PAC 61 – المسؤولية الصحية لشركات الكيماويات الزراعية إدانة محكمة ليون العليا للشركة الأميركية مونسانتو

مقال: فاليري لوبران Valérie Le Brenne

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°61

Wikimédia

قررت في 13 شباط 2012 محكمة ليون العليا أن شركة مونسانتو Monsanto الأمريكية مسؤولة عن تسمم منتج حبوب بمنطقة الشارونت الفرنسية بسبب اللاسو Lasso ، أحد المبيدات الحشرية المحظورة في فرنسا منذ عام 2007. طلبت المحكمة بعد ذلك تحديد قيمة التعويضات التي يجب أن تدفعها الشركة للضحية. يمكن أن تصبح هذه الإدانة الأولى من نوعها في فرنسا بمثابة سند قانوني في حالة تسجيل قضايا أخرى مرتبطة باستخدام هذه المادة. تُضاف هذه القضية إلى العديد من الفضائح الصحية المرتبطة بالشركة الأميركية مما يثير مسألة تنظيم المبيدات الحشرية.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

استنشق المزارع في عام 2004 الأبخرة السامة الصادرة من خزان عند تحققه من عمله. كشفت الفحوص الطبية بعد هذه الحادثة عن حالة تسمم بواسطة مادة المونوكلوروبنزين monochlorobenzène، مذيب متواجد في المبيدات. أثبت صندوق التأمين التعاوني الزراعي في عام 2008 وجود علاقة سببية بين الاضطرابات العصبية واستخدام مادة حماية المحاصيل، مما أدى إلى عدم الاعتراف بها كمرض مهني. ولذلك، قام منتج الحبوب بإجراءات للحصول على تعويضات من العملاق الأمريكي، مما جعل منه المتحدث باسم ضحايا المبيدات في فرنسا.
يذكر أنه خلال الستينات، حذر الديموغرافيون من الزيادة في عدد سكان العالم و من مخاطر نقص المواد الغذائية. ولذلك أصبحت زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية أولوية كل المجتمعات الغربية. فقام المنتجون بدافع من الحكومات الوطنية باستثمارات كبيرة من أجل تحديث نشاطهم. وهكذا، تميزت الثورة الخضراء باعتماد الآلات في الإنتاج، توحيد الأراضي، استخدام المدخلات الصناعية واختيار وتهجين الزراعات.
تأسست الشركة الأمريكية في عام 1901 في سانت لويس – ولاية الميسوري. تمثل شركة مونسانتو مثالا واضحا للشركة التي استفادت من هذا الوضع للارتقاء إلى رتبة رائد في قطاع الكيماويات الزراعية. ومع ذلك، يتم بانتظام المساس بسمعة الشركة العالمية بسبب الفضائح الصحية و البيئية.

الإطار النظري

1. التسارع التكنولوجي. طورت شركات الكيماويات الزراعية مواد لتحسين انتاجية المحاصيل الزراعية ترقبا لزيادة الطلب على المواد الغذائية . فهي تساهم بذلك في عملية “التسارع التكنولوجي”، كما ذكرت سوزان سترانج Susan Strange . كما تنشط هذه الشركات في نفس الوقت في قطاعات كانت مخصصة سابقا للدولة مما يحد بالتالي من قدرات هذا الفاعل التنظيمية.

2. تنظيم فاشل. أدى الحديث عن فضائح صحية متعددة من قبل “الجهات الفاعلة الخارجة عن السيادة” على حد تعبير جيمس روزنو Rosenau James، تدريجيا إلى ظهور وانتشار معايير للإدارة العالمية للمبيدات. ومع ذلك، يؤدي استمرار وجود تضارب في المصالح بين منطق السوق وقضايا الصحة إلى عجز في الاحتياط وعدم ملاءمة الآليات التنظيمية.

تحليل

تكشف إدانة شركة مونسانتو من قبل محكمة ليون العليا عن مدى تحول الممارسات الزراعية تحت تأثير الثورة الخضراء. في الواقع، أدت الزيادة في عدد سكان العالم الى الضغط المستمر على الإنتاج الزراعي. يلجأ المزارعون باستمرار إلى زيادة انتاجية المحاصيل الزراعية الخاصة بهم من أجل الحد من مخاطر نقص الغذاء و للحفاظ على قدرتهم التنافسية. لذلك تطور و تسوق الشركات منتوجات تهدف لتحسين مستوى الانتاجية الزراعية. يساهم الأطراف الخواص من خلال المشاركة في عملية التسارع التكنولوجي في تغيير علاقات القوة بين الدولة والسوق. كما تحد الشركات بشكل كبير من قدرات تدخل السلطة العامة من خلال التدخل في مجالات كانت خاضعة سابقا لإدارة الدولة. حيث يقتصر نطاق ممارسة السلطة التنظيمية للدولة اليوم على هامش الأسواق. تعبر إدانة شركة مونسانتو من قبل المحكمة العليا لمدينة ليون عن حدود التنظيم الفرنسية فيما يخص المبيدات. نذكر في هذا الصدد أنه إذا كانت فرنسا المنتج الزراعي الأول في أوروبا، فهي أيضا المستهلك الرئيسي للمبيدات. أدى بالتالي تشابك القضايا الاقتصادية والزراعية إلى حجب العواقب الصحية للمبيدات و إلى الحد من حذر الدول.
مع ذلك، أدت انتقادات شركات الكيماويات الزراعية من قبل الجهات الفاعلة في المجتمع المدني تدريجيا إلى تشكيل ونشر معايير لاستعمال المبيدات. حيث تم إنشاء عدة وكالات للصحة في فرنسا خلال عقد التسعينيات للحد من المخاطر المرتبطة باستخدام المواد الكيماوية في الزراعة. وقد انعكس هذا على الصعيد الأوروبي من خلال اعتماد مبادئ توجيهية لتنسيق شروط تسويق المبيدات في الدول الأعضاء. تُبنى هذه الإطارات التنظيمية على أساس تراكم المعرفة ولا تدخل حيز التنفيذ غالبا إلا بعد الاتفاق على تسويق المنتوج. تجدر الإشارة إلى أن آليات التنظيم غير كافية للحد من المشاكل التي يتعرض لها منذ البداية المزارعون والعمال في هذا القطاع. تبقى زيادة وتضاعف الاضطرابات العصبية و حالات المرض بالسرطان الأمراض المهنية المتصلة باستخدام المبيدات الأكثر انتشارا. لكن الاعتراف التدريجي بهذه الأمراض من قبل صندوق التأمين التعاوني الزراعي يساهم في ظهور مطالبة مهنية. على الرغم من انتشار ظاهرة الرقابة الذاتية، يعتمد المزارعون الآن بعض أساليب عمل الأطراف الفاعلة في المنظمات البيئية غير الحكومية لإيصال قضاياهم إلى السلطات العامة.
في النهاية، تشكل الأضرار الناجمة عن الاستخدام غير الرشيد للمبيدات الآن سابقا لتنظيم التكنولوجيا الحيوية، وخصوصا في وقت تعرض فيه شركات الكيماويات الزراعية تكنولوجيا البذور المعدلة وراثيا كبديل لاستخدام المبيدات. في هذا المنظور، تتردد بعض الدول الاوروبية في السماح باستيراد هذه البذور في أراضيها. تجدر الاشارة إلى أن منطق السوق يدفع هذه الشركات إلى اللجوء إلى البلدان النامية لتصدير المبيدات المحظورة والبذور المعدلة وراثيا .

المراجع

Champion Emmanuelle, Gendron Corinne, « Le ‘développement durable’ selon Monsanto », Écologie et politique, 29 (2), 2004, pp.121-133
Parmentier Bruno, Nourrir l’humanité. Les grands problèmes de l’agriculture mondiale au XXIe siècle, Paris, La Découverte, 2009
Rosenau James, Turbulence in World Politics: a Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
Strange Susan, Le Retrait de l’État. La dispersion du pouvoir dans l’économie mondiale, [1996], trad., Paris, Temps Présent, 2011
lemonde.fr, Planète, « Monsanto, un demi-siècle de scandales sanitaires », disponible à la page: http://www.lemonde.fr/planete/article/2012/02/16/monsanto-un-demi-siecle-de-scandales-sanitaires_1643081_3244.html , dernière consultation: 8 mars 2012

PAC 60 – الاستقلال البطيء للشبكات الاجتماعية في الصين استخدام الصين حق الفيتو ضد مشروع قرار مجلس الأمن حول سوريا

مقال: جوستين تشيو Justin Chiu

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°60

Pixabay

اعترض في 4 فبراير 2012 كل من الصين وروسيا باستعمال حق الفيتو على مشروع قرار مجلس الأمن الذي يدين القمع في سوريا. تسببت الثورة السورية منذ بدايتها في مارس 2011 بمدينة درة بمقتل أكثر من 8000 من المدنيين. حيث أثرت الفيديوهات التي تُظهر القمع الدموي – خاصة في مدينة حمص – المُذاعة في جميع أنحاء العالم عبر شبكة الانترنت في العديد من المفكرين الصينين الذين تساءلوا حول مدى صحة قرار حكومتهم. فقدت الحجج الرسمية – حجة الدولة ومبدأ عدم التدخل – شرعيتها كما يبدو من خلال التعليقات في الشبكات الاجتماعية مما أجبر السلطات على التأقلم مع ظهور رأي عام في الصين. وهكذا في 14 فبراير، قال رئيس مجلس الدولة ون جيا باو Wen Jiabao انه مستعد لمناقشة الوضع في سوريا.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

أيقظ الربيع العربي مشاعر وعواطف الشعب الصيني. نذكر قيام النظام في عام 1989 بقمع عنيف للطلاب الذين طالبوا بمزيد من الديمقراطية والحرية. ساهم منذ أواخر الستينات كل من الإصلاح الاقتصادي وسياسة الانفتاح لدنغ شياو بينغ Deng Xiaoping في خلق حد الأدنى من الفضاء العمومي خلال الثمانينات لدرجة اتسام هذا العقد بنوع استثنائي من المناقشات السياسية و الثقافية. لكن بعد حملة القمع في ساحة تيانان مين Tiananmen ، اختفت المطالب السياسية من الحركات الاجتماعية. دفع كل من سيطرة الدولة الصارمة، تحسين مستوى المعيشة وضعف الدعم الخارجي ورثة الحركة الديمقراطية لتعزيز ظهور مجتمع مدني يقوم على حماية الحقوق المدنية.
وفقا للحكومة الصينية، ارتفع عدد الحوادث الجماعية من 8700 في عام 1993 إلى 74000 في عام 2004. تجدر الإشارة إلى أن الحركات الاجتماعية تمثل جميع الطبقات الاجتماعية. هذا راجع لتأثر حياة الصينيين بسبب تفكيك النظام الاجتماعي الشيوعي وإدماج البلد في العولمة. تصدر الاحتجاجات اليوم من العمال وسكان المدن، الفلاحين والعاطلين عن العمل: فهي غير متجانسة للغاية. ينتشر في هذه الأثناء الوعي الخاص بالحقوق المدنية في صين غنية، حيث أصبح رجال القانون بشكل عام والمحامون على وجه الخصوص أطرافا رئيسيين و رأس حربة المجتمع المدني. كما أصبح في مطلع القرن العشرين بناء دولة القانون أساسا لدعاية الحزب الشيوعي الصيني حيث اعتُمد تحت الضغوط الدولية رسميا مفهوم حقوق الإنسان في عام 2004 خلال المؤتمرالثاني عشر من طرف الجمعية الوطنية للحزب.
نظرا لاعتبارها تهديدا أمنيا، تخضع وسائل الإعلام الاجتماعية الجديدة التابعة لبلدان أجنبية للرقابة أو المنع في الصين. على الرغم من ذلك ، يشهد سوق الشبكات الاجتماعية الآن ازدهارا و قدرة تنافسية عالية. ومع ذلك، يهيمن بعض الفاعلين الخواص على عالم افتراضي متكون من حوالي 513 مليون مستخدم للإنترنت. فنذكر على سبيل المثال شبكات: تينسنت Tencent (تأسست في عام 1999، ما يرادف MSN Messenger) ، رن RENN ( ما يعادل من الفايسبوك Facebook، التي أنشئت في عام 2005 ) ، وايبو Weibo (بين الفايسبوك وتويتر، التي أنشئت في عام 2009).

الإطار النظري

1. زيادة الوعي بحقوق الإنسان. مكنت الإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية منذ ثلاثة عقود من تنمية الاقتصاد الصيني وتحسين حياة غالبية السكان بشكل ملحوظ. ومع ذلك، لا يمحي نمو الناتج المحلي الإجمالي التفاوت الاجتماعي، التفاوت بين المناطق، وتدهور البيئة في المملكة الوسطى خاصة و أن معظم المشاكل يتم تناقلها على شبكة الإنترنت. لا يتحمل اليوم الصينيون الأكثر تعليما و ثراء هذا الوضع البائس، حيث ينادون باحترام الأكثر حرمانا و الدفاع عن حقوقهم كبشر.
2. قوة المجتمع المدني من خلال الشبكات الاجتماعية. إذا أخذنا بعين الاعتبار كفاءة والتكلفة المنخفضة لوسائل الوساطة اضافة إلى قوة الاتصالات التي تبلورها شبكة الإنترنت، نفهم على نحو أفضل بعد ذلك كيف أصبحت أداة ثمينة جدا لطبقات واسعة من السكان. حيث غيرت الإنترنت جذريا العلاقة مع الوقت والمسافة بين المجتمع المدني والدولة. لهذا السبب يتوجب على الدولة إيجاد أسس جديدة للشرعية وطرق جديدة للحكم لمواجهة انتقادات المجتمع المدني.

تحليل

بفرض الصين نفسها كرائدة البلدان النامية، لا تتردد في معارضة وجهة نظر الدول الغربية كما رأينا في مؤتمر كوبنهاغن حول تغير المناخ في عام 2009. إضافة إلى ذلك، فهي تسعى على الصعيد الوطني لإنجاح المرحلة الانتقالية السياسية هذا العام من خلال وضع شى جين بينغ Xi jinping على رأس الحزب-الدولة. في هذه الفترة الحساسة، لا تستطيع الحكومة دعم مشروع دولي من شأنه إسقاط نظام استبدادي.
وعلى الرغم من رسائل التعاطف التي تتضاعف على الشبكات الاجتماعية، هذا لا يعني اعتراف الصينيين بالمطالب الديمقراطية للمعارضة السورية. في الواقع، يعارض المجتمع الصيني حكومته أساسا لمنعها للمساعدات الخارجية للسوريين، ولدعمها لنظام قمعي. لكن النقاش حول الوضع السوري يجد بسرعة حدوده منذ بضعة أيام بعد استعمال حق الفيتو، حيث يتجه اهتمام مستخدمي الأنترنت الصينيين إلى أحداث كبرى أخرى.
تجدر الإشارة إلى أنه رغم تعدد النقاد والصحافة والمثقفين، يبقى أولئك الذين يتجرؤون على تعدي الحدود قليلون. في الواقع فإنهم يخاطرون بالتعرض للاتهام بارتكاب جرائم التخريب، مثلما حدث للأستاذ قوي كوان Gui Quan الذي انتقد إدارة زلزال سيتشوان في عام 2009.
يشكل تعميم الإنترنت رهانا رئيسيا للشعب ومصدر قلق للحكومة الصينية. لهذا السبب يطبق 30 ألف موظف في وزارة الإعلام رقابة وحذف على الشبكة بشكل مستمر. يبدو أن هذا النشاط غير فعال أمام العدد المتزايد من المستخدمين. كما يفترض أن تراقب مواقع الشبكات الاجتماعية مستخدميها لتجنب التجاوزات. وهكذا تتم مراقبة الرسائل التي نشرت باللغة التبتية في شبكة وايبو Weibo . في ديسمبر الماضي، فرضت الحكومة الصينية على مستخدمي الأنترنت تسجيل إلزامي تحت أسمائهم الحقيقية. يخص هذا الاجراء 200 مليون مستخدم لشبكة وايبو. لكن ردود الفعل المتواصلة لمستخدمي الأنترنت ضد هذا التدخل في خصوصياتهم يعبر عن زيادة الوعي بحقوق الإنسان في الصين.

المراجع

Chen Yingfang, « Les mouvements de protestation des classes moyennes », in : Jean-Louis Rocca (Éd.), La Société chinoise vue par ses sociologues, Paris, Presses de Sciences Po, 2008, pp. 187-219
Elias Nobert, La société des individus, trad., Paris, Fayard, 1991
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, Liber, 2012.
Merklé Pierre, La Sociologie des réseaux sociaux, Paris, La Découverte, 2010. Coll. Repères 398
Nangfang Zhoumo (南方周末 ou Southern Weekly) : http://www.infzm.com/
Pedroletti Brice, Bougon François, « Le veto de Pékin sur la Syrie critique en Chine », Le Monde, 8 Fév. 2012
Rosenau James N., Turbulence in World Politics: a Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
Simmel Georg, Les Pauvres, trad., Paris, PUF, 1998
Zheng Youngnian, « China and Democracy: Not a Contradiction in Terms », in: John Wong, Bo Zhiyue (Éds.), China’s Reform in Global Perspective, Singapore, World Scientific Publishing, 2010, pp. 13-53

PAC 59 – استثمارات الصين العقارية في افريقيا من التنمية الزراعية في إعادة الاستيطان

مقال: فيليب هوجون Philippe Hugon

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°59

Pixabay

تضاعفت اجتماعات الأمن الغذائي في أوائل عام 2012 في حين أشارت عدة دراسات خاصة بمعاملات الأراضي إلى أن في الفترة ما بين 2000 و 2010 استخدمت ثلاثة أرباع 200 مليون هكتار مقايضة لإنتاج الوقود الحيوي و ليس لإنتاج المواد الغذائية (مركز التعاون الدولي للبحوث الزراعية من أجل التنمية Cirad ، المعهد الدولي للبيئة و التنمية , IIED مؤشر الإيجارات التجارية ILC 2012).أصبح الاستيلاء على الأراضي في البلدان النامية، ولا سيما أفريقيا وأمريكا اللاتينية موضع قلق متزايد في إطار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والزراعية وتهديد الأمن الغذائي. تؤدي عموما هذه المعاملات غير المفهومة والمفتقرة إلى الشفافية إلى خلافات عنيفة خاصة بين المنظمات غير الحكومية، المنظمات الدولية، صانعي القرار ، المزارعين والباحثين. حيث لعبت هذه الصراعات في مدغشقر على سبيل المثال دورا حاسما في رحيل مارك رافيلومانانا Marc Ravelomanana بعد العقد المتوقع مع شركة دايو الكورية.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

نلاحظ في دول الجنوب خلال ثلاثين عاما معدلا منخفضا من الاستثمار و انخفاض المساعدة الإنمائية الحكومية لقطاع الزراعة. ولكن الوضع تغير مع بداية القرن الحادي والعشرين، حيث تتضاعف عمليات استملاك الأراضي على النطاق الدولي، مثل الصين، وتنتشر في الجنوب خصوصا في أفريقيا. في الواقع، إن هذه القارة محل أطماع خارجية ليس فقط لمواردها و ثرواتها الباطنية (المعادن والنفط والغاز)، ولكن أيضا بسبب أراضيها الغنية. يمكن أن نتحدث في هذا الصدد عن لعبة احتكار عالمي لامتلاكها ومع ذلك هناك العديد من المتغيرات المجهولة فيما يخص التنفيذ الفعلي لهذه المشاريع مقارنة بما نُشر في الإعلانات الرسمية.

الإطار النظري

1. النمو السريع للمعاملات. تنمو المعاملات العقارية في شكل مشتريات أو ايجارات على المدى الطويل بسرعة في سياق عالمي من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية، عدم استقرار كبير في الأسواق المالية، وتحسبا لزيادة استهلاك المواد الغذائية.

2. ظهور استيطان حديث .هل يمكن اعتبار استثمارات الصين في الأراضي كاستراتيجية للمساعدات التنموية كما تنادي به سلطاتها والعديد من المنظمات الدولية لأنها تخلق فرصا حقيقية، أو هي مجرد استعمار حديث تندد بها منظمات غير حكومية كثيرة؟

تحليل

تهدف عمليات الاستيلاء على الأراضي في المقام الأول لإنتاج الوقود الحيوي. كما أنها تتوافق مع التوقعات الخاصة بالأمن الغذائي أو تغير أنماط الاستهلاك اضافة إلى أنها تمثل استثمارات مالية. هذا ما ينتج عنه ثلاثة أنواع من المستثمرين: 1) الدول المستوردة الكبيرة للأغذية التي تعاني من نقص الأراضي، و التي تتمتع بقدرات مالية قوية. 2) شركات صناعة الأغذية الزراعية الكبرى و الصناعيين الذين يعملون على خلق منطق ادماج للزراعة المؤقتة و المواد الغذائية. 3) المستثمرون والبنوك الذين يعتبرون الأراضي كاستثمارات مالية.
يتمثل البائعون والمستأجرون في البلدان التي لديها موارد مالية محدودة إلى جانب مجموعة من الأراضي المتاحة. هذا هو الحال في أفريقيا حيث باعت أو أجرت الدول منذ عام 2004 أكثر من 2.5 مليون هكتار. مع أكثر من 80٪ من الأراضي الصالحة للزراعة غير المستغلة1، أصبحت هذه القارة هدفا للمستثمرين الباحثين عن الأمن الغذائي و / أو الطاقة. لذلك نلاحظ انتشار الاستثمارات الزراعية أو الاستثمارات المالية.
تستثمر الصين في جميع أنحاء العالم في القطاع الزراعي. حيث تملك عموما من 2.1 إلى 2.8 مليون هكتارا في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وجنوب شرق آسيا ( 300000 إلى 000 400 هكتار – الأرز والخشب-)، واستراليا وروسيا وكازاخستان ( 87400 هكتار).حركة الاستيلاء على الأراضي في أفريقيا تأتي من: 1) المؤسسات الحكومية (مثل شركة دولة الصين الزراعية China State Farm Agribusiness بالغابون، غانا، غينيا، تنزانيا، توغو وزامبيا). 2) السلطات المحلية (مثل مجموعة مقاطعة شانشى الزراعية Shanxi Province Agribusiness Group ). 3) و المبادرات الفردية.
من المتوقع تطور عدة أنواع من الفوائد كالتدفقات الاستثمارية التي تعوض الانخفاض في المساعدات الإنمائية الرسمية، المساهمات من التكنولوجيا والاختصاصات، تحسين العائدات والإنتاجية، والأمن الغذائي إضافة إلى الحصول على العملة الصعبة (الوقود الحيوي). في الواقع، تزيد البذور الصينية الإنتاجية إلى الضعف، لكن هناك آثار أخرى أكثر تعقيدا. نذكر على سبيل المثال استقرار الصينيون في المزارع الكبيرة بالموزامبيق، الصادرات المتوقعة قبل سقوط القذافي من الأرز للصينيين في ليبيا في نطاق مشروع ماليبياMalybia ، أو مشاريع الوقود الزراعية في 2 مليون هكتار في زامبيا وزيت النخيل في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث تكمن المخاطر الرئيسية في: 1) النزاعات حول الأراضي حيث تتعرض المجموعات الضعيفة لخطر فقدان حقوقها في أراضيهم لأن 80٪ منهم دون سندات ملكية. 2) انعدام الشفافية في العقود. 3) انتهاك للسيادة و الأمن الغذائي. 4) الآثار البيئية السلبية، لا سيما ما يتصل بالارز الهجين، والبذور المعدلة وراثيا والتحكم في الذور.
بدلا من ذلك، يتطلب انتهاز الفرص المتعلقة بالمعاملات العقارية أن تكون مختلف الجهات الفاعلة أطرافا في العقود، و أن تتم حماية حقوق ملكية المزارعين وأن تستفيد المزارع العائلية من خلال عقود أو الاستعانة بمرافق البنى التحتية، من مداخيل و قروض اضافة إلى تصديرات المزارع الكبيرة.

المراجع

Afrique contemporaine « Investissements agricoles en Afrique » (237) N, 2011
CIRAD, IIUED, ILC (M Taylor ,al) www.landcoalition.org/cpl/CPL-synthesis-Report, déc 2012
“Land grab or development opportunity? Agricultural investment and international land deals in Africa” Juin 2009 – IIED, FAO and IFAD – Lorenzo Cotula, Sonja Vermeulen, Rebeca Leonard, James Keeley
Philippe Hugon, Fabienne Clérot « Les relations Chine-Afrique- les investissements agricoles au Mali », Rapport MAEE, 2010

1. تزرع 1.5 مليار هكتار من الأراضي في العالم من أصل 2.7 مليار من الأراضي الصالحة للزراعة أي بنسبة 55٪. ويتم استغلال سوى نحو 19 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في أفريقيا، أي خمس الإمكانات الكلية. المصدر: منظمة الأغذية والزراعة.

PAC 58 – إدارة صارمة للإنترنت إغلاق موقع ميغا أب لاود من قبل السلطات الأمريكية

مقال: ألكسندر بوهاس Alexandre Bohas

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°58

Pixabay

يمكن اعتبار قضية موقع ميغا أب لاود Megaupload كأحدث قضية في سلسلة طويلة من النزاعات حول حقوق التأليف والنشر. لكن طبيعتها العالمية و رفضها لكل من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية الملكية PIPA (Protect Intellectual Property Act) و قانون توقيف القرصنة على الانترنت SOPA (Stop Online Piracy Act) جعلها حدثا محوريا في التشكيل المعياري والمؤسساتي للإنترنت.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

ألقي القبض في 19 يناير 2012 على 18 مسؤولا بميغا أب لاود ، بما في ذلك كيم شميتز “الدوت كوم” بتهمة انتهاك حقوق التأليف والنشر، غسل الاموال والابتزاز، ثم قرر مكتب التحقيقات الفدرالي غلق الموقع من خلال منع المجال الخاص به على شبكة الإنترنت. أدت هذه العملية إلى تأثير عام على الملايين من مستخدمي الإنترنت ، بسبب الحملة الإعلامية و عواقبها على حد سواء. في الواقع، تستقطب هذه الشركة الرائدة في مجال التحميل المباشر، و المتمركزة بهونغ كونغ، ما يقرب 50 مليون زائر في اليوم الواحد، إضافة إلى 150 مليون مستخدم مسجل، حيث تمثل صلاتهم ما يقرب 4٪ من النشاط الرقمي العالمي. تم تعداد 525 خادم معلوماتي في الولايات المتحدة و 630 في هولندا تمكن هاته التواصلات.
ردا على هذه الحملة، احتج العديد من القراصنة المدعين انضمامهم لمنظمة ” المجهولين Anonymous ” اضافة إلى مستخدمين عاديين ضد هذا الوضع. حيث اخترق الأولون مواقع رمزية عالية مثل موقع الرئاسة الأمريكية أو موقع استديو “العالمي Universal” التي أصبحت غير متوفرة مؤقتا. في الوقت نفسه، صوت الكونغرس لتمرير مشروعي قانونين لمكافحة جرائم الإنترنت والتزوير PIPA و SOPA. يخطط المشروعان لتوسيع نطاق صلاحيات العدالة الأمريكية من خلال تمكينها من إجراء محو أي محتوى مشبوه على شبكة الإنترنت، سواء صدر من الولايات المتحدة أو من الخارج. لكن اعتمادهما تم تأجيله أمام ضغوطات العديد من الجمعيات الجماعات ذات النفوذ.

الإطار النظري

1. تسليع عالمي للإنترنت. تهدف هذه العملية بمبادرة من الشركات المتعددة الجنسيات إلى تطبيق مبدأ المتاجرة على الأنترنت باعتباره إطارا أساسيا لهذا المجال. حيث “ينتزعها” هذا المبدأ من بيئتها الاجتماعية، و هو ما عبر عنه كارل بولانيي Karl Polanyi في نطاق و زمن آخرين “بالتحول العظيم”. كما تهدد هذه العملية التنوع الثقافي والاقتصادي والاجتماعي عن طريق فرض أساس المعاملة بالمثل و التبادل، مما يدل مرة أخرى على أن السوق لا تزال مؤسسة مبنية أو حتى مفروضة.

2. إدارة رقمية في طريق التكوين. يشيرهذا المفهوم إلى طريقة أقل تقييدا لممارسة السلطة، والتي تكون قائمة على التفاهم و هي أكثر ملاءمة من مفهوم الإدارة الكلاسيكي. لهذا السبب كان من الشائع أن يستخدم على نحو متزايد من قبل المنظمات الدولية والمتخصصين لوصف أنواع من تنظيم يتكيف مع المجتمعات المعولمة التي تميزت بعدد من القضايا والأطراف الفاعلة العابرة للحدود الوطنية. ولكن هذا المفهوم يتجاهل المعارضة القوية ووسائل الإكراه الأمنية والقضائية لتنظيم القطاعات المعنية.

تحليل

تمثل الانترنت الآن جزءا لا يتجزأ من المجتمع حيث تُستعمل للترفيه، البحث، والعمل. على هذا النحو، فإنها تؤدي إلى تفاعلات متعددة و تبادل كبير تقوم أساسا على مبدأ المعاملة بالمثل. على سبيل المثال، يمثل كل من مبدأ الند للند peer-to-peer و الستريمينغ streaming طرق نشر مستحدثة على المستوى العالمي. بالإضافة إلى ذلك، فقد سهلت شبكات مثل يوتيوب Youtube تطور روابط قومية متعدية للحدود تتيح تطور أشكال التعبير الإبداعي.
تدخل الشركات عبر الوطنية في صراع حقيقي للمشاركة في هيكلة هذا الفضاء المركزي للملايين من المواطنين / المستهلكين حيث من المهم بالنسبة لها تشجيع السلوكيات والقيم وتحسين صورتها على الشبكة. لكن هذا يفترض قبل كل شيء أن يُعترف بمبدأ الملكية الخاصة حتى يتسنى لهذه الشركات بعد ذلك المطالبة بكل شرعية بحقوق على السلع والخدمات المتبادلة مما يمكنهم من إنشاء سوق تعزز منتجاتها تجاريا. كما تمنحها هذه الجدولة وفقا لقوانين العرض والطلب قوة حقيقة لأنها تركز على حقوق التأليف والنشر والوسائل لخلق وإنتاج والنشر. هذا ما أنتج معركة على المعايير القانونية للإنترنت.
ذكرنا سابقا العمليات الدولية لتكوين قانون وضعي إضافة إلى التجارب الرئيسية في هذا المجال *. تسعى منذ الدعاوى القضائية الأولى ضد نابستر Napster حتى ميغا أب لاود لاحتواء و الحد من النشاطات الخارجة عن قواعد الملكية الفكرية، وبالتالي التي لا تدفع حقوق الناشر. على مر السنين، اضطرت مواقع القراصنة لاقتراح عروض قانونية مثل نابستر Napster أو كازا Kazaa، أو وقف أنشطتها تماما مثل إيميول Emule أو لايم واير Limewire.
تجدر الإشارة إلى أن نفوذ هذه الجماعات ليست من دون حدود. في تشكيل هذا المجال، فإنها تواجه من جهة عالم مشتت ومتباين من مستخدمي الإنترنت، كما تواجه من جهة أخرى غيرها من الشركات الناتجة مباشرة من الإنترنت. لذلك استفادت هذه الشركات – مثل ويكيبيديا أو غوغل – من الإبداع والحرية على شبكة الإنترنت * ، وهو ما يفسر التعبئة الفعالة ضد قوانين SOPA وPIPA.
لقد لاحظنا في الأسابيع الأخيرة صدامات عنيفة بين اثنين من مراكز اقتصاد العالم الأمريكي: هوليوود و السيليكون فالي. بدعم من الرأي العام، فرض الثاني نفسه على الرغم من ضغط الأول. حيث تتشكل قواعد ومؤسسات جديدة كنتيجة لهذه الصراعات. بعيدا عن أي توافق في الآراء يتم التوصل إليه عن طريق المفاوضات أو الحوار، تنشأ إدارة الإنترنت كنتيجة لمعركة بين الشركات و المنافسات، والتي لابد وأن تأخذ بعين الاعتبار أيضا حكومة الولايات المتحدة كطرف حاسمة.

المراجع

Auffray Christophe, « MegaUpload : décryptage de l’affaire et des accusations », ZDNet France, 23 janv. 2012, disponible sur le site web : www.zdnet.fr
*Bohas Alexandre, « Coup de force numérique, domination symbolique. Google et la commercialisation d’ouvrages numérisés », Passage au crible, (5), 16 nov. 2009
*Bohas Alexandre, « Une construction mondiale de la rareté. Le projet ACTA d’accord commercial sur la contrefaçon », Passage au crible, (22), 22 mai 2010
« De Napster à Megaupload, le long affrontement entre la justice et les services de téléchargement», Le Monde, 23 janv. 2012.
Finkelstein Lawrence S., « What Is Global Governance ? », Global Governance, (1), 1995, pp. 367-372
Hewson Martin, Sinclair Timothy J. (Eds.), Approaches to Global Governance Theory, Albany, NY, SUNY Press, 1999. « Lois antipiratage : sous pression, Washington fait machine arrière », Le Monde, 20 janv.2012
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, Liber, 2012
May Christopher, The Global Political Economy of Intellectual Property Rights: The New Enclosures, 2nd Ed., London, Routledge, 2010
Polanyi Karl, La Grande transformation : aux origines politiques et économiques de notre temps, trad., Paris, Gallimard, 2009. « Peer-to-peer, la fin d’un protocole ? », Le Monde, 11 mars 2011
Sell Susan, Private Power, Public Law: The Globalization of Intellectual Property Rights, Cambridge, Cambridge University Press, 2003

PAC 57 – التكاليف الصحية والبيئية للتنمية الصينية تلويث نهر لونغ جيانغ من قبل شركة قوانغشى جينه مينينغ للتعدين

مقال: فاليري لو بران Valérie Le Brenne

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°57

Pixabay

في 51 يناير عام 2012، لوثت شركة التعدين قوانغشى جينه مينينغ Guangxi Jihne Mining Co.Ltd نهر لونغ جيانغ Longjiang (الموجود في منطقة قوانغشى المستقلة جنوب الصين) عن طريق إلقاء الكادميوم (منتوج مرتبط باستغلال الزنك شديد السمية). بما أن تربية الأسماك لا يزال نشاطا أساسيا في المنطقة، فقد طرقت وفاة المئات من الأسماك ناقوس الخطر للسلطات المحلية التي حاولت على الفور السيطرة على المادة السامة. وهكذا تعرضت ليوزهو Liuzhou ، ثاني أكبر مدينة في المنطقة والتي تقع 60 كيلومترا من مجرى النهر للتلوث مباشرة. على الرغم من النداءات الرسمية المشوبة بالتفاؤل، سارع سكان المدينة إلى محلات السوبر ماركت من أجل تخزين المياه المعدنية مما عزز من خطر نقص الامدادات.
يُضاف هذا الحادث الى لائحة طويلة من التلوثات الصناعية للمياه المسجلة في الصين في السنوات الأخيرة. تحدث هذه الأضرار في وقت يعاني فيه البلد من تفاوت كبير في التزويد بالمياه وندرة متفاقمة لهذه المادة، إلى جانب تضاعف الحاجة لموارد متعددة للطاقة.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

منذ عام 1979، تحت قيادة دنغ شياو بينغ Deng Xiaoping، دخلت الصين تدريجيا اقتصاد السوق، وحققت مستويات نمو وقدرة تنافسية جعلت منها الآن ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم. من بين أهداف هذه المرحلة الانتقالية الحد من حجم الواردات و زيادة الصادرات من أجل تطوير قاعدة صناعية قوية، مما يطرح مسألة إمدادات الطاقة الفعلية اللازمة لهذا المستوى من النشاط. سرعان ما دفع وجود باطن غني فيما يخص الطاقة (النفط والفحم واليورانيوم)، الخامات المعدنية (النحاس، والزنك والبوكسيت …) وغير المعدنية (الكبريت، الجرافيت الفوسفور، …)إلى تنظيم حملات واسعة النطاق للتنقيب وفتح العديد من مواقع التعدين، و التي تزامنت مع تكوين العديد من شركات التعدين.
منذ التسعينات، طُرحت قضية الطاقة مع مشكلة التوزيع غير المتكافئ للمياه. في الواقع، إذا كان جنوب الصين يتميز بموارد مائية وفيرة، مما يسمح زراعة الأرز، فإن الشمال يتميز بنقص المياه ومناخ جاف يتجسد طموح خلق توازن بين الجنوب والشمال في مشروع سد الصين العظيم المستكمل في عام 1992، والذي نددت به محكمة المياه الدولية في لاهاي بعد شكوى تقدمت بها كندا.
في غضون ذلك، دخلت الصين في مرحلة تحول حضري. وأدى تدفق المهاجرين من الريف إلى ظهور مدن جديدة، التي زاد عددهم من 69 في أواخر الأربعينيات ليصل إلى 670 خلال العقد الأخير. كما ساهمت الزيادة في الطلب على السلع الاستهلاكية اضافة إلى الانفتاح الاقتصادي للمدن الساحلية على الشركات الأجنبية في زيادة الانتاج الصناعي مما أدى إلى تنوع التلوث المرتبط بالأنشطة الصناعية ليشمل تلوث الهواء، التلوث المرتبط باستخراج الفحم، أو تلوث الماء عن طريق تصريف النفايات السائلة السامة مما ولد مخاطر ثقيلة على الصحة العامة

الإطار النظري

تجدر الإشارة إلى نقطتين:
1. الضغط على موارد الطاقة لتلبية الطلب المحلي و العالمي. حيث تفرض التنمية الاقتصادية ضرورات من الإنتاجية على الصناعة الصينية، وبالتالي، سرعت زيادة الضغط على موارد الطاقة خوصصة الدولة للشركات. يساهم الانتقال إلى منطق السوق، على حد قول سوزان سترانج Susan Strange في “انتشار القوة” التي تجعل أكثر تعقيدا محاولات تنظيم الدولة.

2. ظهور مجتمع مدني صيني. شجع تزايد الحوادث الصناعيين على ظهور مجتمع مدني الواضح بشكل خاص في مجال الصحة العامة والبيئة. وتمثل هذه القضايا للجهات الفاعلة الاجتماعية أقطاب تنظيم، حيث يؤخذ بعضهم – ذوي العلاقات عبر الوطنية- حاليا بعين الاعتبار من طرف السلطات الصينية

تحليل

تلويث شركة التعدين قوانغشى جينه مينينغ لنهر لونغ جيانغ بمادة الكادميوم هي أعراض ضرورات الإنتاجية والقدرة التنافسية التي يفرضها النمو الاقتصادي على الصناعة. بالفعل، فإن أهمية الإنتاج الصناعي يولد ضغطا مستمرا على مصادر الطاقة التي أصبح التحكم فيها مسألة استراتيجية رئيسية. في هذا المنظور، يجب أن تعزز شركات التعدين مستوى نشاطها عن طريق تحقيق عائدات أعلى وتنويع مصادر امداداتها. توجد اليوم العديد من الشركات الصينية في أفريقيا منافسة بذلك الشركات الغربية في سوق الطاقة. ومع ذلك، إذا سمحت زيادة الخوصصة بتحول هذه الشركات في الشركات عبر الوطنية، فإنها تحد في الوقت نفسه من القدرة التنظيمية للدولة.
في الواقع، فإن هذا الحادث يكشف عن عدم وجود تشريع ملزم بشأن المسؤولية البيئية للشركات رغم تسببها في عدة كوارث بيئية. يتسبب اليوم تصريف النفايات السائلة السامة مثل الكادميوم في مشكلة حقيقية للصحة العامة. يعرض استهلاك المياه غير الصالحة للشرب الناس لمخاطر السرطان. كما يتأثر أيضا قطاع الزراعة بفعل الآثار البيئية لهذه الأنشطة. في عام 2011، كشفت دراسة نشرتها الأسبوعية شين شيجي Xin Shiji الاقتصادية أن 10٪ من الأرز المنتج في الصين، والمصدر إلى الخارج يحتوي على آثار الكادميوم.
نظرا لحجم هذه الأضرار البيئية، وتحت الضغط المزدوج للمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، تسعى السلطات الصينية الآن للحد من استهلاكها للطاقة ومكافحة التلوث الصناعي. بالإضافة إلى إنشاء سلطات محلية لرصد مستويات التلوث، سمحت الحكومة تحت شروط صارمة بوجود منظمات بيئية غير الحكومية ووجود منظمات غير حكومية دولية. استغل أطراف المجتمع المدني الصيني عجز الدولة للتمحور حول قضية البيئة. اضافة إلى تبليغ الناس عن المخاطر، يملك هؤلاء الفاعلون القدرة على التأثير في سياسات الدولة عن طريق الاعتماد بشكل خاص على شبكات تضامن متعدية للحدود الوطنية. كما تشجع الحكومة الصينية الآن المنظمات البيئية غير الحكومية للمشاركة في وضع “القائمة السوداء” للشركات الملوثة مما يدل على أهميتها المتزايدة .

المراجع

Chen Jie, « ONG chinoises, société civile transnationale et pratiques démocratiques », Perspectives chinoises, 97, sept-déc 2006
Colonomos Ariel (Éd.), Sociologie des réseaux transnationaux: communautés, entreprises et individus. Lien social et système international, Paris, L’Harmattan, 1995
Keck Margareth, Sikkink Kathryn, Activists beyond Borders: Advocacy Networks in International Politics, Ithaca/London, Cornell University Press, 1998
Strange Susan, Le Retrait de l’État. La dispersion du pouvoir dans l’économie mondiale, [1996], trad., Paris, Temps Présent, 2011

PAC 56 – الرهانات الاقتصادية للصراعات الطائفية معاناة نيجيريا من الانقسامات الداخلية

مقال: فليب هيجون Philippe Hugon

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°56

Pixabay

منذ بداية عام 2012، تعاني نيجيريا، حليفة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من أزمتين أساسيتين: 1) المواجهة بين الشمال والجنوب التي تتميز بدوامة من التوترات العرقية والدينية، 2 ) ان الاضراب العام بسبب ارتفاع اسعار البنزين. كما تساهم تهديدات النقابتين الرئيسيتين بوقف انتاج النفط للمنتج الأفريقي الأول في تعقيد الوضع. تتحدث بعض الأصوات الموثوقة – مثل سوينكا Soyinka جائزة نوبل- على خطر اندلاع حرب أهلية. يشير آخرون إلى امكانية الانفصال، حيث يسلطون الضوء على تشابه قضية نيجيريا مع قضية تقسيم السودان بين شمال مسلم -يطبق قانون الشريعة- والجنوب المسيحي. أول بلد أفريقي من حيث عدد السكان مع 150 مليون نسمة، تعاني هذه الدولة الفدرالية – التي لا تزال تتعاقب فيها الأنظمة المدنية والعسكرية – من العنف المتفشي الذي يضعفها.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

بعد أن كانت مستعمرة بريطانية، أصبحت نيجيريا اليوم دولة فدرالية تتألف من 36 ولاية تديرها قوات مركزية محتواة من قبل سلطات عسكرية ومدنية قوية أو عن طريق النظام الفيدرالي. تساهم زيادة عدد ولاياتها الفدرالية أو القواعد المتعلقة بتداول السلطة السياسية بين الشمال والجنوب، أو حتى تقسيم الأراضي في هذا المنطق.
تختلف أنظمة السلطنات والشيوخ في شمال نيجيريا عن الأنظمة الاجتماعية والسياسية المنقسمة في الجنوب. تم الحفاظ على هذه الخلافات من قبل الإدارة الاستعمارية البريطانية تبعا لمنطق الحكم غير المباشر. ومنذ ذلك الحين، يبقى الشمال، حيث تطبق 12 ولاية الشريعة الإسلامية، محروما عموما بالمقارنة مع الجنوب.
وقد مزقت البلاد العديد من الصراعات التي لا تزال حرب البيافرا Biafra الانفصالية أعنفها (1967-1970)، حيث تواجه الايبو Ibos (بدعم من فرنسا واسرائيل والبرتغال) والاتحاد (بدعم من المملكة المتحدة والاتحاد السوفياتي). تعود أسباب هذه الحرب الى كل من هذه العوامل الاجتماعية والسياسية والدينية إضافة إلى رهانات النفط بين الدول الكبرى والشركات الكبرى، وقد أدت هذه التوترات إلى التنافس الداخلي في نيجيريا. في عام 1970، رمزت مبادئ (إعادة الإعمار وإعادة التأهيل والمصالحة) الى نهاية للصراع. لكن البلاد شهدت الكثير من التوترات بين الشمال والجنوب والصراعات في منطقة دلتا النيجر.

الإطار النظري

تكشف الأزمات في نيجيريا عن اتجاهين رئيسيين:
1. تتميز نيجيريا بعائدات النفط و آثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كما أنها توفر الظروف للاستخراج والنقل من خلال الوصول إلى البحر مما يجعلها احدى مناطق الاستخراج الأكثر جاذبية بأفريقيا. وتزداد التوترات الداخلية خاصة و أن 90٪ من الثروة تتركز في منطقة دلتا النيجر.

2. تتميز نيجيريا تاريخيا بصراعات بين الشمال والجنوب في المجالين الاجتماعي و الديني على حد السواء. تبين الاشتباكات بين الطوائف المسيحية والمسلمة هذه الانقسامات التي ترتبط بالاختلافات في الحقوق وعدم المساواة فيما يتعلق بتقاسم عائدات النفط.

تحليل

يمكن تحليل النزاعات في نيجيريا تحت ضوء معيارين رئيسيين. الأول يشير إلى النفط والغاز. هذا القطاع الاستراتيجي من منظور الاقتصاد الكلي، حيث يمثل مدخول النفط ما بين 35 و 40٪ من الناتج المحلي الإجمالي، 80٪ من عائدات الضرائب و 97٪ من الصادرات. في عام 2011، وصل المنتوج إلى مستوى 2.5 مليون برميل يوميا بسعر 75 دولارا للبرميل، مما يجعل من نيجيريا ثامن أكبر مصدر للنفط عالميا. تسيطر 6 شركات متعددة الجنسيات على 95٪ من الإنتاج، و أكثر من 40٪ من الانتاج يتم تصديره الى الولايات المتحدة حيث تمثل 10٪ من وارداتها. في الواقع، يؤدي النفط إلى تفاقم التوتر السياسي بسبب تركزه في جنوب شرق البلاد مما أدى إلى التمييز الحاد بين الولايات. في منطقة دلتا النيجر (9 ولايات تغطي 30 مليون نسمة)، تطورت بعض الحركات، مثل حركة تحرير دلتا النيجر، وبعض الفصائل المنشقة إلى حد كبير. كما يكمن قطاع المحروقات وأسعار البنزين في قلب الصراعات الاجتماعية لأن عائدات النفط تثير فسادا كبيرا وهروب رؤوس المال . حيث كان من المفترض أن تسمح إعادة توزيع الدخل بين الولايات والشعب تخصيص منحة لثلثي سكان نيجيريا (ذوي الدخل اليومي الأقل من 2 دولار) للوصول إلى ضروريات الحياة.
اضافة إلى هذه الرهانات النفطية، تجدر الإشارة إلى عامل ثاني في الأزمة: الصراعات بين الشمال والجنوب. في عاصمة الولاية جوس، تنشب الصراعات بين الفولاني Fulaniالمسلمين و البيروم Berom المسيحيين، طائفتين ذوي حقوق مختلفة. أما بالنسبة للحركات الإسلامية في الشمال، فهي متنوعة (الصوفيون التقليديون، الحركات السلفية ، المهديون والشيعة) مع تطبيق 12 ولاية (من 36) الشريعة الإسلامية. ساهمت حالات عدم المساواة وإقصاء حقوق في بلد يتسم بتقاسم متفاوت لعائدات النفط بتعزيز قوة الشبكات الاسلامية، حيث يريد بعض السياسيون استغلال الصراعات الدينية وتوسيع نطاق تطبيق الشريعة في منطقة الدلتا.
السؤال الاهم، وذلك بسبب الاضطرابات في ليبيا الآن هو انتشار تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” . تعتمد الحركة المعادية للغرب بوكو حرام، والتي ظهرت بعد 11 سبتمبر 2001 المتمركزة في ولاية بورنو الآن الجهاد، وتقسمت إلى عدة فروع إحداها ذات علاقات وثيقة مع منظمة الشباب الصومال وتنظيم القاعدة. حيث يؤدي تطرفها وأعمال العنف إلى تعزيز الانقسام الديني توليد دوامة من العنف والانتقام والقمع.
تلعب القوى الخارجية أيضا دورا أساسيا بما في ذلك الولايات المتحدة التي توفر لها نيجيريا أكثر من 40٪ من وارداتها من النفط الخام. أما بالنسبة للصين والهند، فتسعى إلى الدفاع على مصالحها في المنطقة. وفيما يتعلق بالدول النفطية العربية وإيران، فتدعم الولايات المسلمة في الشمال أو الحركات المنتشرة في الداخل. وأخيرا، تسعى القوى الغربية و النامية لتأمين المنطقة الشمالية المهددة من قبل الشبكات المتطرفة ومناطق انتاج ونقل النفط في الجنوب.
يجعل اليوم كل من هيكل نيجيريا الفدرالي ، قوة تجار الكبار في الشمال وذكرى البيافرا من المستبعد جدا عملية فصل الشمال والجنوب، على غرار السودان. إضافة إلى أن امتداد الصراع الديني غير ممكن لان الشمال سيكون الخاسر الأكبر. ومع ذلك، تثار مسألة شرعية السلطة الحالية.
هل سيؤدي العنف إلى تسوية جديدة فيما يخص: 1) إعادة توزيع العائدات النفطية، 2) والقضاء على الفساد، و 3) إجراء مفاوضات مع الأطراف المختلفة السياسية ، النقابية والدينية؟ وعلى العكس، هل من الممكن عودة جيش نظامي ذو أغلبية علمانية في إطار حالة انتشار العنف؟

المراجع

Draper Michael I. , Shadows: Airlift and Airwar in Biafra and Nigeria, 1967-1970, Hikoki Publications, 2006
Tai Ejibunu Hassam, “Nigeria’s Delta Crisis: Root causes and Peacelessness”, EPU, research paper, Issue 07/07
Perouse de Monclos Antoine , “Le Nigeria entre deux eaux”, Ramses, 2011

PAC 55 – نبذ كوريا الشمالية وفاة الرئيس كيم جونغ ايل

مقال: توماس ليندمان Thomas Lindemann

ترجمة: بن براح مصطف Benberrah Moustafa

Passage au crible n°55

Pixabay

إن وفاة الرئيس كيم جونغ ايل وخلافته من قبل نجله الثالث كيم جونج اون تثير من جديد مسألة الخيارات المتاحة للتهدئة وتطوير النظام في كوريا الشمالية. تشير التصريحات الاولى للحكومات الغربية في المقام الأول إلى شعور القادة بالقلق و اظهار تصميمهم على مقاومة أي خطط للعدوان من طرف كوريا الشمالية. كما يخطط البعض لتشجيع ربيع كوري دون الأخذ بعين الاعتبار القوة العسكرية المعتبرة لهذه الاسبرطة الآسيوية. ورغم كل ذلك، إذا تجاهلنا البعد الأخلاقي، يبدو أن هذا النظام لا يهدد الوضع الإقليمي القائم. يدل التاريخ الحديث على أن التنازل عن أي موقف معاد لا يزال ممكنا إذا ما أخذنا في الحسبان بقدر أكبر البعد الرمزي لطموحات نظام يسعى للاعتراف به.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

دخلت كوريا الشمالية في مواجهة مسلحة في عام 1950 ضد جارتها الجنوبية. خلال هذه الحرب، فكر الجنرال الاميركي ماك آرثر في استخدام الأسلحة النووية التكتيكية. تقررت الهدنة في عام 1953 من دون معاهدة سلام على أساس التقسيم بخط عرض 38 درجة. منذ ذلك الحين، شهدت المنطقة عدة مناوشات دون وقوع مواجهة مسلحة كبرى. وفي الآونة الأخيرة، في شهر آذار 2010، اتُهمَت كوريا الشمالية بحادث غرق سفينة تشيونان الجنوب كورية. بعد هذه الحادث، تمت معاقبة الدولة ونبذها في الساحة العالمية. كما ذكٌر قصف جزيرة يونبيونج الكورية الشمالية – التي تقع غرب شبه الجزيرة وبالقرب من الحدود البحرية (المتنازع عليها منذ 23 نوفمبر 2010)- الوضع الهش بين الكوريتين. تعهد الزعيم الجديد كيم جونج اون خلال جنازة كيم جونغ ايل أنه سيتم معاقبة كوريا الجنوبية عن سلوكها غير المحترم. أما بالنسبة للطموحات النووية لكوريا الشمالية، فمنذ عام 1993 لم تتوقف عن تحدي و الطعن في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في مناسبات عديدة. أدى الاتفاق الإطاري لعام 1994 وكذلك اتفاق بكين عام 2007 إلى تخليها عن أسلحتها النووية مؤقتا مقابل تنازلات اقتصادية و نوع من الاعتراف الدبلوماسي. مع ذلك، في مايو 2009، اجرت تجربة نووية ثانية تلت تجربة عام 2006 مما أدى إلى تعثر المفاوضات اليوم.

الإطار النظري

1. تعتبر المقاربات التقليدية المركزة على الخيار عقلاني غالبا أن حل الأزمات يتم سلميا عندما تفوق الفوائد المادية للسلام المنافع المادية للحرب. يؤكد المنظرون الواقعيون على أهمية التكاليف الأمنية في معادلة التكاليف / المكاسب. تبعا لهذا المنطق، كلما زادت حدة التهديدات العسكرية الموجهة من جانب الولايات المتحدة لكوريا الشمالية، كلما توجهت كوريا الشمالية الى التصرف بطريقة سلمية و التخلي عن خططها النووية. من جهة أخرى، يركز محللون آخرون ليبراليون على دور فرض عقوبات اقتصادية لمنع السلوك المنحرف للدولة.
2. في الواقع، إن سياسة الحزم ليست كافية و قد تكون مضرة إذا كانت تهدد بقاء النظام أو تؤدي إلى تهديدات حكومية يُنْظَر إليها على أنها مهينة. من وجهة نظر بنيوية، يبدو أن الأطراف الكوريين الشماليين حريصون على تأكيد صورة معينة لأنفسهم على الساحة السياسية. وبالتالي، فإن الإدراج الدبلوماسي – المكافآت الرمزية – يمكن أن يكون حاسما في التخفيف من حدة الصراع. في المقابل، فإن انتقاد الدولة قد يؤدي إلى التطرف، ذلك لأن هوية الفاعلين تتشكل وتتحول في نطاق التفاعلات.

تحليل

يثير أي تحليل للوضع في كوريا الشمالية مسألتين: هل تتوافق طموحات القادة الكوريون مع استقرار الوضع الإقليمي الراهن و ما هي أسباب التزام صانعي القرار في كوريا الشمالية بسياسة حافة الهاوية؟
قبل كل شيء، على الرغم من الخطاب المتبجح لقادة كوريا الشمالية، لا يوجد كثير من الأدلة على سياسة توسع إقليمي حيث أن شرعية سلالة كيم القائمة على أساس التقديس داخلية في المقام الأول. بالإضافة إلى ذلك، يتضح منذ عام 1953 أن كوريا الشمالية اتجهت نحو نوع من الحكم المطلق أكثر من التهديدات الحربية. فافتراضية احتلالها لكوريا الجنوبية غير مفيدة لزعماء كوريا الشمالية. كيف يمكنهم فرض على الكوريين الجنوبيين الذين يتمتعون بمستوى معيشة مماثل لإسبانيا نظاما توتاليتريا؟
كل المؤشرات تدفع لملاحظة أن النظام في كوريا الشمالية يعتمد القضية النووية من أجل الحصول على اعتراف أفضل. كما تثار مشكلة شرعية النظام الذي لا يتمكن من توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيه. وعلاوة على ذلك، فمن المعروف أن السلطات الكورية الشمالية لم تتقبل ادراجها في محور الشر في عام 2002. حيث وصف جورج بوش النظام في كوريا الشمالية “بقزم كريه” في إشارة إلى صغر طول كيم جونغ ايل. عندما يطلق زعيم كوريا الشمالية قمرا صناعيا في الغلاف الجوي مع الاناشيد الثورية في يوم الاستقلال الأميركي عام 2009، تبدو الرسالة واضحة: ” سوف نجبركم على الاعتراف بواسطة السلاح”.
أمام هؤلاء الفاعلين، تساهم التهديدات والعقوبات وعدم الاحترام في تصلب النظام. فإنها يمكن أن تعزز الشرعية الداخلية للنظام الكوري الشمالي عن طريق إظهار المعارضين بأنهم خونة يعملون لحساب الاميركيين. يمكن أن تؤدي أيضا إلى التصعيد العسكري. فتظهر نتائج سياسة الحزم سلبية. وضع رئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ باك حدا “لسياسة الشمس” لسلفه عن طريق الشروع في مناورات عسكرية على مقربة من خط الفصل. لكن هذه العزلة الدبلوماسية لم تنته مع وصول إدارة أوباما الى السلطة. وقد اعتمد هذا الأخير بدلا من ذلك “الصبر الاستراتيجي”، ودافع عن سياسة الانفتاح المرتبطة بتقديم أدلة على حسن نية كوريا الشمالية. الأسوأ من ذلك، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي لي ضمنيا في 15 أغسطس 2010 بزوال وشيك للنظام الكوري الشمالي من خلال تقديمه لمواطنيه فرض ضريبة جديدة بهدف التحضير لتوحيد البلدين.
في هذا السياق، من الضروري تحليل قصف كوريا الشمالية لجزيرة يونبيونغ في ديسمبر 2010 كنتيجة لمخاوف وجودية بدلا من أن تكون مظهر من مظاهر سياسة أمبريالية.

المراجع

Bourmaud Daniel, « Le complexe obsidional de la Corée du Nord », in : Josepha Laroche (Éd.), Passage au crible de la scène mondiale, Analyse de la scène mondiale 2009-2010, Paris, 2011, L’Harmattan. Collection Chaos International, pp. 89-92
Braud Philippe, L’Émotion en politique, Paris, Presses de Sciences Po, 2006
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, Liber, 2012
Lindemann Thomas, Sauver la face, sauver la paix, sociologie constructiviste des crises internationales, Paris, L’Harmattan, 2010. Collection Chaos International
Wendt Alexander, Social Theory of International Politics, Cambridge University Press, 1999

PAC 54 – مساوئ النسبية الثقافية الحكم بالاعدام على سكينة محمدي أشستياني

مقال: أرميل لوبرا شوبارد Armelle Le bras-Chopard

ترجمة: ليديا علي Lydia Aly

Passage au crible n °54

Flick

يبدو الحكم بالإعدام على سكينة محمدي اشستياني Sakineh Mohammadi Ashstiani بتهمة الزنا رمزا لانتهاك حقوق الإنسان ولوضع المرأة تحت حكم الشريعة المطبق في إيران. وقد أدت هذه القضية إلى تحرك الرأي العام الدولي منذ عام 2010 مما أدى إلى تعليق تنفيذ حكم الرجم. بيد أنه في أواخر شهر ديسمبر 2011 تم إعلان تبديل العقوبة بالرجم بعقوبة الشنق ، فاستعادت الحملة الدولية للاحتجاج نشاطها بهدف الإفراج عن سكينة.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

ولدت سكينة عام 1967 في اذربيدجان الإيرانية في شمال غرب البلاد. كانت معلمة في إحدى الحضانات في بلدتها ولكنها تتقن فقط اللغة الاذرية ولا تفهم الفارسية، اللغة الرسمية في إيران. في 2006، حكم عليها بالإعدام بتهمة المشاركة في قتل زوجها بالإضافة إلى علاقة غير شرعية مع رجل آخر. إلا أن هذه الاتهامات لم يتم إثباتها، بل اعتُبرت التهمة الاولى ثانوية بينما تم التركيز على جريمة الزنا والتي تُعاقب بالرجم حتى الموت. وقد تم إعلان تنفيذ هذه العقوبة في يونيو 2010. على الرغم من خضوعها مسبقا لعقوبة 99 جلدة على الرغم من إيمانها ببراءتها، وقٌّعت سكينة على المذكرة الخاصة بصدور حكم الإعدام ضدها الصادر بلغة لا تفهمها. بعد ذلك، تم إجبارها على تقديم اعترافات تليفزيونية قبل أن يتم القبض على ابنها و محاميها برفقة صحفيان ألمان أجرا حوارا معهما. أما بالنسبة للمحامي السابق، فقد أجبر على الهروب من البلد بعد أن امتد قمع النظام إلى زوجته.
تكونت على الفور موجة من السخط على النطاق العالمي مجسدة في تنظيم مظاهرات في أكثر من 100 مدينة في جميع أنحاء العالم. كما تضاعفت العرائض والإدانات الموجهة ضد إيران من قبل المنظمات الدولية بسبب عدم إحترامها لحقوق الإنسان. كما انبثقت أيضا احتجاجات من الخلفيات الثقافية ومن قادة سياسيين (الرئيس لولا اقترح في فترة ولايته منح سكينة اللجوء السياسي إلى البرازيل وهو العرض الذي رفضته طهران). هذه المجموعة من التدخلات أدت في النهاية إلى تعليق تنفيذ الحكم الموصوف “بالوحشي”. ولكن في نهاية عام 2011، نوه مالك ادجر شاريفي، وزير العدل في اذربيدجان الشرقية حيث تعتقل سكينة منذ سبع سنوات، بأن تنفيذ حكم الإعدام بالشنق يمكن أن يحل محل الرجم مما أدى مباشرة إلى تكون موجة جديدة من التنديد. وبعد مرور بضعة أيام، تراجع وزير العدل عن تصريحاته، مشيرا إلى أنه تم تحريفها. لذا يظل مصير سكينة غير محدد ومن هنا يستوجب حذرا دوليا في كل الأوقات.

الإطار النظري

1. احترام حقوق الإنسان. ترفض ايران المفهوم الدولي لحقوق الإنسان معتبرة إياه مجرد اختراع غربي. و تنادي الحكومة الحالية بمبدأ النسبية الثقافية والذي من خلاله تنفي فكرة القيم العالمية، حيث ترى فيها سلاحا ضد الإسلام والقرآن، وفقا للقادة الإيرانيين فإن كل الحقوق الأساسية ترجع إلى اربعة عشر قرنا أي قبل التطور الزائف في الغرب. وفقا للمبدأ رقم 20 في الدستور “فان كل أعضاء الأمة نساء ورجال تحت حماية القانون ويتمتعون جميعا بكل الحقوق الإنسانية، السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية” ولكن مع تحديد “في ظل احترام مبادئ الإسلام” أي هناك تفسير معين للشريعة. من هنا، فان الرجم، مثل انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان في هذا البلد (الرقابة، التعذيب، البتر…) مشرعة في البندين 102 و104 من القانون الجنائي الإيراني والذي يصف بدقة كيفية تطبيقه: الحجارة لا يجب أن تكون كبيرة لدرجة تؤدي إلى وفاة المتهم بعد رجمه بواحدة أو اثنين منها، كما لا يجب أيضا ألا تكون صغيرة لدرجة يصعب تسميتها بالحجارة. ويجب أن تكون حادة بحيث تؤدي إلى إراقة الدماء. بالإضافة إلى المعاناة التي يسببها هذا العمل الوحشي، تُضاف الإهانة حيث أن الموت يجب أن يتم في مكان عام مثل الضرب بالسوط، أو في حالة سكينة، يشترط أن يحضر عملية جلدها ابنها البالغ من العمر آنذاك 16 عاما.
2. غياب المساواة بين الجنسين. فيما يتعلق بالمساواة، فانها تأتي في صورة مؤسسية. حيث ينص البند رقم 21 من الدستور على أن “يتوجب على الدولة ضمان حقوق المرأة من حيث كافة وجهات النظر”…مع نفس التحديد: “في ظل احترام مبادئ الإسلام”، والذي يضع المرأة تحت وصاية. فعلى سبيل المثال، من بين هذه الالتزامات، أنه على الزوجة أن تطلب الاذن من زوجها من أجل الخروج من المنزل، السفر أو العمل. كما أنها مقيدة بالتزامات من ناحية الملبس وتخضع للتفرقة من ناحية الحقوق المدنية وحقوق الأسرة (غياب المساواة فيما يتعلق بإجراءات الطلاق والحصول على الميراث…الخ.) كما أن الحق في الإجهاض ممنوع.
يظل وضع المرأة في إيران محل تناقض. فهن يحظين بقدر أكبر من الحريات مقارنة بدول أخرى كدول الخليج العربي (السعودية، قطر، البحرين…)، خاصة فيما يتعلق بالدراسات العليا (60% من الإناث في الجامعة)، العمل والرياضة… من ناحية أخرى، فهن ناشطات في إطار منظمات وجمعيات. من هذا المنظور، تظل المحامية شيرين عبادي الحاصلة على جائزة نوبل للسلام في 2003 رمزا للنضال من أجل الحقوق الإنسانية.

تحليل

بطلة رغما عنها، تظهر سكينة كرمز لهؤلاء النساء اللاتي في إيران هن ضحية الرجم. ولكن خارج حدود هذا البلد، تشهد المرأة على قمع تحت وطأة امبراطورية الشريعة. من هنا، تم في نهاية عام 2011 الحكم بإعدام احداهن في السعودية بسبب أعمال السحر وفقا لحكم “اسلامي صحيح”. بالإضافة لهذا، فإن النشوة والأمال التي انبثقت عن الربيع العربي تثير القلق حول الانتخابات التي أعطت الأغلبية للأحزاب الإسلامية، حتى وإن كانت تلك الأحزاب تروج لنفسها على أنها “متفتحة” (تونس، مصر أو المغرب). كما أن المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا سارع في اليوم التالي لتحرير بلاده بالإعلان عن رغبته في عودة تطبيق الشريعة في البلاد.
إن الإسلام المتشدد لا يعد هو المحتكر الوحيد لسيادة الرجال، بل نجد هذا أيضا في صور أخرى للتطرف الديني. اليهود الأرثوذكس المتشددون “الرجال السود” ألم يقوموا بالتظاهر ضد اسرائيل من أجل تطبيق الفصل بين الجنسين في المجال العام؟ وهناك بعض الجماعات البروتستانت والكاثوليك يقومون بالهجوم على العيادات التي تقوم بعمليات اجهاض. في النهاية، فإن المجتمعات الراهنة حتى العلمانية منها تعرف حتى يومنا هذا غياب المساواة المعترف بها نسبيا فيما يتعلق بالتفرقة بين الجنسين. بعبارة أخرى. بعبارة أخرى، فان غياب تكافؤ الفرص النسبي بين الجنسين لصالح الرجل والذي شخصه الانتروبولوج فرونسواز هيريتييه Françoise Héritier في كل الأزمنة وفي كل الأماكن يشمل أيضا الغرب.
كما هو الحال في الثورات العربية وبعض الأوضاع الراهنة، فان دور الإعلام وخاصة الانترنت يعد أساسي في قضية سكينة. فرد الفعل اللحظي وصدى الرأي العام الدولي سمحوا بالضغط على القادة السياسيين لعدد من الدول وأيضا تجاه عدد من المنظمات الدولية والتي وجدت أنفسها مجبرة على اتخاذ موقف والضغط على طهران. واليوم، فان التضامن الدولي لا يضعف والذي يطالب به “مواطني العالم” ليس فقط إيقاف تنفيذ حكم الإعدام ضد سكينة، ولكن أيضا اطلاق سراحها. وبعيدا عن قضيتها، فهم يطالبون بكل بساطة بإلغاء حكم الرجم والذي غالبا ما يذهب ضحايا له أشخاص اخرون، والذي أعلنت ايران تعليق العمل به في 2002.

المراجع

http://laregledujeu.org/2011/12/29/8385/sakineh%C2%A0-les-dernieres-et-tristes-nouvelles-de-l%E2%80%99iranienne/
Stengers Lauriane, Pierres non seulement – Conversations avec Sakineh Mohammadi Ashstiani, Editions BoD, 2010
Voir les sites d’Amnesty International et Human Rights Watch

PAC 53 – الصحة العامة في مواجهة المصالح الخاصة للمقاولين الثانويين الفضيحة الصحية لزراعات الصدرPIP (Poly Implant Protheses)

مقال: أرماند سويسميز Armand Suicmez

ترجمة: ليديا علي
Lydia Aly

Passage au crible n°53

في يوم الأربعاء الرابع من يناير 2012، قاد قاضي التحقيق لمدينة مارسيليا حملة تفتيش لمقر شركة PIP (Poly Implant Prothèses) وذلك في أعقاب فضيحة زراعات الثدي التي تصنعها هذه الشركة. وتتكون منتجات PIP من سيليكون غير مطابق للمعايير وهو ما تسبب في حالات مرض السرطان حتى وإن كانت الصلة بين تلك المنتجات والحالات المرضية لم يتم إثباتها بعد.
تتجاوز هذه القضية الإطار القانوني الفرنسي لأن الشركة صدرت منتجاتها إلى أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية، حيث تسلط الضوء على غياب قواعد وطنية ودولية الخاصة بالتعامل مع الأجهزة الطبية.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

أسس جون كلود ماس في 1991 شركة PIP الفرنسية والتي تصدر منتجاتها إلى 65 دولة ومررت على المستوى العالمي نحو 400000 دعامة اصطناعية. بيد ان نشاطها المزدهر تدهور بسبب المنافسة الأسيوية خلال سنوات 2000 وانخفاض قيمة الدولار. لذا، قرر مديرها رفع الأرباح من خلال اللجوء إلى السيليكون الصناعي والذي يعد سعره أقل بحوالي سبع مرات مقارنة بنظيره الطبي. وبفضل هذه الحيلة، استطاعت PIP أن تصبح رائدة في هذا المجال سواء فيما يتعلق بالإنتاج أو التوزيع.
وعلى الرغم من خطورتها على الصحة، حصلت منتجات PIP على شهادة من المؤسسة الخاصة TÜV Rheinland، حيث اعتبرت المؤسسة مصل PIP كتكنولوجيا فيسيولوجية خالية من المخاطر، علما بأن جون كلود ماس قام بتقديم عينة من الدعامة مطابقة للمواصفات في وقت إجراء الاختبارات العلمية. وقد أعلن خلال التحقيقات للمفتشين:” كنت اعلم أن هذا الهرم غير مطابق للمعايير ، ولكنني قمت بهذا عن عمد لأن سيليكون PIP كان أقل تكلفة”. كما أخفى حقيقة مكونات هذه المواد عن عملائه مورديه بل وأيضا العاملين بالشركة من خلال تقديم فواتير المزورة.
تأثر 500.000 شخص في جميع أنحاء العالم بهذا الوضع. خلال عامي 2005 و2006، أدت أول شكاوى من المرضى إلى إدانةPIP بالولايات المتحدة وذلك قبل تضاغف حالات تمزق الدعامات في المملكة المتحدة وأسبانيا وأمريكا الجنوبية. ومنذ عام ونصف، تم تطبيق حظر التسويق وأجبرت الشركة على دفع غرامة 1.4 مليار دولار. كما سببت تغطية وسائل الإعلام لحالة امرأة توفيت بسرطان الغدد الليمفاوية حالة من الهلع الجماعي. في عام 2011، استقبل المدعي العام لمارسيليا نحو 2400 شكوى مما أدى إلى فتح تحقيق قضائي بتهمة “الإصابة والقتل غير العمد”. من المنتظر إجراء حوالي 30000 عملية استئصال للحد من المخاطر. أما المتهم الرئيسي في هذه القضية جون كلود ماس فيواجه خطر السجن 4 أعوام.

الإطار النظري

1. تسمية بالاستعانة بمصادر خارجية. أصبحت التسمية ضمانة للأمن الصحي. وقد تم تعميم هذه الآلية من أجل توفير حماية أفضل للمستهلك والذي بات ضعيفا أمام كثرة المعلومات والغير الآمنة أحيانا. بيد أن هذه المصادقة العامة على المعايير الوطنية والأوروبية والعالمية تقوم بها شركات خاصة.
2. الخبرات الطبية في خدمة المصالح الخاصة. حيث أنه غالبا ما تواجه الخبرة تحديات من المعلقين، إلا أنها تعد مصدر ثقة حين يستدعي الأمر تقييم جودة منتج ما. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن عملية التحقق من مسألة الصحة العلمية لا تزال تعتمد في كثير من الأحيان على المنطق السياسي والاقتصادي ولذلك، فإن حيادها تعد مسألة تخضع للحذر ويجب التأكد منها.

تحليل

في عصرنا هذا، فان قيمة الخبرة أصبحت في تزايد مستمر: فهي مقدسة خاصة حينما يتعلق الأمر بمنتج طبي، وهو ما يعد طبيعيا له صلة مباشرة بموضوعات الصحة العامة. في هذا الإطار، فان دعامات PIP اتسمت- حتى من قبل منعها- بخاصيتين: حيث أنها كانت الأقل تكلفة في السوق العالمي مع احتفاظها بمميزات طبية حسب تقييم وتأكيد مكاتب مستقلة. تجدر الإشارة إلى تزويد المساعدة العامة,المستشفيات العامة: AP- HP (Assistance publique- Hopitaux Publiques) ثلاث مراكز لعلاج السرطان في باريس بمعدات PIP.
تبدو فضيحة PIP أنها حالة خطأ معزولة راجعة لتجاوزات شخص واحد: جون كلود ماس. ولكن في الواقع، تجدر الإشارة إلى عدم كفاية القواعد الدولية والذي أشارت له الحكومات الأوروبية والفاعلين غير الدوليين أو شبكات الأفراد، مجموعات الأطباء أو جمعيات رعاية الضحايا مثل جمعية حاملي دعامة PIP. وفي حالة ما إذا كانت دعامات السيليكون تعد مجرد أدوات طبية بمعنى أن درجة خطورتها قليلة أو ليست ذات أهمية، فإنها تخضع لقاعدة ISO 14607 :2007 والتي تحدد الشروط الخاصة بدعامات الصدر المستخدمة في أغراض طبية. بيد أن هذه القاعدة غير الملزمة تسمح للقائمين على الصناعة بتسمية تقييم الأداء الخاص بإنتاجها.
في أوروبا، فإن معايير الأمان الصحي تقيد المصنع بإجراء التحقق عن طريق احدى 70 منظمة للتصديق من ضمنها TÜV Rheinland وهو معمل مستقل يلعب دور المتخصص وهو ما يكرس الأخلاقيات الطبية. بيد أنه لا يضمن في حقيقة الأمر اختبارات متعمقة. فهو متخصص في إقامة شركات المنتجات الطبية، ويسعى إلى أن يقوم عملائه بتحقيق أقصى ربح مالي.
التزمت الحكومات بسحب المنتج كإجراء وقائي احتراما لمبدأ الأمان. ومن هنا، نرى أن مسؤوليتها الاقتصادية تعد طرفا في هذه الفضيحة. فإذا كان القضاء الأمريكي اشترط على الشركة الفرنسية تقديم تعويض، فإن الضمان الاجتماعي بفرنسا يساهم ماليا. في المقابل، فقد قام التأمين الصحي بتقديم شكوى بسبب ’الخداع والاحتيال’ وذلك من أجل الحصول على تعويض يصل إلى 60 مليون يورو يتم تقديمه للضحايا. عالمية هذا المنتج (Prothese PIP) يوضح عدم تجانس التشريعات الحكومية والتي تبدو ضعيفة أمام مشكلة صحية تتخطى الإطار الخاص بسيادة الدول.
شدد زافييه برتران Xavier Bertrand ، وزير الصحة الفرنسي على تطبيق آلية للمتابعة الكاملة للأجهزة الطبية. بيد أن هذه المراقبة المعيارية تحت رقابة عامة تظل مؤمنة من قبل مجموعات خاصة. فالصحة أصبحت ’مرتبطة بصورة كاملة بنظام اقتصاد السوق القائم على قوى عفوية لفاعلين اقتصاديين وسياسيين يتدخلون فيه’. بعبارة أخرى، تخفي موضوعية البحث العلمي منطق قائم على الأرباح. ان استغلال المنصب القوي في مجال الصحة، وهو ما تم التنديد به في قضية دواء ميدياتور mediator، يعد استمرارا للخطر، خاصة حين نعلم أن 60% من أعضاء الوكالة الفرنسية للأمن الصحي للمنتجات الصحية AFSSAPS (Agence Française de Sécurité Sanitaire des produits de Santé) تمتلك مصالح في شركات صناعة الأدوية.

المراجع

Behar-Touchais Martine, « Le Conseil de la concurrence et la santé », Les Tribunes de la santé, (15), fev.2007, pp. 63-77
Demme Géraldine, « Le secteur de la santé face au droit de la concurrence », Regards sur l’économie allemande, (95), mars 2012, pp.27-32
Paule Clément, « La Marchandisation mondiale de la santé publique, La stratégie entrepreneuriale des firmes pharmaceutiques », Passage au crible, Chaos International, (11), janv..2010, pp. 1-2
Guelfi Marie-Claude, « Les dangers des lits médicalisés », Gérontologie et société, (116) jan.2006, pp. 77-83
Kerouedan Dominique, Santé internationale. Paris, Presses de Sciences Po, 2011
20min.fr, Santé ; « Prothèses mammaires PIP : Jean-Claude Mas admet la tromperie sans regrets »: http://www.20minutes.fr/sante/853770-protheses-mammaires-pip-jean-claude-mas-admet-tromperie-aucun-regret, dernière consultation : 8 janvier 2011

PAC 52 – مفهوم خاطئ للقوة إعادة شراء الشركات الأوروبية من قبل الصين

مقال: الكسندر بوهاس Alexandre Bohas

ترجمة: ليديا علي Lydia Aly

Passage au crible n°52

يهتم العديد من المراقبين بمسائل إعادة شراء الشركات التي تعمل في القارة القديمة من جانب الصينيين، على الرغم من هذا يبدون أسفهم إزاء مسألة نقل تلك الشركات و كذلك استثماراتها المباشرة خارج أوروبا. في كلتا الحالتين، يحزن هؤلاء الكبار من التراجع، وهو ما يقودنا إلى تحديد مفهوم القوة من أجل فهم أفضل للعلاقات متعددة الجوانب للسلطة والتي تحدث على الساحة الدولية.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

خلال السنوات الأخيرة، استثمرت الشركات الصينية بكثافة في أوروبا، مستفيدة من انخفاض التداول في البورصة. وقد احتلت تلك الشركات صدارة الأخبار في الصحف، بسبب دخولها – بأغلبية أو بأقلية- في شركات معروفة مثل فولفو (السويد)، شاتو دي فيو (فرنسا)، كلوب ميد (فرنسا) ، روفر (المملكة المتحدة)، بل وأيضا مؤسسات متخصصة وجديدة مثل ميديون (ألمانيا)، الكيم (النرويج) أو بورسودشيم (المجر) وأيضا شركات لوجيستية وأخرى موزعة مثل ماريوني (فرنسا) ، بور بيري (اليونان) ، و لوكسيتان (فرنسا).
في المجموع، منذ 2007 وحتى 2010، ارتفعت الاستثمارات الخارجية المباشرة للصين لتصل إلى 339% مقابل 133 % في امريكا الشمالية و115% في امريكا الجنوبية. وقد مثلت هذه الاستثمارات حوالي 64 مليار يورو خلال الفترة المتراوحة بين اكتوبر 2010 إلى مارس 2011، ومن المنتظر ان تستمر لأن احتياطي النقد في الصين ارتفع إلى 3620 مليار يورو. و هذا ما يمهد الفرصة إلى شراء أكبر 80 شركة في منطقة اليورو. ومن المهم الاشارة إلى أن الاستثمارات الصينية حاليا لا تمثل سوى 2% من اجمالي الاستثمارات ذات أصول غير أوروبية.
تؤكد هذه المعطيات بلا شك، أن ثمة إعتماد على الشركات الصينية وأن هناك نقل للتكنولوجيا لصالحها وهو ما يعني ارتقاء في مستواها. يفسر البعض هذا الصعود بسياسة بيكين : “روح الغزو” التي تدعم الطموحات التجارية لهذه الشركات بسبب بنك إكسيم Eximbank وهو مؤسسة خاصة بالقروض. و قد ولدت كل هذه الرهانات ردود أفعال معادية في أوروبا، القارة المتورطة في أزمة مالية والتي من المتوقع أن تسبب كساد اقتصاديا.

الإطار النظري

1. عدم تحديد القوة في مجموعة من الفاعلين. يمكن تعريف القوة بطريقة بنائية كنتيجة عن ترتيبات سياسية، ثقافية، اجتماعية واقتصادية، حيث لا يجب فهمها وفقا لنهج موضوعي فهي لا تُملَكْ. بمعنى اخر، فاننا لا يمكن أن نمتلك القوة ولكن فقط أن نكون أقوياء. لذلك، فمن المهم التخلي عن المنهج الواقعي الجديد والذي يقوم بقياسها استنادا لعدد وحداتها العسكرية أو الاقتصادية.
2. التنافس بين الفاعلين في نطاق الاعتماد المتبادل. بعيدا عن النزعة التجارية الجديدة السائدة، فانه يتعين النظر إلى التنافس على أساس أنه قائم على علاقات اعتماد متبادل معقدة: حيث أن الأقاليم تستفيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في الخارج من طرف منظمات غير حكومية، بينما تلك المنظمات تزدهر بسبب مواقع استراتيجية في اقطاب مميزة والتي تتم تنميتها في نطاق شراكات مع القطاعين العام والخاص. في أعقاب دراسات هيكشير- أوهلين- صامويلسون Heckscher-Ohlin-Samuelson أو مايكل بورتر Michael Porter، فان الاقتصاديين النيو كلاسيكيين يعتمدون على فكرة توافر مواد الانتاج وذلك لشرح التجارة الدولية. هذه النظريات يجب أن تأخذ في اعتبارها العولمة الحديثة والتي تترجم من خلال تعد للحدود ثلاثي الأبعاد: التبادل، الشركات والاستثمارات.

تحليل

على غرار الشركات الغربية، تسعى الشركات الصينية المتعددة الجنسيات من خلال شراء الأسهم ذات طبيعة غير مادية مثل التكنولوجيا الجديدة إلى الحصول على الشهرة الراسخة في فكر مستهلكي العلامات التجارية ورمزية المنتجات الأوروبية الراقية. و قد زادت قيمة هذه المنتجات في إطار سوق متميز بتجانس المنتجات الموجهة للمستهلكين. منذاك، فان تجربة الاستهلاك وليس فقط مجرد شراء المنتجات تخلق القيمة الذي يتطلع الصينيون إليها وبسعون إلى اكتسابها. نؤكد إلى أي مدى تبقى هذه الرويات التجارية متأصلة لدى المنتجين والعاملين في مجال التكنولوجيا عالية الجودة في مراكز الأبحاث بالقارة القديمة، فإن كلها نابعة من مكان محدد وثقافة منفردة. على الرغم من هذا، فإنها تنمو بسبب التمركز المؤسسي والطبيعة الإجتماعية الصناعية والتي سيدمرها النقل إلى مواقع أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التجديد وإدارة الأنشطة التي تمٌ شرائها من قبل الصينيين تظل ثمار متلاعبين بالرموز (رايش) (R. Reich) ذوي الوظائف التي يصعب تغييرها. في الواقع، فإن المراحل المختلفة للإنتاج تتطلب عاملين ذوي درجة عالية من الكفاءة و أجور عالية. من هنا، فاننا نفهم بصورة أفضل رهانات المعلومات والخبرات والمكان المهم المخصص للبحث. ويكفي القول أن عدم تقليد العمل لايزال يعد الأساس الرئيسي للقوة الأوروبية ولقيمتها على المستوى العالمي. إن الاستثمارات المباشرة الصينية تمثل مصدرا للتواجد المستقبلي في اسيا وزيادة في النشاط في أوروبا. وعلى الرغم من الدعم الذي تحظى به من حكومة بكين، فان هذه الاستثمارات تقوم على استراتيجيات الشركات التي تقيم احتمالات النمو الاكثر تطورا بالنسبة للأسهم الموجودة في الولايات المتحدة، في اليابان أو حتى في الصين.
أخيرا، فان هذه الموارد المستثمرة في المجالات الاجتماعية والثقافية والرمزية والتي تخصص مساحة واسعة لنمط حياة غربي حيث يظهر فيه المستهلك الأوروبي والأمريكي كعميل رئيسي بينما تبدو الشركات الغربية كمرجعية. بينما ينظر للمستهلك الصيني على أنه مصدر لنمو امبراطورية الوسط فمن الواضح أن الأمر ليس كذلك. تظل هذه الشركات تركز على الغرب، معترفة بصورة غير مباشرة باقتصادها العالمي، على الرغم من الأزمات الممنهجة والتهديد الذي يتعرض له هذا النموذج حاليا.
في حالة الاهتمام بتعدي هذه الرؤية الخاطئة للقوة، فانه من المستحيل استنتاج على عجل ان اعادة الشراء من قبل الصينيين تعني تغيير النظام صالح القارة الاسيوية.

المراجع

Baldwin Robert, The Development and Testing of Heckscher-Ohlin Trade Models: A Review, Cambridge (Mass.), MIT Press, 2008
Cerny Philip, Rethinking World Politics. A Theory of Transnational Neopluralism, Oxford University Press, Oxford, 2010
Fromm Erich, Avoir ou être ? Un choix dont dépend l’avenir de l’homme, trad., Paris, Editions R. Laffont, 1978
Julian Sébastien, « La carte des investissements chinois en Europe », L’Expansion, 25 Nov. 2011, disponible sur le site web :
http://lexpansion.lexpress.fr/economie/la-carte-des-investissements-chinois-en-europe_272330.html
Juvin Hervé, « Union européenne – Ce libre-échange qui nous ruine », L’Expansion, 19 déc. 2011, disponible sur le site web : www.lexpansion.fr
Nueno Pedro, Liu Gary, « How Geely Watched and Waited for Volvo », Financial Times, 19 Dec. 2011.
Porter Michael, L’Avantage concurrentiel des nations, Paris, Dunod, 1993
Reich Robert, L’Economie mondialisée, Paris, Dunod, 1993
« Volvo Cars ne regrette pas son passage sous pavillons chinois », Les Echos, 21 nov. 2011, p. 22.
Walt Vivienne, « Feasting On Europe », Time, 19 Dec. 2011, pp. 51-54