل فرنسا. في هذا السياق، نلاحظ امتداد هذه الحركة إلى مدن في أمريكا الشمالية من خلال الترويج العام لمفهوم ” احتل” Occupy من خلال نداء احتلال وول ستريت والذي أطلق منذ منتصف سبتمبر 2011. ان النجاح التلقائي لهذه المبادرات بالإضافة إلى نداء 15 أكتوبر ساهموا في مرحلة ثانية من الدوران في كل القارات: نذكر أمثلة أوكلاند، سول أو برلين. في النهاية، نلاحظ العلاقة القريبة الموجودة مع عدد من الصراعات الاجتماعية الظاهرة بوضوح كما هو الحال بالنسبة ل Y en a marre السنغالية، مظاهرات ضد الفساد في البرازيل، احتجاجات الطلبة في شيلي أو No- cuts! البريطانية.

الإطار النظري

.1التنسيقات المحلية والتداخل الشامل. ان التدويل السريع للحركة أدى إلى اعتبار اليات نشرها والتي تعبر عن صراعات متمركزة في الأطر الوطنية كنقد أبعد من سياسي للنظام العالمي. وهو ما يدعونا إلى تحليل العلاقات المتناقضة بين السخط والمناهضة للعولمة، حيث تصعب التفرقة بين هذين الفضاءين.
.2جماعة خيالية من المعترضين. هذا المفهوم- المقترح من بينيديكت اندرسون خلال بحثه الأساسي حول ظهور القومية- تظهر فائدته من أجل توضيح الاتصالات الرمزية بين المحتجين.
في الواقع، إن هؤلاء لا يتشاركون فقط في نفس مرجعية العمل المتشابهة – والتي تعتمد على الشبكات الاجتماعية والاحتلال السلمي للفضاءات العامة، الديمقراطية التداولية- بل وأيضا التمثيل المشترك.

تحليل

باديء ذي بدء ، يبدو أن التحليل من خلال الانتقال غير كاف من أجل فهم ديناميكية عبور القارات والتي بدأت منذ مايو 2011. عن طريق الربط بين الاحتجاج والأزمة المالية، فإن هذا المنهج يهمل استراتيجيات الفاعلين وعملهم من أجل تمثيل ذاتهم (كوفمان). ولعل الاخفاقات المتكررة للساخطين الفرنسيين، على الرغم من إقرار خطة تقشف قاسية تعد مثالا مضادا. كما لعبت شبكات التواصل الإجتماعي والأدوات الرقمية قد لعبت دورا هاما- بسبب انخفاض تكاليف الإتصالات- فانه يجب عدم المبالغة في تقييم تأثيرهم من وجهة نظر تقنية ضيقة. من ناحية، فقد تمت إدارة جزء منعملية التصدير من قبل المناضلين:و هكذا أعلنت Democracia Real Ya في مايو 2011 أن 15 أكتوبر هو اليوم العالمي. من ناحية أخرى، فانه لا يمكن انكار تأثير التتبع والذي نتج عن انضمام المدن الأمريكية بصورة رمزية وغير متوقعة. في عذا السياق، فإن التطورات المحلية وموازين القوى خاصة في أعقاب استقالة سيلفيو بيرلسكوني ساهمت في تقوية هذه الظاهرة. كما أن الدعم العام من جانب المثقفين مثل الحائز على جائزة نوبل جوزيف ستيقليتز Joseph Stiglitz أو أيضا ناومي كلاين Naomi Klein أدت إلى تقوية شرعية ومصداقية فضاء السخط.
في الواقع، فإن ظهور هذه الجماعة من المعترضين أكدت وجودها من خلال تكتيكاتها في التميز إزاء الأحزاب السياسية والنقابات ووسائل الإعلام. في المقابل، فهي تعد امتدادا للحركة المناهضة للعولمة. حيث لم يقم فقط الساخطون باعتماد بعض أعضائهم منها، ولكن أيضا استعاروا منها خبرات محددة، خاصة فيما يتعلق بطرق التعبير الديمقراطية. هذا وقد قاموا بإعادة ترجمة هذه الإضافات في صورة قواعد أساسية للإعتراض عن طريق تطبيق هذه التقنيات في صورة احتلال رمزي للأماكن. وفي ظل عدم رضاء الساخطين على النموذج التنظيمي المتبع من سابقيهم، تجنب الساخطون مسألة المؤسسية – وتأثيراتها المنحرفة والتي يمكن أن تكون في شكل سلطة عمودية أو شخصنة لها- عن طريق اليات مشاركة تركز على أفقية الأشخاص. في هذا السياق، يبدو كل من حركتي السخط وتلك المناهضة للعولمة كأنهما فضاءين مختلفين من الاعتراض كل منهم مستقل عن الاخر، بيد أنهم أيضا متنافستين ومكملتان بعضهما البعض من خلال تمرير الأفراد واليات العمل التي توحدهما.
من هنا، من المهم تحليل بعض نتائج هذا الوضع الفريد، خاصة في هذه الحالة من تنوع المجالين السياسي والإعلامي في مواجهة مصطلحات اعتراضية التي لا يسيطرون عليها، مع غياب قيادة واضحة. في هذه الحالة، فان السلطات تتذبذب بين القمع العنيف- مثلما حدث في إخلاء أوكلاند- ومحاولات الاستعادة والتي بدت حتى الان غير مجدية. في نفس الوقت، يشجب الساخطون غياب المعالجة الكافية والتي تبدو كاريكاتورية لمشكلاتهم: يٌتهم العاملين في مجال الإعلام بالتقليل من شأن هذه الإحتجاجات وإبقائها في صورة حركة ذات تنظيم سياسي ومتسلسلة، مع إهمال أهمية الحركات الصغيرة. من هنا، جاء خلق قنوات معلومات بديلة من جانب المحتجين، مما ساهم في ترسيخ فضاء من القيم المشتركة. وبدون الحكم مسبقا على استدامة هذه الهوية من عدمها، نوضح طابعها الديناميكي والمركب والذي يتم التعبير عنه من خلال بث شعارات موحدة مثل شعار99% أو الديمقراطية الحقيقية démocratie la réelle. حاليا، تواجه حركة السخط العالمية تكثيف الإتصالات العابرة للقارات، والتي يبدو أنها تأخذ شكل جماعة خيالية تتعدى حدود الدول.

المراجع

Anderson Benedict, Imagined Communities: Reflections on the Origin and Spread of Nationalism, 1983; L’imaginaire national: réflexions sur l’origine et l’essor du nationalisme, Paris, La Découverte, 1996
La Vie des idées, « Débats autour du 15M. Républicanisme, démocratie et participation politique », 20 sept. 2011, à l’adresse web : http://www.laviedesidees.fr/Debats-autour-du-15M.html, 21 novembre 2011
Paule Clément, « La structuration politique de l’indignation. Le mouvement transnational des indignés », Passage au crible (45), 27 juillet 2011

PAC 48 – من الحرب العادلة إلى السلام العادل موت معمر القذافي، 20 أكتوبر 2011

مقال : جون جاك روش Jean-Jacques Roche

ترجمة: ليديا علي Lydia Aly

Passage au crible n°48

أعلن المجلس الوطني الانتقالي ان الزعيم الليبي السابق معمر القذافي والذي قتل في 20 أكتوبر 2011، قد دفن يوم الثلاثاء في مكان سري بالصحراء الليبية. وقد وارى ابنه معتصم الثري أيضا وذلك خلال نفس مراسم الجنازة.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

على الرغم من حصوله على جائزة “ساكاروف”، لا يبدو الربيع العربي فقط كنتيجة لمظاهرات سلمية، حيث كان هذا هو الوضع قطعا في حالتي تونس ومصر، حيث رحل الرئيس تحت ضغط الشارع، إلا ان اللجوء للقوة كان ضروريا من أجل تحرير ليبيا من حكم طاغ استمر اربعون عاما.
تأخذ هذه الانتفاضات ابعادا مختلفة، حين يتسبب قمع متزايد في تدخل بدعوى مسؤولية الحماية. إن واجب التدخل، والذي كان ممارسا من ذي قبل من جانب المنظمات غير الحكومية، يجب ان يستند على قوات مسلحة والتي تلتزم باسم “القضايا العادلة” باالدخول من جديد في حروب عادلة والتي لا تستطيع بالضرورة انهائها بسبب التوقعات حول ماهية أو تعريف السلام العادل.

الإطار النظري

إن التساؤل ليس بجديد وساهم في تعزيز الجدل منذ سيسيرون Ciceron أو توما الأقويني Thomas d’Aquin. وقد تجدد حاليا الشقاق بين الواقعيين والليبراليين في مجال نظريات العلاقات الدولية، حيث أصبح بمثابة حجة نمطية، أو كلاسيكية يمكن تقسيمها وفقا لمحورين.
1. يتخذ الواقعيين صف المعارضين لقتل المستبد وذلك لسببين. يذكرون في البداية أن “الكتب الست للجمهورية” Les Six livres de la République لبودان Bodin تم نشرها بعد أربعة أعوام من سانت بارتيليمي La Saint- Barthelemy. وقد أكدوا كذلك أن الدولة تظل الأداة الأساسية لتحقيق السلم في أي مجتمع مدني بطبيعته عنيف. وحين يتفاعل عنف النظام المستبد مع عوامل الانقسامات الداخلية فان كل فرص تفكك الدولة تجتمع وذلك لأن الدولة هي الوحيدة القادرة على “الحيلولة دون انفجار العداء في صورة عاطفة مطلقة وعنف من دون حدود”، وفقا لتعبير ارون Aron. ثانيا، فإنه لا يتعين على الدول التدخل في الشؤون الداخلية لبعضها البعض. بل على العكس من ذلك فان السلم والأمن الدوليين يحفظان وفقا لميثاق الأمم المتحدة عن طريق تنمية علاقات الصداقة والسلام بين الدول الأعضاء والقائمة على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد. إن التذكير بهذا الأمر في ميثاق الاسيان عام 2007 ليشهد على استمرار العمل بهذه القاعدة.
2. بالنسبة لليبراليين والذين يدافعوا عن مبدأ حق النظر في الشؤون الداخلية للدول وذلك لسببين. أولا، لأن الحاكم المستبد لم يعد الممثل القانوني للمواطنين، حيث لا تستقيم ولايته. من هنا فإن التخلص من المستبد لم يعد بالضرورة اخلالا بالميثاق الاجتماعي وذلك لأن هذا الميثاق قد سبق نظيره السياسي. بعبارة أخرى، فان المصادر الحقيقية للقانون تكمن بطبيعتها في الهياكل الإجتماعية (العائللات، العشائر، القبائل) وتسبق ظهور القوة العامة: لذا، فان المستبد لا يمكن أن يظل ينصب نفسه كحامي لهذا المصدر الوحيد للقانون. ثانيا، ينادي الليبراليون بمبدأ مسؤولية الحماية والذي يفرض على كل الفاعلين في حالة فشل سيادة الدولة اتمام هذه المهمة. على اعتبار ان السيادة مشروطة، حيث ان السلطات التي تخلقها تنبع من قدرتها على حماية المواطنين، فإن هؤلاء يجدون حقهم الطبيعي في ممارسة العدالة في حالة فشل الدولة القيام بمهمتها، الليبراليين يساندون المجتمع المدني في مواجهة الدولة، خاصة في حالة ما إذا كانت الدولة قمعية أو ببساطة حين تبدو غير مؤهلة للإجابة على تحديات عابرة لحدودها تتخطى قدرتها.

تحليل

إن ظهور المجتمعات المدنية في الساحة الداخلية للدول وهو ما يعطل الأطر التقليدية ويفرض إعادة التفكير في اليات تحقيق السلام الدولي في إطار الصراعات بين الدول والتي أصبحت حاليا تتخذ ابعادا دولية. هذا على الرغم من اتفاق بعض الدول على التدخل باسم الحرب العادلة، دون توقع فشل تلك العمليات ومن ثم تفضيل فكرة السلام العادل.
إن تفكيك الدول القمعية والتي فرضت حتى الان نوعا من الوحدة وضعف مصداقية الأطر المستوردة، أدى إلى صعوبة تصور اعادة بناء سريع لدولة القانون من قبل من بدأوها، وذلك على الرغم من امكانية تنظيم الانتخابات سريعا، بيد أن عملية التسييس المبذولة حول الجماعات الإثنية والدينية من شأنها تكريس، على أفضل الأحوال، المجمعو الأكثر قوة على حساب الأقليات التي سوف تسارع بدورها بالاعتراض على حكم الصناديق. في حالة الحرب الأهلية المعلنة أو المارقة، فان تنظيم الانتخابات العامة ليس بالضرورة ضامنا للسلام. في بعض الأحيان قد يساهم منظور تشاور انتخابي، أو استفتاء انتخابي في انطلاق مواجهات وهو ما حدث في الكونغو برازافيل في 1997. هذا على الرغم مما قد يبديه بعض المراقبين الدوليين من رضا عام على العملية الإنتخابية، هناك تخوف من الحكام الجدد، والذين لا يتمتعون بالخبرة الكافية بعد عشرات السنين من إقصائهم، من ظهورهم على الساحة الدولية أو انسياقهم للفساد. في الحالتين، فغالبا ما يقوم المعارضون ينبذ السيطرة الأجنبية أو فساد الحكام الجدد وهو ما يبرر استئناف القتال. وفي حالة ما إذا تم القضاء على كافة هياكل النظام السابق، كما هو الحال في العراق، فان المحتجين سيكون أمامهم الوقت الكافي للحصول على الإمدادات من الترسانات التي لم يتم تأمينها من قبل قوات الاحتلال وسيقومون بتلقي تدريبات على يد العسكريين القدامى وذلك لتحدي قوات الإحتلال عن طريق حرب العصابات. قوات الإحتلال تلك ستشعر بعدم الراحة أمام هذا النوع من القتال، حيث فشلت كل محاولات تأقلمهما مع الحروب الثورية، والصراعات ذات الوتيرة الضعيفة وذات التبادل غير المتناسب أو لمكافحة العصيان ، اصطدمت بالصعوبات القانونية في حين يدعي أعدائهم الدونية العددية والمادية لتجاهل هذه القواعد. في الواقع، فإنه من الصعب مواجهة عصابات ماو ” المندمجين بين السكان أو الشعب مثل سمك في المياه ” مقارنة بتدمير مخزن أسلحة قابع تحت أحد المدارس أو ابادة قاعدة عسكرية فوق سطح مستشفى. الدليل التفسيري للجنة الدولية للصليب الأحمر لعام 2009 تناول مسألة المشاركة المباشرة في العمليات العدائية والتي تبدو غير مناسبة للقضاء على عضو في حركة طالبان يقضي تسعة أشعر من 12 شهرا في زراعة أراضيه بصورة سلمية ولا قرصان الكتروني يستطيع التدخل في أنظمة المراقبة والإتصال على بعد الاف الكيلومترات.
إن هشاشة الأطر الجديدة القادمة من الفساد وانتشار السلاح والقدرة على إلحاق الضرر بأقليات محددة تمثل عوامل تحول بصورة جذرية الخروج من الأزمة. في الواقع فإن هذه الأزمة أخذت شكل امتحان قوة مفروض من قبل المنهزمين تجاه الدول التي ظنت انها انتصرت بسهولة مبررة انها قامت بحرب عادلة. مع ذلك، فقد بدى هؤلاء غير قادرين على التفاوض على سلام عادل يسمح بالخروج من المأزق.

المراجع

Allan Pierre, Keller Alexis, What is Just Peace, Oxford, Oxford University Press, 2006
Badie Bertrand, Un Monde sans Souveraineté, les États entre Ruse et Responsabilité, Paris, Fayard, 1999
Commission Internationale de l’Intervention et de la souveraineté, 2001, http://www.iciss.ca
Kaldor Mary, Global Civil Society: An Answer to War, Wiley-Blackwell, 2003

PAC 47 – العجز في الحوكمة الاقتصادية داخل منطقة اليورو أزمة الديون السيادية في اليونان

مقال : انرديه كاربانيس André Cartapanis
ترجمة: ليديا علي Lydia Aly

Passage au crible n°47

إن أزمة الديون السيادية اليونانية لن تنتهي سريعا. فهناك حالة من الغموض تسيطر على حجم الخصم المقرر ان يقع على أصحابها والذي أصبح ضروريا الآن. ان موافقة البوندستاج حاليا على الخطة الجديدة لدعم اليونان والتي تنص على وعد بتقديم منحة لها تصل إلى 109 مليار يورو تضمن استمرار تسوية الحسابات العامة من قبل الدولة اليونانية. إلا أن حجم تصحيح الموازنة الجاري حاليا والذي يصل إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي خلال عامين، إضافة إلى صعوبة السياسة المتبعة في تخفيض الأجور، سببا حالة من الركود غير مسبوقة منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 4.4% في عام 2010 وبمعدل 5% في عام 2011.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

بعد فترة قليلة من فوز حزب “الحركة الاشتراكية الهيلينية” (الباسوك) خلال انتخابات أكتوبر 2009، أعلن وزير المالية اليوناني عن مراجعة أرقام عجز الموازنة. وقد كان متوقعا في بداية العام أن يصل العجز إلى 3.7% بينما كان الواقع أن وصل الرقم إلى 12.5% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد تمت مراجعة هذه الأرقام عدة مرات حتى سجل عجز الموازنة رقما قياسيا وصل إلى 15.5% في 2009. ومن هنا تبدو نقطة بداية أزمة الديون السيادية في اليونان.
ومنذ هذه الفترة، يخشى المستثمرون الدوليون عدم حصولهم على سداد مستحقاتهم، حيث تشترط الأسواق المالية علاوات مخاطر بقيمة عالية مقابل استمرارها في شراء الدين اليوناني، في حين ساهمت وكالات التصنيف من جانبها في الإبقاء على حالة الذعر عن طريق تخفيض درجة تقييم اليونان على مستوى الأسواق، كذلك الحال أيضا بالنسبة لأسبانيا وإيطاليا.
منذ خريف 2009، أدى تتابع مراحل الأزمات الشديدة إلى سواد انطباع عام حول عدم القدرة على السداد، وهو ما بدا واضحا خاصة في ربيع 2010 وأغسطس- سبتمبر 2011، بيد أن تلك الأزمات تخللها فترات سماح وذلك بسبب مماطلة مختلف الدول الأوروبية الأخرى في السداد. بالتوازي، ومنذ نهاية عام 2009 واستعادة النمو العالمي حتى ولو بمعدلات متواضعة، أدى ذلك إلى تفضيل دول منطقة اليورو إلى خفض العجز العام للحيلولة دون تعرضها إلى حالة من عدم الثقة في مواجهة وكالات التصنيف والأسواق المالية. وقد نتج عن ذلك حالة من التباطؤ أدت إلى سواد حالة من الخوف من تكرار الركود ومن ثم أزمات جديدة بين البنوك الأوروبية خاصة تلك التي تمتلك نصيبا كبيرا من الدين العام اليوناني أو الأسباني أو الإيطالي. وبعبارة أخرى، فإن الأزمة اليونانية ترجع إلى ديناميكيات الاقتصاد الكلي التي أعقبت الأزمة المالية في أوروبا. كما أنها تمس أيضا آثار إصدار” اليورو” علما بأن الإتحاد المالي ادى إلى تعزيز الاختلافات داخل منطقة اليورو، حيث عانت دول الجنوب من غياب التوازن التجاري ومن ثم زيادة العجز في الموازنة على مدار الحقبة الأولى من الألفية الثالثة. وهكذا بدت اليونان قبل الأزمة ، حيث مثلت النموذج الأصلي لهذا الانحراف ومثال للعجز المالي بل وللأكاذيب أيضا فيما يتعلق بالإحصائيات.

الإطار النظري

نتائج الأزمات المصرفية. يوضح تاريخ الأزمات المالية أنه في اليوم التالي من الأزمات المصرفية تظهر لا محالة حالة من التضارب في النشاط الاقتصادي، إلا أن هذه الحالة تزن بقوة على المالية العامة من خلال قنوات مختلفة.1) انخفاض حاد في عائدات الضرائب. 2) زيادة تلقائية في المصاريف الاجتماعية والتي يزيد عليها تكلفة إنقاذ البنوك. 3)زيادة تقديرية في تقدير عجز الموازنة، أخذا في الاعتبار التقلبات الدورية على النشاط الاقتصادي. 4) زيادة في نسب الفائدة.
انتشار الأزمات المصرفية في أزمات الديون السيادية. أوضح هذا التوجه كل من “كامن رينهارات” Camen Reinhart و”كينيث روجوف” Kenneth Rogoff في كتابهما الأخير واللذان خصصاه لتاريخ الأزمات المالية على مدار الثمانية قرون الماضية، حيث أنه في المتوسط ومنذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، يرتفع الدين العام بمعدل 86% خلال الثلاث سنوات المتتالية يعقب هذا أزمة مصرفية طاحنة، بيد أن بعض من تلك الأزمات كان لها آثارا أكثر أهمية. في هذا الصدد، فان زيادة الدين اليوناني بين 2007 و 2010 بنسبة 105% من إجمالي الناتج المحلي إلى 142% يتوافق مع تدهور أقل بنسبة تصل إلى 35% تقريبا. مثال على ذلك، الأزمة المصرفية التي عصفت بفنلندا في 1991 انعكست في زيادة نسبة الدين العام إلى حوالي 280%. وقد انخفض الخصم في الموازنة العامة من +1% في 1990 إلى -10.8% في 1994. ونشاهد نفس الظاهرة في الأزمة المصرفية في السويد عام 1991، حيث تحول الفائض في الموازنة والذي وصل إلى 3.8% العام المنصرم إلى عجز وصل إلى 11.6% في 1993. هذا الميراث من الأزمة المصرفية النظامية يعد أكثر شدة من الدين العام والذي كان مرتفعا قبل الأزمة، وهو ما كان تحديدا حالة اليونان، حيث زاد عجز موازنتها من 10% في 2008 إلى 15% في 2009. يضاف إلى هذا إدارة كارثية للأزمة من قبل الدول أعضاء منطقة اليورو.

تحليل

منذ اندلاع الأزمة اليونانية بدت واضحة خصوصية أزمة الديون السيادية إذا ما أصابت دولة تنتمي لإتحاد نقدي وذلك من خلال عدة مؤشرات: 1) نظريا، هناك استحالة في المطالبة بتمويل إضافي من قبل البنك المركزي الأوروبي. 2) صعوبة اللجوء إلى صندوق النقد الدولي بسبب ما يفرضه من مشروطيات فيما يتعلق بسياسات الاقتصاد الكلي لبلد في النهاية تعد عضوا في منطقة اليورو. 3) المقاومة العميقة من قبل دول أخرى أعضاء في منطقة اليورو لسداد الديون السيادية بسبب مخاطر العدوى أو انتقال الأزمة فيما بين الدول الأعضاء بعضها البعض. 4) الاستحالة التامة للجوء لاستخدام سلاح معدلات الصرف وتخفيض قيمة العملة بهدف تخفيف تكلفة الانضباط المالي ومن ثم إعطاء دفعة قوية لحركة الصادرات. من هنا، يتعين على المؤسسات القائدة في مجال السياسات النقدية داخل الاتحاد الأوروبي مواجهة هذه الأزمة. وهو بالفعل ما قام به البنك المركزي الأوروبي تحت قيادة “جون كلود تريشيه” Jean- Claude Trichet وذلك من خلال تكييف آليات عمل البتك المركزي الأوروبي على الواقع اليوناني ومن ثم الشروع في شراء الدين اليوناني. وقد تم العمل بهذه السياسة ليس فقط من أجل تفادي تدهور الوضع، ولكن أيضا للحيلولة دون انخفاض سعر الدين العام في مواجهة المراهنات الدولية والتي من شأنها أن تتسبب في ارتفاع نسبة الفائدة على الدين العام اليوناني بصورة غير محتملة. على الجانب الاخر ، فيما يتعلق بالحكومات، فقد تم التمادي في المماطلة أو التحليل بصورة خاطئة، حيث تحرك هذه الدول في الأساس اعتبارات تتعلق بسياستها الخارجية أو لخيارات عقائدية وعلى رأس هذه الدول ألمانيا، حيث رفضت هذه الدول منح قروض إنقاذ لليونان متوقعين قدرة فائقة للاقتصاد اليوناني على التأقلم سريعا مع حساباتها العامة والتي انخفضت بصورة ملحوظة بسبب سياسة “انضباط” مالية. ، بل إن هذه الدول طالبت بإعادة هيكلة الدين اليوناني ليتدخل في هذا الأمر مستثمرون دوليون: ومن ثم فقد قللوا من شأن الآثار المنعكسة على السيولة بل والغطاء النقدي للبنوك الأوروبية أو المؤسسات المالية التي تمتلك أصول يونانية. مع ذلك، وافقت تلك الدول على حل الأزمة من خلال الموافقة على خطط للدعم فضلا عن تأييد إنشاء صندوق أوروبي للاستقرار المالي. هذا التحول قد جاء في أعقاب مواربات لا تنتهي والتي تفسر بدورها التحدي الذي تفرضه الأسواق ليس فقط فيما يتعلق بأزمة الديون اليونانية والأسبانية ولكن إزاء “اليورو” والتضامن بين البنوك في أوروبا. بالتوازي، فإن السياسات الخاصة بالموازنة فضلت منذ أواخر 2009 تخفيض حالات العجز، كما ساهمت هذه السياسات أيضا في إضعاف التنمية في قلب أوروبا كما في أطراف منطقة اليورو في أسبانيا وإيطاليا وخاصة في اليونان. ان أزمة الديون السيادية في اليونان قد تفاقمت وبالتالي فإن الركود أدي بدوره إلى انخفاض القدرة على السداد، والشارع لا يزال يصرخ في أثينا.

المراجع

Aglietta Michel, “La longue crise de l’Europe”, Le Monde, 18 mai 2010
Cartapanis André, “L’intégration inachevée de l’UEM. La crise de la zone euro”, Chaos International, PAC, (25), 12 juin 2010
Cohen Daniel, “La crise grecque. Leçons pour l’Europe”, Revue économique, 62 (3), mai 2011
Reinhart Carmen et Kenneth Rogoff, Cette fois, c’est différent. Huit siècles de folies financières, Paris, Pearson, 2010

PAC 46 – ظهور دبلوماسية قضائية القبض في صربيا على المتهمَيْن المتبقيَيْن المطلوبَيْن من قبل المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا (TPIY)

Yves Poirmeur مقال: إيف بوامور

ترجمة: مصطفى بن براح Moustafa Benberrah

Passage au crible n°46

متهم مند عام 1995 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية من قبل TPIY (المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا سابقا)، ألقي القبض على الجنرال راتكو ملاديتش يوم 26 مايو 2011 من قبل السلطات الصربية. عقيد في الجيش اليوغوسلافي في كنين بكرواتيا (1991) ، ثم قائد عام للجيش الصربي من 1992 إلى 1995 ، كان ملاديتش أحد المهندسين الرئيسيين للبناء العسكري لصربيا الكبرى التي من شأنها أن تجمع صرب صربيا، كرواتيا، البوسنة، الهرسك، والجبل الأسود على انقاض يوغوسلافيا. مع إلقاء القبض يوم 21 يوليو 2011 على غوران هادزيتش لتورطه في قتل مئات المدنيين وترحيل الآلاف من الكرواتيين خلال الحرب في كرواتيا (1991-1995)، سلمت صربيا الأربع و الأربعين متهم الذين طالبت بهم المحكمة. تمكنت هكذا المحكمة الجنائية من الاختفاء في السنوات اللاحقة بعد أن أنجزت مهمتها تماما حيث تم تسليم لها 161 متهما الذين أدانتهم.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

لإعادة رسم الحدود في بلد متعدد الأعراق ، لم يتردد راتكو ملاديتش في ارتكاب أي جريمة. حيث قاد سياسة التطهير العرقي – من خلال عمليات القتل والتهجير وإبادة السكان من غير الصرب ، وقصف المدن – لربط صربيا و البوسنة الشرقية يالكرايين الكرواتيين و البوسنيين. بالإضافة إلى ذلك ، لعب دورا مركزيا في حرب البوسنة التي قتل فيها أكثر من 000 100 قتيل وتميزت بالحصار الدرامي لسراييفو (1992-1993)، و أيضا المجزرة الرهيبة لحوالي 8000 من مسلمي البوسنة في سريبرينتشا (يوليو 1995). بعد إلقاء القبض على كل من سلوبودان ميلوسيفيتش (2001) الذي كان في السلطة بصربيا من 1989 الى 2000، ورادوفان كارادزيتش (2008) ، زعيم صرب البوسنة من 1992 الى 1995 ، بقي ر. ملاديتش آخر مسؤول كبير على هذا التطهير العرقي حرا. استغرق الامساك به ستة عشر عاما من طرف العدالة الدولية وتسليمه إلى TPIY.
بعد تأسيسها في 25 مايو 1993 بموجب القرار 827 لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، تمثل المحكمة الجنائية الدولية TPIY اختصاص مؤهل لمحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الانساني الدولي التي ارتكبت في يوغوسلافيا سابقا منذ عام 1991. تمثل أول ظهور لعدالة دولية و التي كانت المحاكم العسكرية نورمبرغ (1945) وطوكيو (1946) سابقة لها، و قد أصبح انشائها ممكنا – مثل TPIR في عام 1994 لمحاكمة الإبادة الجماعية في رواندا – بعد نهاية الصراع بين الشرق والغرب. في نطاق هذا الوضع الدولي الجديد، كان مجلس الأمن مجددا عن طريق التفسير الواسع لميثاق الأمم المتحدة (الفصل السابع). في الواقع، فقد قرر أن إنشاء المحاكم الجنائية المتخصصة يمكن أن تشارك في حفظ السلام والأمن الدوليين. على الرغم من العقبات الوظيفية، و خاصة السياسية، لم تقتصر مساهمة هاتان الهيئتان المتخصصتان على مجال مكافحة الإفلات من العقاب. من خلال عرض كفاءة المحاكم الجنائية الدولية لحفظ العدالة، صادقت أيضا هاته المؤسسات على مشروع لإنشاء وحدة جديدة من شأنها أن تكون دائمة و مؤهلة لمعرفة الجرائم الدولية الأكثر خطورة أينما تم ارتكابها. و من ثم، يندرج إنشاء المحكمة الجنائية الدولية في عام 1998 ودخولها حيز التتفيذ في عام 2002 في هذا المجال. ولكن إذا كانت هاته الأخيرة تعكس جيدا تجذر العدالة الجنائية داخل المؤسسات الدولية و ترشيد عملها، إلا أنها حافظت على الصعوبات الهيكلية التي واجتها المحاكم الجنائية الدولية من قبل في مكافحة الإفلات من العقاب. في غياب شرطة قضائية، يتوجب على المحاكم الجنائية الدولية الحصول على تعاون الدول من أجل إجراء التحقيقات وجمع الأدلة والحصول على توقيف المتهمين. للقيام بذلك، يجب عليهم تطوير عدالة دبلوماسية حقيقية مع جميع الأطراف الفاعلة السياسية المتورطة في الصراع. وبعبارة أخرى، فإن فرص نجاحها يتوقف على مجموعة معقدة من علاقات القوة، كما هو مبين في مسار الجنرال ملاديتش.

الإطار النظري

1. تطورالدبلوماسية القضائية. تخصص المحاكم الجنائية الدولية جزءا كبيرا من أعمالهم لبناء علاقات مع السلطات الوطنية والمحلية والدولية لكي توافق على وضع موارد الشرطة المتاحة لها لخدمتها. يبقى تقدم الإجراءات إذا مرتبطا بمصالح مختلف الأطراف المعنية، والتي يتعين على المدعي العام والرئيس فهمها وتحليلها بهدف خلق تعاون وثيق.
2. رفض الإفلات من العقاب. بربط انضمام صربيا برفض الإفلات من العقاب، أظهر الاتحاد الأوروبي فعالية قوته الناعمة soft power لأن الزعماء الصرب لا يتصورون مستقبل بلادهم خارج أوروبا.

تحليل

شكلت محكمة TPIY في نطاق اندلاع الحرب، وقد واجهت باستمرار تناقضات المنطق القضائي والسياسي، حيث يعتمد القبض على المتهمين وإجراء التحقيقات على الحكومات. لم يبدأ إلقاء القبض على المتهمين لتقديمهم إلى المحكمة إلا بعد تمديد ولاية قوات حلف شمال الاطلسي (الناتو (NATO (1997) لتشمل توقيف أمراء الحرب، تحت ضغط من رئيسة المحكمة. فخلفت القوات الدولية بسهولة أكبر الشرطة المحلية العاجزة خاصة أن هذه الاعتقالات من شأنها أن تسهل تنفيذ اتفاق دايتون (1995). و هكذا قام حلف الناتو خلال فترة ولايته (المنتهية في أواخر عام 2004) بثلاثين عملية قبض. بعد أن تمكنهما من الاستقرار في صربيا، في مأوى من القوات الدولية ، استفاد ملاديتش ورادوفان من جمود الدول الكبرى المرتبط بلا شك بظروف مأساة سريبرينيتسا. في الواقع، في حين شرعت كل من الحكومات الاميركية، الانكليزية ،الفرنسية، والامم المتحدة في التفاوض سرا للتوصل إلى اتفاقات سلام، فقد تجاهلت إعداد الحصار حول المدينة.
لفترة طويلة، تلق ملاديتش مساعدات متعددة من طرف الجيش، أجهزة الدولة، والأطراف القومية. ومع ذلك، فقد مكن التغيير في العلاقات بين القوى السياسية في صربيا التي ظهرت في عام 2008 مع انتخاب الديمقراطي بوريس تلاليك للرئاسيات، وتعنت الاتحاد الأوروبي بشأن مسألة الإفلات من العقاب، من القاء القبض عليه. حيث قرر الخيار الأساسي لصربيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أخيرا بمصيره.
تبقى مكافحة الإفلات من العقاب معركة مستمرة تساهم فيها المحكمة بقوة. رغم عدم منعها إقامة السلام – كما يخشى البعض – أظهرت المحكمة قدرتها على تسهيله، بالسماح للقوات الدولية بوضع حد للمتهمين الذي تم توقيفهم. كما منحت مصداقية أكثر واقعية للعدالة الجنائية الدولية من خلال قدرتها على الحكم على أشد الجرائم خطورة والتي، وبدونها، لم تكن لتحاكَم. بالإضافة إلى ذلك، أدانت المجرمين بعقوبات مشددة بعد محاكمات عادلة. وبالتالي، عن طريق جعل من القبض على المتهمين أولوية في الساحة الدولية، و بتحقيق تسليمهم رغم كل الصعاب، تمكنت محكمة TPIY من ادراج قمع الجرائم الدولية في التاريخ، وبالتالي محاربة ثقافة الإفلات من العقاب.

المراجع

Arquilla John, Ronfeldt David, Networks and Netwars. The Future of Terror, Crime and Militancy, Santa Monica, Rand Corporation Publishing, 2001. par la Maison Blanche
Douzet Frédérick, « Les Frontières chinoises de l’Internet », Hérodote, 125, (2), 2007, pp.127-142

PAC 45 – الهيكلة الاجتماعية السياسية للسخط الحركة العابرة للحدود للساخطين

مقال : كليمون بول Clément Paule

ترجمة: ليديا علي Lydia Aly

Passage au crible n°45

أعلن يوم 19 يونيو 2011 كيوم قومي للتعبئة وهو ما يمثل نجاح جديد لحركة 15 مايو 15M. في الواقع، قام عشرات الآلاف من الأشخاص بالتظاهر في جميع أنحاء إسبانيا للتأكيد على سخطهم إزاء الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد، ولشجب اللامبالاة بل والفساد في المجال السياسي. على الرغم من ذلك، فإذا كان هذا لاعب جديد في الاحتجاج المدني يظهر بقوة على المستوى الداخلي، فإنه يلاحظ بقوة أن مبادرات أخرى أطلقت في العديد من الدول الأوروبية، لم تعرف نفس الصيت.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

في المقام الأول، من المهم الإشارة إلى تأثير الأزمة المالية العالمية، والتي منذ خريف 2008 سببت انعكاسات كبيرة. حيث يشهد على هذا الرقم الذي يتم تداوله عادة حول معدل البطالة في إسبانيا والذي يقدر بحوالي أكثر من 20% من الأيدي العاملة، وتقريبا نصفهم من الشباب أقل من 25 سنة. بصفة عامة، فإن النتائج الاجتماعية لهذه الاضطرابات المالية، وجدت متضخمة بسبب خطط التقشف الخاصة بالحكومات المختلفة تحت ضغط من المؤسسات المالية العالمية. ان إجراءات الصرامة والتي تهدف إلى تخفيض عجز الموازنات العامة، أثارت انتقادات أكثر حدة، خاصة وأنها جاءت مصحوبة بخطط إنقاذ للقطاع المصرفي والتي يتم توفيرها غالبا بدون مقابل أو ضمانات. نذكر كمثال على هذا، حالة التعبئة الشديدة في أيسلندا منذ أواخر عام 2008 والتي سببت سقوط الحكومة بعدها بخمسة أشهر. نشير أيضا إلى مظاهرات Geraçãa à Pasca أو “الجيل المفلس”، والذين استطاعوا في البرتغال جذب مئات الآلاف من الأشخاص في أوائل مارس 2011. هذه المعارضة للسياسات العامة الجذرية والتي يتم التعامل معها على أنها اجتماعيا ظالمة تم التعبير عنها بوضوح في المملكة المتحدة، من خلال مسيرة “من أجل البديل” والتي تم تنظيمها في لندن في 26 مارس 2011 بمشاركة ما بين 250 و500 ألف شخص. أخيرا من المناسب التنويه عن الاحتجاجات في اليونان والتي بدأت بالإضراب العام في مايو 2010.
ننوه إلى أن هذه الموجة العابرة للحدود تستمد وقودها من نجاح الثورتين التونسية والمصرية. حيث استطاعت تلك الثورات إسقاط أنظمة استبدادية قمعية من خلال الضغط الشعبي. في هذا الإطار، ظهرت النزاعات الاجتماعية والسياسية في أسبانيا في 15 مايو أو حركة الساخطون. في هذا السياق، وفي 15 مايو 2011، قام المحتجون باحتلال الميدان التاريخي في مدريد La Puerta del sol، بينما كانت البلاد تستعد للانتخابات المحلية.

الإطار النظري

في ظل غياب المعطيات الاجتماعية حول تكوين حركة 15 مايو ومؤيديها، يبدو أن التحليل الأيديولوجي غير مثمر. في المقابل، تظهر أساليب التنظيم وعمليات الاحتجاج كمؤشرات أكثر ملاءمة.
1. ترشيد آليات عمل مجدٌد. حيث تتم الإشارة إلى خصوصيات استراتيجية 15M، القائمة في أول الأمر على غزو المجال العام مدعومة برفض كامل للتعاون مع المجال السياسي. في هذا الإطار، من المهم التأكيد على خلق عمليات متطورة من الديمقراطية المباشرة إضافة إلى أشكال من الإدارة الذاتية ورفض كل قيادة، وهو أمر يتم ضمان تحقيقه من خلال التناوب الإجباري للمسؤوليات.
2. التداول الدولي للاحتجاجات. من هذا المنظور، من المهم ملاحظة انتشار أو حتى تصدير هاته النزاعات الاجتماعية نحو دول أخرى، بدءا باليونان/ فرنسا وإيطاليا. إلا أن اختلاف حجم كل تجربة حسب الدول يفسر من خلال هيكل الفرص السياسية الخاصة بكل منها.

تحليل

إحدى السمات الأساسية للحركة تكمن في توجهها اللاحزبي. حيث تشهد استبعاد “كايو لارا” منسق عام Izquierda Unida، وهو تنظيم سياسي يساري عندما حاول الظهور مع أعضاء حركة 15M خلال احد الاعتصامات. إذن، فإنه من المهم استبعاد عدد من الخطابات الخاصة حول الحركة والتي تحمل في طياتها بناءات مسبقة تحول دون إدراك ما يحدث. أن هناك بعض المعلقين ظنوا أنهم يستطيعوا إثبات الصلة الموجودة بين حالة غياب التسييس الموجودة بين المتظاهرين والتي تترجم فعليا من خلال رفضهم المشاركة في أي حزب سياسي أو أي تنظيم نقابي وشعوبية اليمين المتطرف. يذكر هنا أن هذه النوعية من الاستراتيجيات والقائمة على تعيين الحدود يتم الدفاع عنها من جانب السياسيين خاصة المناهضين منهم للعولمة، خصوصا وأن حركة “الاستعادة” récupération والتي ينظر لها أنها غير شرعية دون أن تكون بالضرورة مصنفة على أنها شعوبية. أخيرا، تقوم هذه الوضعية التي يطالب بها “الساخطون”، فضلا عن تحفظهم إزاء أي تنظيم هيكلي أو انتماء على أساس الهوية -حيث تقدم الحركة نفسها على أنها ببساطة “مواطن”- على تعظيم الديمقراطية المباشرة في مواجهة الحكومة التمثيلية. بعبارة أخرى، فان ترشيد عملها يعود بالأساس إلى سلمية آليات العمل وتحديدا إلى رفض أشكال العنف التي تحاول قوات الأمن فرضها. في الأصل، فانه من الواضح أن هناك تحول جذري في الحركات الاجتماعية، حيث أصبحت فاعل انعكاسي.
في الواقع، إن ظاهرة عبور المظاهرات المواطنة للحدود لا تعد ظاهرة حديثة، وهو ما أثبته الكفاح للقضاء على العبودية أو قضية السكان الأصليين. في المقابل، فإن الموضوع قد يبدو هينا الآن مع الدور الكبير الذي يلعبه الفاعلون غير الدوليون -المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني…الخ- على الساحة الدولية، وهو الدور الموثق بفضل الأعمال التي تناقش مناهضة العولمة. مع هذا، فإن احد أهم خصائص حركة “الساخطون” تكمن في التداول الدولي للأفكار والممارسات بل والفاعلين أنفسهم. حول هذه النقطة، نذكر بكتاب ستيفان هيسيل “اسخطوا” ، والذي تم تداول عنوناه سريعا بين المحتجين. منذ نشر الكتاب في أكتوبر 2010، حيث شهد هذا القاموس الاسترشادي نجاحا كبيرا. وقد تمت ترجمته حتى يومنا هذا إلى عدة لغات، وتم بيع ملايين النسخ من هذا الكتيب في العالم كله. وفي أسبانيا صاغ مقدمته المفكر خوسية لويس سامبيدرو وتم بيع العديد من نسخه هناك أيضا.
هذه المجموعة من البصمات والواردات بل وأيضا التصديرات -المحفزة عن طريق انخفاض تكاليف التواصل ونقل المعلومات- توضح تداخل تدريجي لهذه التعبئة في فضاء عابر للحدود أكثر استقلالية. من الآن، يأخذ الغضب شكلا تدريجيا وينتقل من بلد إلى بلد، حيث يأخذ شكل اجتماعي وسياسي لا تستطيع حكومات الدول حتى الآن تجاهله بسبب بعده العالمي.

المراجع

Della Porta Donatella, Tarrow Sidney (Éds.), Transnational Protest and Global Activism, New York, Rowman & Littlefield, 2005
Nez Héloïse, « “No es un botellón, es la revolutión !” Le mouvement des indignés à Puerta del Sol, Madrid », Mouvements, 7 juin 2011, consulté sur le site de la revue :
http://www.mouvements.info, 20 juin 2011
Pina Fernández Adrián, « La prise de la Puerta del Sol à Madrid : chronique du mouvement social du 15 mai », consulté sur le site de Métropolitiques : http://www.metropolitiques.eu, 21 juin 2011
Site Internet du quotidien El Pais : http://www.elpais.com

PAC 44 – موارد الجريمة الإلكترونية قرصنة شبكة غوغل Google

Jenna Rimasson مقال: جينا ريماسون

ترجمة: مصطفى بن براح Moustafa Benberrah

Passage au crible n°44

Pixabay

في 1 حزيران 2011 ، أعلنت غوغل عن قرصنة شبكتها. تأثر بهذه العملية مسؤولين أميركيين ومنشقين صينيين وأفراد من الجيش. لكن بيكين نفت أي تدخل لها في هذا الهجوم الإلكتروني الذي أخذ على محمل الجد من قبل واشنطن.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

منذ تطويرها خلال حرب الفيتنام ، بقيت الإنترنت تكنولوجيا مرتبطة ارتباطا وثيقا بفكرة المعارضة ، سواء العسكرية والديمقراطية. يمثل اليوم التجسس الإلكتروني أحد التهديدات الموجهة ضد الدول والشركات المتعددة الجنسيات التي تحاول حماية نفسها منه. لاندراجه في الفضاء الافتراضي، فإنه كثيرا ما يدعم الصراع على جبهات أخرى. فهكذا، في نيسان 2001 ، بعد وفاة الطيار الصيني، فوق جزيرة هاينان ، والناجمة عن طائرة تجسس اميركية ، وقع الموقع الرسمي للبنتاغون ضحية هجوم عبر الانترنت. في عام 2004 ، استهدفت الحكومة الكورية الجنوبية بدورها. في السنة التالية ، اخترق القراصنة الصينيون شبكات الشركات اليابانية الكبرى – بما في ذلك سوني وميتسوبيشي – والسفارات ووزارة الشؤون الخارجية اليابانية. علما أن هذه العملية حدثت بعد هزيمة الفريق الصيني أمام اليابان خلال بطولة كأس الامم الاسيوية لكرة القدم ، حيث ساهم هذا الحدث الرائد في ظهور مشاعر الصينية معادية لليابان. في عام 2006 ، تم اختراق نظام كلية الحرب البحرية بنيو بورت في الولايات المتحدة ، قبل قرصنة نظامي وزارتي الدفاع الفرنسية والألمانية. رغم نفيه أي مسؤولية لحكومته ، تقدم رئيس الوزراء باعتذار للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل في 27 أغسطس 2007

الإطار النظري

1. الجريمة الإلكترونية. إنها جرائم جنائية مثل التزوير، انتهاكات الملكية الفكرية والخصوصية، والتي ترتكب من خلال أدوات الكترونية، وخاصة من خلال الإنترنت. من خلال هذا المفهوم ، تظهر التحديات التي تفرضها كل من التكنولوجيات الجديدة و ثورة المهارات المدنية و التعبئة عن طريق الشبكة. تعكس الجريمة الإلكترونية اعتراضات مختلفة على احتكارات الدولة، بما في ذلك السيطرة على الإقليم والأمن. خارج النظام العام ، تضطر الحكومات أحيانا للتفاوض مع أطراف غير تقليديين قادرين على التأثير في هياكل المعرفة والانتاج. يعتبر على هذا النحو التجسس الصناعي المنفٌذ باستخدام وسائل الكترونية من بين الجرائم الالكترونية.
2. اختلاط المجالين العام والخاص. إن تطور الممارسات الاجتماعية الكلية لا تبدو من دون صلة مع السلوكات الاجتماعية الجزئية كما أبرزه نوربرت إلياس. كما أن تسارع العولمة يعزز تنقل السلوكات بين جهات فاعلة غير متجانسة. أكثر من التفاعل بين هذين المجالين، فإن هناك حاليا إعادة تشكيل النظام الدولي الذي كانت تهيمن عليه الدول مع ظهور كيانات يمكن أن تنافس أو حتى تضاهي السلطات الوطنية.

تحليل

تحاول الحكومة الصينية الراغبة الحفاظ على احتكارها للسيادة السيطرة على تنظيم نشاط ناشئ مرتبط بالتكنولوجيات الجديدة للمعلومات والاتصالات. تحقيقا لهذه الغاية، تضم في كفاحها مواطنين مختصين في هذا الميدان. حيث استثمر جيش التحرير الشعبي في هذا المجال، ويخصص اليوم قسما بكامله إلى الفضاء السيبراني. يتم هكذا تجنيد الآلاف من المهندسين كجنود الانترنت مما يؤدي إلى التداخل بين المجالين المدني والوطني للدولة – بفضل هذا التطور التكنوقراطي – و هذا ما يتيح لبكين الفرصة لإجراء انفتاح ديموقراطي من القمة. مع ذلك، فإن التأثير على هذه التفرقة الأساسية يجعل من الصعب – في حالة الجريمة الالكترونية – تجريم السلطات الصينية من طرف بلدان أخرى، حيث يمكن للدولة أن تدعي فراغا قانونيا و عجزها أمام كيانات خاصة للتخلص من المسؤولية.
تبين أن السيطرة على هذه التدفقات غير الملموسة و اللامركزية إضافة إلى تطوير التدابير القانونية قد تكون معقدة دوليا و داخليا، لأن الاجيال الشابة الطامحة إلى مزيد من الحرية، تكتشف الامكانيات التي تتيحها شبكة الإنترنت و تدفع بالسلطة لتبني نمط جديد من التنظيم السياسي. لا يمكن اليوم للحكومة ادعاء السيطرة الكاملة على انتشار المعلومات، حيث تتكرس منافستها على سبيل المثال في المواطن الصحفي. أما التعامل الأمني فقد أثبت عدم فعاليته في عالم تسوده العولمة ، حيث أن محاولة الزعماء الصينيين إنشاء برنامج تصفية مواقع الإنترنت – السد الأخضر – على أجهزة الكمبيوتر المنزلية توجت بالفشل. كما يتأكد عدم فعالية هذه الأجهزة في الساحة الدولية. تتمكن اليوم المجموعات المكونة على الويب ، سواء كانت قانونية أو غير قانونية ، من التعبير عن مطالبها في الفضاء العام والوصول المباشر إلى الساحة العالمية. يعتبر التمييز بين المجال المحلي والوطني والدولي من الماضي ويشير إلى وجود مجال “جلوكاليزي glocalisé “.
تتطلب العمليات على النت مهارات تقنية عالية ولكنها تبقى غير مكلفة ولها أثر اعلامي كبير. لا تقتصر هاته العمليات على أطراف المجتمع المدني الذين يعارضون الإجراءات الرسمية ، بل تشمل المتعاملين الاقتصاديين، والإدارات الحكومية وحتى المنظمات الغير مشروعة التي تعتمدها. وتنشأ هذه الصراعات في الشبكة بين كيانات ذات طبيعة وقدرات متماثلة أو غير متماثلة. في هذا الصدد نذكر مثال شركة سوني التي تم اختراق شبكتها بعد اسبوع من رسائل البريد الإلكتروني لغوغل. و قد امتد عدم وضوح الحدود بين الأفراد والدولة إلى مختلف المجالات التي نجحت الدولة حتى الآن في احتكارها، مما أدى إلى إلغاء النظام الهرمي الذي تهيمن عليه السلطات العامة.
تحتوي الجريمة الالكترونية على خصائص معينة مرتبطة بالإرهاب – هجوم مفاجئ، هدف رمزي، التغطية الإعلامية والهدف السياسي – حيث تبين الأحداث الماضية أن الدول ليسوا فقط أهدافا. بل يمكنها أيضا اعتماد هاته الوسائل للنزاع الغير رسمي بهدف الحصول على المعلومات، التلاعب بالمعلومات، أو تخريب أنظمة نقل البيانات. تجدر الاشارة إلى أن الاسلوب المستخدم في العملية والطرف المستهدف يحتويان على رسالة. في هذه الحالة ، فإن وانتهاك الجي مايل Gmail للمنشقين الصينيين ومسؤولي الولايات المتحدة ليس بعفوي. نذكر في هذه الحالة الخلاف التجاري في عام 2010 بين الصين وغوغل. حيث اتهمت هاته الشركة السلطات الصينية بإجراء رقابة كبيرة، و قررت بنقل شبكتها إلى هونغ كونغ. علاوة على ذلك، فإن هذا الاختراق وانتهاك الخصوصية يندرج في سياق التوترات المالية بين بكين وواشنطن. في الواقع، أعلنت الصين خلال شهر مارس عن بيع 9.2 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية. تعكس هذه الصفقة بطريقة غير مباشرة تحديا للهيمنة النقدية للولايات المتحدة والتي تعاني مصداقيتها من المديونية العامة الضخمة.منذ الهجمات على مركز التجارة العالمي في سبتمبر 2001 ، اعتمدت السلطات الامريكية موقفا قمعيا وإجراءات نشطة ضد مثل هذه الأعمال. ومع ذلك، فإن عدم تجانس الأطراف الفاعلة المعنية و سيولة التحركات يدفع للتشكيك في ملاءمة المجال الوطني أو الدولي لوقف هذه التهديدات. بالإضافة إلى ذلك ، فقد أفشل رفض الحكومات تأسيس شرطة عالمية للأنترنت لأن ذلك يستوجب التنازل عن سلطات لصالح مؤسسة دولية. أخيرا ، فإن الهجمات الالكترونية من قبل الدول الأخرى التي أدانها البيت الابيض بشدة يسلط الضوء على انتقاد العمليات التي تعزز تدخل الجهات الفاعلة غير الحكومية ، المؤثرة على استقرار النظام الوستفالي.

المراجع

Arquilla John, Ronfeldt David, Networks and Netwars. The Future of Terror, Crime and Militancy, Santa Monica, Rand Corporation Publishing, 2001. par la Maison Blanche
Douzet Frédérick, « Les Frontières chinoises de l’Internet », Hérodote, 125, (2), 2007, pp.127-142

PAC 43 – نحو تقنين المساعدات الإنسانية التمرد في ليبيا العقيد القذافي

مقال : فيليب ريفمان Philippe Ryfman

ترجمة: ليديا علي Lydia Aly

Passage au crible n°43

منذ منتصف فبراير ٢٠١١، أدت المواجهات بين الثوار والقوات الموالية للعقيد القذافي إلى كارثة إنسانية. حيث نزح من ليبيا نحو ٧٥٠ ألف شخص ليبي وأجنبي وذلك منذ أواخر شهر مايو. وقد جاء تحرك المنظمات الإنسانية- أولا- بناء على النزوح الجماعي للأيدي العاملة الأجنبية، ولكنه سرعان ما قامت تلك المنظمات بتوسيع نطاق أنشطتها لتشمل رعاية الجرحى والمصابين وتقديم المساعدات للمدنيين في مناطق القتال والاهتمام بأوضاع اللاجئين.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

يلاحظ بصفة خاصة التدخل الإنساني في المجال العام من ناحية الكوارث الطبيعية على غرار حالة هايتي في ٢٠١٠. ومن المهم أن نتذكر انها ترجع في الأساس إلى ظاهرة العنف خلال الحروب والتي ترتبط بها بصورة وثيقة منذ القرن التاسع عشر. وفي سياق الصراعات، يقوم عمل تلك المنظمات على ثلاث محاور: ١. الرعاية الطبية للجرحى والضحايا المدنيين والعسكريين/ ٢. الخدمات الأساسية (مأكل ومشرب)/ ٣. نقل الأفراد والاختصاصات ذات الطبيعة الإنسانية (استقلال وكالات الإغاثة، النقل، الصعوبات اللوجيستية، غياب الأمن، آليات التلاعب ، القانون الإنساني) وهي كلها أمور قد تبدو مألوفة ولكنها في طور التطور.

الإطار النظري

١.خلال أي نزاع مسلح، يظهر أهمية الدور الإنساني للوكالات/ منظمات غير الحكومية والوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة. تلتزم تلك المنظمات باحترام خمسة مباديء أساسية: الإنسانية/ النزاهة وعدم التفرقة/ الاستقلالية والحياد/ تحمل المسئولية/ التفرقة عن النظام.
مع هذا، لا يمتلك أي هؤلاء العاملين أي سلطة احتكار ازاء الفاعلين الآخرين، خاصة الدوليين منهم، والذين يسعون بدورهم إلى أهداف سياسية.
٢. تشير الحالة الليبية في القانون الدولي العام إلى حالة “نزاع مسلح غير دولي”، مع وجود الشعب المدني/ سكان مدنيين كضحايا رئيسيين. إلا أنه في مجال العمل الإنساني فان التفرقة بين المدنيين والمقاتلين له أهمية آمرة وقيمة. أخيرا، فان قرار مجلس الأمن رقم ١٩٧٤ في ١٦ فبراير ٢٠١١والذي يعطي الأساس للحملة العسكرية في ليبيا تحت قيادة الناتو والتي بدأت في ١٩ مارس ٢٠١١. يمثل أول تطبيق عملي لمفهوم جديد في القانون الدولي الإنساني (مسئولية الحماية).

تحليل

حتى نهاية شهر مارس، ظل عدد الليبيين الذين غادروا البلاد قليلا والاقتصاد قائم على عوائد البترول في ليبيا وقائم على عدد كبير من الأيدي العاملة الوافدة مما أدى إلى تبعات إنسانية غير متوقعة. وقد تم احتواء الأعداد الكبيرة للمصريين والصينيين والفلبينيين سريعا بسبب تدخل حكومات دولهم أو الدول الأوروبية والمنظمة الدولية للهجرة. في المقابل، ظل مصير العديد من القادمين من جنوب الصحراء الكبرى والقرن الأفريقي محفوف بالمخاطر. حيث استطاع البعض العودة لبلاده، ولكن ظل الكثير لم يستطع العودة أو لا يتطلع إليها. ان الاتحاد الأوروبي الذي يخشى تدفق المهاجرين إليه يبذل جهدا للحيلولة دون أي دخول إلى أراضي منطقة شنجن بصورة غير شرعية خاصة عن طريق البحر. يبدو هذا الوضع الإنساني الجديد بسبب تدفق هذا العدد الكبير من النازحين والأفراد مع غياب الية حماية حوالي ٥٥٠٠٠ ليبي لجئوا إلى تونس بينما نجح ١٥٠٠ في الوصول إلى إيطاليا. على الرغم من هذا، فإن معسكر اللاجئين واللذان تم تشييدهما في دهيبا ورامادا وتاتاوين في قطر على يد المفوضية العليا لشئون اللاجئين، تقريبا خاليين ولا يسكنها سوى بضعة مئات من الأشخاص. بينما يظل باقي اللاجئين مقيمون لدى ذويهم أو بواسطة أشخاص اخزين أو جمعيات خيرية محلية. عادة، يقدر أن هناك حوالي ١٠٠٠ شخص أعزل وقع ضحية عنف على الطريق إلى الملجأ، كما مات العديد منهم في خلال محاولتهم للعبور إلى إيطاليا على قوارب الثروة ولا يزال الآلاف من الصوماليين والاريتريين والسودانيين مكدسين في تونس في معسكرات شوشا ورأس غدير، بينما على الجانب المصري هناك السلوم يسكنون في أكواخ الثروة، وذلك بسبب معارضة السلطات لتشييد مخيمات اللاجئين. في الوقت الراهن، تعمل تلك المنظمات (الهلال الأحمر/ الصليب الأحمر) على توفير كل الاحتياجات الصحية من مياه وغذاء. ويعد هؤلاء الأشخاص “مهاجرين” وليسوا “لاجئين”، الأمر الذي يفسر تواجد منظمة “الهجرة الدولية” بجانب المفوضية العليا لشئون اللاجئين، حيث قامت منظمة الهجرة الدولية لإعادة توطين حوالي ٣٥ ألف شخص من مصر خلال ثلاثة أشهر، بيد انه لا يزال هناك الآلاف من العالقين. في نفس الوقت، طالب كل من الصوماليون والاريتريون والدارفوريون بالاعتراف بوضعهم كلاجئين، إلا أن كل من استراليا والولايات المتحدة فقط وافقوا على دراسة ملفات توطينهم.
على الصعيد الداخلي في البلاد، يبدو الوضع الإنساني متضارب، فالجزء الشرقي من البلاد والواقع تحت سيطرة المجلس الوطني الانتقالي، لا تزال الاحتياجات محدودة وعلى أقل تقدي مستوفاه، سواء من خلال المساعدات المحلية أو الدولية منها. أما على جبهة القتال حول مدن بريجا وأجدابيا، فتقوم الوكالات المتخصصة في جراحات الحروب والعناية بالمصابين بالتدخل بصفة دورية في هذه المناطق. وهنا تجدر الإشارة أن نظام الرعاية الصحية الذي وضعه النظام الليبي، يعمل بصورة جيدة، كما أنه لم ينهار ولا يزال مستمر في العمل. وفي المقابل، فإن العاملين في المجال الإنساني مشغولون بمصير المدنيين ساكني المناطق المتمردة والمحاصرة بالقوات التابعة للنظام الليبي، حيث يتم قذفها عشوائيا وبطريقة مدمرة، خاصة ميسراتا وزينتين. أثبت استخدام المدفعية الثقيلة وصواريخ طراز “جراد” قدرة قاتلة ومدمرة، ونتيجة ذلك، فقد واجهت مصراتة خلال الفترة من منتصف مارس إلى أوائل مايو حالة طوارئ إنسانية، الهياكل الطبية باتت غير قادرة على استيعاب الجرحى والمصابين والمقاتلين المدنيين. وأصبح الوصول إلى المأكل والمياه العذبة والأدوية محدودا للغاية ويعتمد على الإمدادات القادمة عن طريق البحر. وهناك الآلاف من الأجانب المكدسين في ملاجئ مؤقتة، بينما تقوم كل من منظمة الصليب الأحمر الدولية وأطباء بلا حدود بتوفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية. وقد تحسنت الأوضاع حاليا، وتمكنت القوات المتمردة من تضييق الخناق على تلك الموالية للنظام، والتي لا تزال متواجدة في العديد من الأحياء. لا تستطيع المنظمات الإنسانية الوصول إلى المنطقة الجبلية التي تسكنها قبائل البربر الواقعة في جنوب غرب طرابلس على جانب الحدود التونسية. والحاجة إلى المساعدات ملحة، بيد انه من المستحي التوصل إلى تقدير للموقف في الوقت الراهن.
وينبغي التأكيد على أن عدم وجود تمييز بين المدنيين والمقاتلين، والتي يطالب بها النظام يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني (قانون الإنساني الدولي). على هذا النحو، فإنه ينبغي أن يؤدي إلى الملاحقة القضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية (المحكمة الجنائية الدولية). وينبغي التأكيد على أن عدم وجود تمييز بين المدنيين والمقاتلين ، والتي يطالب بها النظام يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني (قانون الإنساني الدولي). على هذا النحو، فإنه ينبغي أن يؤدي إلى الملاحقة القضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية (المحكمة الجنائية الدولية).

المراجع

Barnett Michael, Weiss Thomas. (Eds.), Humanitarianism in Question: Politics, Power, Ethics, New-York, Cornell University Press, 2008
Holzgrefe J.-L., Keohane Robert O., Humanitarian Intervention, Ethical, Legal and political dilemmas, Cambridge, CUP, 2003
Ryfman Philippe, Une histoire de l’humanitaire, Paris, La Découverte, Collection Repères, 2008
Société Française de Droit International, La Responsabilité de protéger, Paris, Pedone, 2008

PAC 42 – فصل السياسة عن الدين من أجل الديمقراطية انسحاب الدالاي لاما

كتبه: انايس هنري Anaïs Henry

ترجمه: إيناس هريدي Inès Haridi

Passage au crible n°42

في العاشر من مارس 2010، قرر الدالاي لاما الرابع عشر بالتنازل عن سلطته السياسية لرئيس وزراء الحكومة التبتية المنفي. فمنذ 27 ابريل تولى لوبسنج سانجاي دور قائد مجتمع التبت . فاجئ هذا القرار الكثيرين لان منذ نحو 4 قرون يتمتع الدالاي لاما بالسلطتين السياسية والروحانية على السواء، خاصة في عيون 000 150 تبتي منفيين حول العالم.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

شهدت التبت مراحل مختلفة لنشر البوزية منذ القرن الثامن. ومع ذلك، لم يتم الاعتراف بالدالاي لاما سوى في القرن السادس عشر لأول مرة مع سونام جياتسو الرئيس الثالث لدير دريوبونغ.
وأصبح هذان الدالاي لاما الأول والثاني.
وفي البداية، انحصرت سلطة الدالاي لاما في السلطة الدينية وكان كفيل بأربع فروع للبوذية التبتية وهما: النيجمابا والكاجيبا والساكيابا الجيلوجبا . ولكن في عام 1642 استطاع الدالاي لاما الخامس بفضل مساعدة المغول بتوحيد ارض كبيرة تحت سيطرة الحكومة الكنائسية والنبلاء في لهاسا “.
بداءً من هذا الوقت، سيتولى الدالاي لاما في تبت السلطة الدينية والسياسية.
في عام 1949 امر ماو زيدونج بغزو تيبة وهو الشخص الذي انشأ في هذا الوقت جمهورية الصين الشعبية. وفي عام 1950 توج تنزين جياستو كدالاي لاما وكان عمره 15 عام فقط. وبالرغم من مجهوداته التي بذلها للتفاوض مع الحكومة الصينية اُجبر بالنفي إلي الهند في 10 مارس 1959. فمنذ هذا التاريخ تم نفي عدد كبير من التبت إلى خارج البلاد.
فاستقر عدد كبير منهم في البلاد التي تقع على الحدود وفي ارويا والبلاد الانجلوساكسونية. فمنذ بداية حكمه، وضع الدالاي لاما أساس لحكومة من هدفها الحفاظ على الشعب والثقافة فبفضل الدستور الذي إنشاءه استطاع أن يؤسس دولة في المنفى في دارامسالا وكان يسود فيها روح الديمقراطية ويُحترم فيها حقوق الإنسان.
حصل الدالاي لاما على مكافآت عديدة لصراعه لصالح عدم العنف وحقوق الإنسان والسلام. وفي هذا الصدد نذكركم بأنه حصل على جائزة نوبل للسلام في 10 ديسمبر 1989. فالجائزة الأحدث كانت التي حصل عليها من الكونجرس الأمريكي وهي عبارة عن مدلية ذهبية للإثناء مجهوداته لصالح عدم العنف.

الإطار النظري

نشير إلى نقطتي قوة
1. التوصل إلي عملية التحول الديمقراطي : توضح فكرة الدالاي لاما أطروحة لورانس وايتهاد الذي اقر بأننا سنشهد منذ نهاية العالم ثنائي القطب يتطبيع عملية التحول الديمقراطي على الساحة الدولية التي ستمر بمرحلة انتخاب حرة للقادة السياسيين.
2. ألغاز التأهيل: نشير الى إستراتيجية الصين على الساحة العالمية من اجل الإبعاد والتي تستهدف جائزة نوبل التبتية للسلام.

تحليل

تمنى الدالاي لاما الرابع عشر زرع تغيير ديمقراطي منذ تتويجه. ولهذا القبيل قام الدالاي لاما قبل نفيه بتعديل النظام القضائي والغي الديون المتوارثة التي كانت تجعل الفلاحين يخضعون للطبقة الارستقراطية وبعد رحيله خارج البلاد أسس عدد من المؤسسات تهدف ضمان الهوية التبتية وتسهل ظهور نظام ديمقراطي.ومن عام 1980 إلى 1990 وفر عدد كبير من المكاتب في البلاد التي كان يستوطن بها عدد كبير من المجتمعات التبتية وبهذه الطريقة استطاع ان يسهل لمجتمعه التصويت لممثليهم. هل يضع الدالاي لاما نهاية لعملية التحويل الديمقراطي الجارية بمنح السلطة التنفيذية لرئيس الوزراء. وفي الآونة الأخيرة، ثارت الشعوب العربية ضد حكامهم للمطالبة بحق الديمقراطية ولكن في حالة التبت انعكس الحال لان ليس الشعب هو الذي طالب برحيل القائد ولكن العكس وهذا لم ينتج أيضا عن تداخل أجنبي ومع ذلك فهذا اختيار أبوي وكاريزمي لرجل يبلغ من العمر 75 عاما وقدر بأنه حان الآن وقت الحكم الذاتي لشعبه.

غير هذا الاعتبار يجب ايضا معرفة بأن الدالاي لاما فيما يخص السلطات الصينية “يجرد من الأهلية” ، ففي وقت قيامة بعمل او في ةقت تنقله فتقوم السلطات الصينية. فبلنسة لهم فهو لا يكن اكثر من رجل دين يرتدي عباءة ، أو حاكم مستبد يبحث عن اسندا أغراضه في .ومن ناحية أخرى كان قد اباح ماو زيدونج غزو التبت بحجة ضرورة تحرير النظام الثيقراطي. ولكن يظهر في قلب هذه العملية تلاعب المعلومات وكان الهدف المنشود هو جلب موافقة دولية ، حينئذ اليوم، أصبح الحاكم السياسي المنفي لحكومة التبت فهو علماني ويتم انتخابه بالاقتراع العام من أغلبية التبتيين المنفيين (55%). نتيجة عن هذا الحدث فلا يمكن للحكومة الصينية ان تتبع هذه الطريقة مع القائد الجديد. أخيرا ، فاستنكرت الصين وبلدان أخري مكانة الدالاي لاما التي تجمع بين الدين والسياسة إذن فالتغيير الذي قام مؤخرا يقلل من النقد الذي كان يهدف هذا النظام.
ويتم تسجيل هذا القرار في أطار الصراع السياسي الذي استمر أكثر من 60 عاما. عن طريق عدم العنف استطاع الشعب التبت أن يظهر قدرته علي تحسين حقوق الإنسان في الصين.

المراجع

Heath John, Tibet and China in the Twenty-first Century, Londres, Saqi, 2005
Stil-Rever Sofia, Le Dalaï-Lama. Appel au monde, Paris, Seuil, 2011
Travers Alice, « Chronologie de l’histoire du Tibet », Outre-Terre, (21), janv. 2009, pp. 109-128
Withehead Laurence, « Entreprise de démocratisation : le rôle des acteurs externes », Critique internationale, (24), mars 2004, pp. 109-124