PAC 123 – سوني في مواجهة عالم بعد دولي المقابلة التي تقتل! والهجمات الإلكترونية في كوريا الشمالية

مقال: ألكسندر بوهاس Alexandre Bohas

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°123

تلقت شركة سوني مؤخرا عدة تهديدات بعد تصوير وإنتاج المقابلة التي تقتل! يسخر في الواقع هذا الفيلم من النظام الكوري الشمالي وينتهي مع اغتيال الرئيس الحالي كيم جون. سبق أن هوجمت أنظمة الكمبيوتر للشركة وتم كشف ونشر معلومات سرية في حوزتها. تخلت سوني في الوقت الراهن عن نشر هذا الانتاج في قاعات السينما.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

1. ظهور عصر ما بعد دولي. خرج العالم الذي كان يتميز باتجاهات متناقضة من التكامل و التجزؤ من عصر بين الدول المنصوص عليه في معاهدات وستفاليا التي وقعت في عام 1648. إنه يتميز الآن بالعديد من الجهات الفاعلة، والهويات والولاءات المجزأة والمتراكبة. لذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار على نطاق واسع كما فعل جيمس روزنو وييل فيرغسون وريتشارد مانسباك باستخدام مفاهيم السياسات polities وفضاءات السلطة.
2. اقتصاد سياسي للثقافة. يساهم هذا الميدان الجديد الذي بني على ترابط الثقافة والاجتماع في اثراء تحليل العلاقات الدولية لأنه يشتمل على الجوانب السيميائية والأيديولوجية من الظواهر العابرة للحدود الوطنية. تبعا لهذا النهج، يعكس التمثيل الجماعي المجتمع الذي لوحظت فيه مع مشاركتها في إنتاجها. وبهذه الطريقة، يتطلب تحليل الثقافة فهم عمليات الانتشار الهائل والاستيلاء الرمزي التي تشكل قضية رئيسية لجميع أطراف المسرح العالمي.

تحليل

تخشى كوريا الشمالية على الرغم من سيطرتها على وسائل التوزيع والاتصالات من أن تخلق هذه الكوميديا الساخرة اضطرابات داخلية على الرغم من حكمها بيد من حديد. بالإضافة إلى ذلك، إذا عرف الفيلم نجاحا دوليا، فسوف يساعد على تشكيل تمثيل جماعي عالميا للعديد من البلدان خارج الولايات المتحدة، بما في ذلك نقل صورة كاريكاتورية منتقدة للعديد من الدول. نذكر كذلك أن النظام الكوري قد استخدم أيضا السينما كوسيلة للدعاية والإشعاع. نذكر أيضا في هذا الصدد أن كيم جونغ ايل، والد الزعيم الحالي، شرع في اصدار منتوجات سنيمائية كبرى عرفت نجاحا محدودا – مثل Souls Protest (2000) – خارج كوريا الشمالية.
يساهم العصر الرقمي الآن في تفاقم الصراعات القائمة. تعرف الدول سواء كانت استبدادية أو ديمقراطية أو تمارس الهجمات الإلكترونية باللجوء أحيانا إلى خدمات قراصنة محترفين مثل الشبكة الغير الحكومية أنونيموس. تمتلك كوريا الشمالية في هذا المجال وحدة محترفة مكونة من 3000 خبير. في هذه الحالة، يمكن لهذه التدخلات أن تستهدف المنظمات الخاصة – كوكالات الأنباء الكبرى – ولكن أيضا خوادم الشبكة الداخلية الحكومية، مثل وزارة الخارجية، ملحقة أضرارا متعددة بالكيان. ويمكن أن تؤدي هذه الهجمات لشل نشاطها ولتدمير سمعتها و / أو الحصول على وثائق سرية لمعاقبتها اقتصاديا وسياسيا ورمزيا.
في حالة سوني، بالإضافة إلى الخسارة النلتجة عن انتاج وعدم تسويق فيلم المقابلة التي تقتل ! في قاعات السينما، مكنت هذه العمليات من نشر بيانات سرية عامة وتبادل رسائل البريد الإلكتروني بين مسؤولين رئيسيين للشركة الذين ظهروا عنصريين و عديمي الضمير في مراسلاتهم. نضيف أن هذا الهجوم يأتي بعدما خرجت سوني لتوها من قرصنة كبرى لشبكة بلاي ستيشن. لذلك نحن بعيدون عن الصراع بين الدول التقليدي بين الذي يجمع جيشين في ساحة المعركة والذي تركز عليه تحليلات المنظرين الواقعيين.
بدلا من ذلك، فإننا نشهد هنا مواجهة تدور بين شركة هوليوودية كبيرة – عاملة على الصعيد العالمي وبدعم من واشنطن – ومجموعة إجرامية يشتبه في كونها مدعومة من قبل كوريا الشمالية. تشهد هذه الصدمة غير المتوازنة خضوع أحد أكبر الشركات في السينما العالمية ، ضد رأي حكومة بلاده، لابتزاز نشطاء غير معروفين، يستغلون الخوف من هجمات محتملة قد ترتكب في دور السينما. ونحن نشهد “اضطرابا” – وفقا لكلام روزنو – تمكن خلاله بعض الأفراد من زعزعة استقرار عملاقة أمريكية ذات 8 مليار دولار من الإيرادات السنوية. يدل هذاعلى أن العلاقات الدولية قد فقدت الآن طابعها بين الدولي.

المراجع

Best Jacqueline et Paterson Matthew (eds.), Cultural Political Economy, London, Routledge, 2010
Ferguson Yale, Mansbach Richard, A World of Polities. Essays on Global Politics, Abingdon: Routledge, 2008
Rosenau James N., Turbulence in World Politics: A Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
Sum Ngai-Lim, Jessop Bob, Towards A Cultural Political Economy. Putting Culture in its Place in Political Economy, Cheltenham, E. Elgar Publishing, 2013

PAC 85 – السيناريو الدراماتيكي لكوريا الشمالية التجربة النووية الثالثة لكوريا الشمالية، 12 فبراير 2013

مقال: توماس ليندمان Thomas Lindemann

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°85

Pixabay

أجرت كوريا الشمالية في 12 فبراير 2013 ثالث تجربة نووية بعد تجارب عام 2006 و 2009 مما دفع الأمم المتحدة للإعلان عن عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن. قام البلد بإطلاق صاروخ في 12 ديسمبر 2012 على أساس أنه قمر صناعي. انتقد مجلس الأمن بشدة هذه العملية. هددت في 25 يناير 2013 كوريا الشمالية كوريا الجنوبية بهجوم عسكري اذا انضمت إلى عقوبات الأمم المتحدة الاقتصادية. كانت ردود فعل كوريا الشمالية عنيفة على الرغم من تخفيف التدابير المتخذة – تجميد أرصدة بعض مواطنيها وشركاتها الناشطة في الخارج – بناء على طلب الصين.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

ظهرت كوريا الشمالية بمساعدة من الاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية عن طريق معارضتها للاحتلال الياباني السابق. تحرر تدريجيا بعد ذلك النظام من حماته السوفيات والصينيين ليطور نظاما سياسيا مستقلا ومغلقا. تسبب النظام الكوري المنعزل أيديولوجيا خلال العقود التالية في العديد من الأزمات الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، تسببت المناورات العسكرية لكورية الجنوبية بالقرب من سواحل كوريا الشمالية في مواجهة عسكرية محدودة بين البلدين في ديسمبر 2010.

الإطار النظري

إن مصلحة فاعل بالنسبة للمناهج البنائية غير موجودة في حد ذاتها، بل تتشكل عبر المعتقدات الجماعية التي تنتج عن التفاعلات المختلفة. فيما يتعلق بالقيادة الكورية الشمالية، يفسر الدفاع عن سيناريو دراماتيكي إلى حد كبير عملها البطولي. في هذه الحالة، يشير مصطلح سيناريو دراماتيكي إلى الاعتقاد بتفوق كوري في الساحة الدولية. يبقي هذا العرض المتكلف للنفس (Goffman غوفمان) هشا لإحتمال أن يهدد جميع المعنيين باستمرار هذا الخطاب.
تدفع الفجوة بين صورة السياسيين الكوريين والصورة التي تعكسها الساحة العالمية لتنظيم عمليات مذهلة لتأكيد هذا السيناريو الذي يتكون من العناصر التالية:
1. توزيع الشخصيات. كلما استند العرض الذاتي على تضخيم الشرعية الكاريزمية، توجب على صناع القرار المخاطرة على المستوى الدولي لإثبات طابعهم الفريد. وبالإضافة إلى ذلك، كلما اعتمدت الرواية الرسمية على فكرة الاعتداء على الأبرياء – عادة أهل القرية وكبار السن والنساء والأطفال –، كلما سهل رفض الخيارات السلمية باعتبارها جبانة. وأخيرا، يتمكن خطاب يوصَف صاحبه “بالجبان، العدواني وغير الحساس” من إضفاء الشرعية على الانتقام.
2. تسلسل دراماتيكي. كلما تم عرض التاريخ الوطني في قالب الضحية كتسلسل بسيط: الاعتداء (الأمبريالية اليابانية، الأمبريالية الأمريكية)، والألم (مثل “نساء المتعة”)، الاستجابة (حرب العصابات، الاكتفاء الذاتي)، كلما يبدو العنف مبررا. كما يرتبط إظهار القوة العسكرية في السيناريو الدراماتيكي بديهية وضرورية أو حتى مجيدة بدعم شرعيتها بسهولة. يمكن للقادة السياسيين الدخول في سياسية صراعية عندما يمس الأجانب باستقرار السيناريو الدراماتيكي مما قد يؤدي إلى فقدان شرعية المسؤولين والمساس باحترام الذات.

تحليل

إن الإيديولوجية الرسمية (الزوتشيه) أقل ارتباطا بطموح الهيمنة الذي تكرسه العلاقات الدولية من فكرة أن كوريا الشمالية يجب أن تحمي نفسها من أي نفوذ أجنبي (يشير مصطلح شاجو chaju إلى الاستقلال). ترفض شخصية كوريا الشمالية الجامدة أي تأثير خارجي. نذكر على سبيل المثال السماح باستعمال الهواتف في هذا البلد منذ عام 2008 واستحالة الاتصالات الخارجية. وعلاوة على ذلك، كل شيء يقودنا إلى الاعتقاد بأن العدوان الكوري الشمالي يهدف للوقاية من أي عدوى إيديولوجية. تسببت في هذا الصدد ثلاثة أشجار عيد ميلاد بسيطة وضعت بالقرب من الحدود في توترات خطيرة بين الكوريتين في ديسمبر 2011.
ألم يتم تقديم أسرة كيم كأسرة من الآلهة العلمانية مؤله من قبل الأب المؤسس كيم جونج ايل و زوجته البطولية كيم جونغ سوك؟ يبدأ على هذا النحو تقويم كوريا الشمالية سنة ولادته. كما تتكرس عظمة السلطة في الهندسة كما يتضح من برج زوتشيه البالغ 150 متر، والذي تعلوه شعلة تبلغ 20 مترا تضيء بيونغ يانغ. وفقا لنفس المنطق، يتسع ملعب 1 مايو لحوالي 150000 متفرج مما يجعله الأكبر في العالم. هذا العرض المتغطرس للذات مهم لفهم الاستفزازات الكورية الشمالية لأن الزعيم الجديد كيم جونج أون مجبر على إثبات نسبه الإلهي إلى النخبة وشعبه. ولذلك يجب إدراك إطلاق الصواريخ في 12 ديسمبر 2012 والاختبار النووي الثالث في 12 فبراير 2013 كتمثيل رجولي للذات. في الوقت الذي يتم فيه عادة تصوير آريان عن بعد، تم تصوير الإطلاق الكوري الشمالي عن قرب كرمز لقوتها. كما تم الإعلان عن سرعة مبالغة لهذا الصاروخ لعدم تطابقها مع قوانين الجاذبية. يعكس التعليق على التجربة الثالثة مباشرة وبطريقة استفزازية نظرة كوريا الشمالية التي تعتبر الدول الأخرى معتدين دائمين. يتم تعريف الأعداء بطريقة غامضة كأمبرياليين ومهيمنين، وهو معيار تتبناه الطبقة الاجتماعية. بعد إطلاق الصواريخ وفور تبني عقوبات الامم المتحدة، أعلن الجيش عن اختبارات متعددة وتجربة نووية ذات مستوى أعلى: جميع القرارات موجهة ضد الولايات المتحدة، الأعداء المعينون لكوريا الشمالية.
رغم إدانة العنف رسميا في هذا البلد، فإنه في نفس الوقت شائع. تتعدد العروض العسكرية المثيرة، خاصة و أنه – مع 1.2 مليون جندي – يمثل رابع أكبر جيش في العالم. يشير خطاب قادتها إلى عدم استبعاد استخدام الأسلحة النووية مما يعكس رؤيتهم النفعية البحتة. وهكذا، وعد رئيس القوات المسلحة ري يونغ هو Ri Yong-Ho في عام 2010 باستخدام الأسلحة النووية ” إذا انتهك الأمبرياليون وأتباعهم ولو قليلا سيادة وكرامة البلاد”.
يبقى الصعب ردع زعماء كوريا الشمالية حتى لو طموحاتهم الوطنية تثبت في المقام الأول. تعتمد في نهاية المطاف القدرة على التحكم في عدوانية كوريا الشمالية على الاستراتيجية التي سيتم تطويرها ضدها.

المراجع

Cha Victor, The Impossible State. North Korea, Past and Future, New York, Ecco, 2013
Goffman Erving, La Mise en scène de la vie quotidienne, 2 vol., trad., Paris, Minuit, 1973
Goffman Erving, Les Rites d’interaction, trad., Paris, Minuit, 1974
Miller Steven E., Sagan Scott D., “Nuclear Power Without Nuclear Proliferation”?”, Daedalus, 138 (4), Fall 2009, pp. 7-18
Lindemann Thomas, Causes of War. The Struggle for Recognition, ECPR, Colchester, 2011
Lukacz Georg, Théorie du roman, trad., Paris, Gallimard, 1968
Narushige Michishita, North Korea’s Military-Diplomatic Campaigns, 1966-2008, Londres, Routledge, 2013

PAC 55 – نبذ كوريا الشمالية وفاة الرئيس كيم جونغ ايل

مقال: توماس ليندمان Thomas Lindemann

ترجمة: بن براح مصطف Benberrah Moustafa

Passage au crible n°55

Pixabay

إن وفاة الرئيس كيم جونغ ايل وخلافته من قبل نجله الثالث كيم جونج اون تثير من جديد مسألة الخيارات المتاحة للتهدئة وتطوير النظام في كوريا الشمالية. تشير التصريحات الاولى للحكومات الغربية في المقام الأول إلى شعور القادة بالقلق و اظهار تصميمهم على مقاومة أي خطط للعدوان من طرف كوريا الشمالية. كما يخطط البعض لتشجيع ربيع كوري دون الأخذ بعين الاعتبار القوة العسكرية المعتبرة لهذه الاسبرطة الآسيوية. ورغم كل ذلك، إذا تجاهلنا البعد الأخلاقي، يبدو أن هذا النظام لا يهدد الوضع الإقليمي القائم. يدل التاريخ الحديث على أن التنازل عن أي موقف معاد لا يزال ممكنا إذا ما أخذنا في الحسبان بقدر أكبر البعد الرمزي لطموحات نظام يسعى للاعتراف به.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

دخلت كوريا الشمالية في مواجهة مسلحة في عام 1950 ضد جارتها الجنوبية. خلال هذه الحرب، فكر الجنرال الاميركي ماك آرثر في استخدام الأسلحة النووية التكتيكية. تقررت الهدنة في عام 1953 من دون معاهدة سلام على أساس التقسيم بخط عرض 38 درجة. منذ ذلك الحين، شهدت المنطقة عدة مناوشات دون وقوع مواجهة مسلحة كبرى. وفي الآونة الأخيرة، في شهر آذار 2010، اتُهمَت كوريا الشمالية بحادث غرق سفينة تشيونان الجنوب كورية. بعد هذه الحادث، تمت معاقبة الدولة ونبذها في الساحة العالمية. كما ذكٌر قصف جزيرة يونبيونج الكورية الشمالية – التي تقع غرب شبه الجزيرة وبالقرب من الحدود البحرية (المتنازع عليها منذ 23 نوفمبر 2010)- الوضع الهش بين الكوريتين. تعهد الزعيم الجديد كيم جونج اون خلال جنازة كيم جونغ ايل أنه سيتم معاقبة كوريا الجنوبية عن سلوكها غير المحترم. أما بالنسبة للطموحات النووية لكوريا الشمالية، فمنذ عام 1993 لم تتوقف عن تحدي و الطعن في معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في مناسبات عديدة. أدى الاتفاق الإطاري لعام 1994 وكذلك اتفاق بكين عام 2007 إلى تخليها عن أسلحتها النووية مؤقتا مقابل تنازلات اقتصادية و نوع من الاعتراف الدبلوماسي. مع ذلك، في مايو 2009، اجرت تجربة نووية ثانية تلت تجربة عام 2006 مما أدى إلى تعثر المفاوضات اليوم.

الإطار النظري

1. تعتبر المقاربات التقليدية المركزة على الخيار عقلاني غالبا أن حل الأزمات يتم سلميا عندما تفوق الفوائد المادية للسلام المنافع المادية للحرب. يؤكد المنظرون الواقعيون على أهمية التكاليف الأمنية في معادلة التكاليف / المكاسب. تبعا لهذا المنطق، كلما زادت حدة التهديدات العسكرية الموجهة من جانب الولايات المتحدة لكوريا الشمالية، كلما توجهت كوريا الشمالية الى التصرف بطريقة سلمية و التخلي عن خططها النووية. من جهة أخرى، يركز محللون آخرون ليبراليون على دور فرض عقوبات اقتصادية لمنع السلوك المنحرف للدولة.
2. في الواقع، إن سياسة الحزم ليست كافية و قد تكون مضرة إذا كانت تهدد بقاء النظام أو تؤدي إلى تهديدات حكومية يُنْظَر إليها على أنها مهينة. من وجهة نظر بنيوية، يبدو أن الأطراف الكوريين الشماليين حريصون على تأكيد صورة معينة لأنفسهم على الساحة السياسية. وبالتالي، فإن الإدراج الدبلوماسي – المكافآت الرمزية – يمكن أن يكون حاسما في التخفيف من حدة الصراع. في المقابل، فإن انتقاد الدولة قد يؤدي إلى التطرف، ذلك لأن هوية الفاعلين تتشكل وتتحول في نطاق التفاعلات.

تحليل

يثير أي تحليل للوضع في كوريا الشمالية مسألتين: هل تتوافق طموحات القادة الكوريون مع استقرار الوضع الإقليمي الراهن و ما هي أسباب التزام صانعي القرار في كوريا الشمالية بسياسة حافة الهاوية؟
قبل كل شيء، على الرغم من الخطاب المتبجح لقادة كوريا الشمالية، لا يوجد كثير من الأدلة على سياسة توسع إقليمي حيث أن شرعية سلالة كيم القائمة على أساس التقديس داخلية في المقام الأول. بالإضافة إلى ذلك، يتضح منذ عام 1953 أن كوريا الشمالية اتجهت نحو نوع من الحكم المطلق أكثر من التهديدات الحربية. فافتراضية احتلالها لكوريا الجنوبية غير مفيدة لزعماء كوريا الشمالية. كيف يمكنهم فرض على الكوريين الجنوبيين الذين يتمتعون بمستوى معيشة مماثل لإسبانيا نظاما توتاليتريا؟
كل المؤشرات تدفع لملاحظة أن النظام في كوريا الشمالية يعتمد القضية النووية من أجل الحصول على اعتراف أفضل. كما تثار مشكلة شرعية النظام الذي لا يتمكن من توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيه. وعلاوة على ذلك، فمن المعروف أن السلطات الكورية الشمالية لم تتقبل ادراجها في محور الشر في عام 2002. حيث وصف جورج بوش النظام في كوريا الشمالية “بقزم كريه” في إشارة إلى صغر طول كيم جونغ ايل. عندما يطلق زعيم كوريا الشمالية قمرا صناعيا في الغلاف الجوي مع الاناشيد الثورية في يوم الاستقلال الأميركي عام 2009، تبدو الرسالة واضحة: ” سوف نجبركم على الاعتراف بواسطة السلاح”.
أمام هؤلاء الفاعلين، تساهم التهديدات والعقوبات وعدم الاحترام في تصلب النظام. فإنها يمكن أن تعزز الشرعية الداخلية للنظام الكوري الشمالي عن طريق إظهار المعارضين بأنهم خونة يعملون لحساب الاميركيين. يمكن أن تؤدي أيضا إلى التصعيد العسكري. فتظهر نتائج سياسة الحزم سلبية. وضع رئيس كوريا الجنوبية لي ميونغ باك حدا “لسياسة الشمس” لسلفه عن طريق الشروع في مناورات عسكرية على مقربة من خط الفصل. لكن هذه العزلة الدبلوماسية لم تنته مع وصول إدارة أوباما الى السلطة. وقد اعتمد هذا الأخير بدلا من ذلك “الصبر الاستراتيجي”، ودافع عن سياسة الانفتاح المرتبطة بتقديم أدلة على حسن نية كوريا الشمالية. الأسوأ من ذلك، أعلن الرئيس الكوري الجنوبي لي ضمنيا في 15 أغسطس 2010 بزوال وشيك للنظام الكوري الشمالي من خلال تقديمه لمواطنيه فرض ضريبة جديدة بهدف التحضير لتوحيد البلدين.
في هذا السياق، من الضروري تحليل قصف كوريا الشمالية لجزيرة يونبيونغ في ديسمبر 2010 كنتيجة لمخاوف وجودية بدلا من أن تكون مظهر من مظاهر سياسة أمبريالية.

المراجع

Bourmaud Daniel, « Le complexe obsidional de la Corée du Nord », in : Josepha Laroche (Éd.), Passage au crible de la scène mondiale, Analyse de la scène mondiale 2009-2010, Paris, 2011, L’Harmattan. Collection Chaos International, pp. 89-92
Braud Philippe, L’Émotion en politique, Paris, Presses de Sciences Po, 2006
Laroche Josepha, La Brutalisation du monde, du retrait des États à la décivilisation, Montréal, Liber, 2012
Lindemann Thomas, Sauver la face, sauver la paix, sociologie constructiviste des crises internationales, Paris, L’Harmattan, 2010. Collection Chaos International
Wendt Alexander, Social Theory of International Politics, Cambridge University Press, 1999

PAC 27 – عقدة الحصار عند كوريا الشمالية بعد غرق سفينة كوريا الجنوبية تشيونان , في 26 مارس 2010 .

Daniel Bourmaud مقال: دنيال بورمو

ترجمة: بن براح مصطMoustafa Benberrah

Passage au crible n°27

Pixabay

عرف التوتر الملاحظ في شبه الجزيرة الكورية مند بداية سنة 2010 تصاعدا مفاجئا بعد غرق إحدى سفن كوريا الجنوبية، و الذ ي خلف 46 قتيلا في 26 من مارس 2010 . في هذه الأوضاع اتهمت سيول بيونج يانج بإغراقها عمدا سفينتها تشيونان. ردت كوريا الشمالية على العقوبات الاقتصادية والتجارية التي أشار إليها رئيس كوريا الجنوبية، بقطع جميع العلاقات مع جارتها الجنوبية، و بإجراء مناورات عسكرية جديدة وتعزيز ترسانتها النووية منذ نهاية يونيو.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

هذا التوتر جزء من قصة طويلة دامت أكثر من نصف قرن، و قد كرست رسميا الحرب الكورية الانقسام بين المنطقتين عبر خط عرض 38 درجة. بعد ثلاث سنوات من القتال بين 1950 و1953 -وهي الأكثر دموية في القرن العشرين ,باستثناء الحربين العالميتين- انتهى الصراع بتوقيع هدنة بان مون جون عوض معاهدة سلام.
بعدما اتسمت العلاقات بين الكوريتين بالاستقرار إلى حد كبير خلال فترة الحرب الباردة، دخلت هذه العلاقات مرحلة جديدة مع انضمامها لمنظمة لأمم المتحدة في عام 1991 وإبرام اتفاق عدم اعتداء. ثم افتتاح عصر المصالحة , سياسة الشمس المشرقة – والتي تجسدت في إنشاء مكاتب الاتصال ، مساعدات اقتصادية من الجنوب لصالح الشمال، اجتماعات بين العائلات المشتتة – حيث يبقى الشعار هو افتتاح منطقة اقتصادية خاصة في كايسونج. ومع ذلك، فقد عزز قرار الرئيس بوش، في عام 2002 إدراج كوريا الشمالية في محور الشر شعورها بالحصار. قبولها التعددية في إطار مجموعة الستة – الولايات المتحدة والصين والكوريتين واليابان وروسيا- واستخدام التهديد النووي والذي تجسد في الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، تحول فيما بعد إلى سياسة أكثر انعزالية.

الإطار النظري

إن النظرية البنائية خصوصا مناسبة من اجل فهم التحولات السياسية و الاجتماعية للإنجاز ، لأنه وفقا لالكسندر فانت، هوية الفاعلين تمثل متغير تفسيري قوي . كما ان المقاربة النفسية للسياسة تسمح بفهم أفضل لكيفية تركيب النزاع و توضيح اعتبارات الأطراف الفاعلة لمصالحها الخاصة.
ويمكن فهم تعقيد هذه العملية من خلال تشكيلتين. أولا، عدم تقدير الذات قد يعتبر كإذلال مما يستوجب التخلص منه عن طريق عملية مضادة. لكن الطرف الفاعل كما يكتب فيليب بو ” قد يستغل بعض الضرر بكرامته” لتولي دور الضحية و” ليسمح لنفسه باتخاذ إجراءات حربية للدفاع عن النفس”.

تحليل

بيونج يانج يجسد الشرير في توزيع للأدوار طبقا لأفلام الوسترن. في الواقع ،إن الدول الغربية ترى في كوريا الشمالية قمة النفاق. كما أن تكتيكات التأخير و ربح الوقت لها تأثير أكثر، خاصة منذ أن طالب هذا البلد صراحة بالحق في الحصول على السلاح النووي. لكن هذا التوجه يحجب الرؤية عن نظرة كوريا الشمالية لذاتها ، وكيف تتصور علاقتها مع الآخرين.
هوية مهددة ومصابة. إن اعتزازها بهويتها متجذر في التاريخ القديم و المجيد لدولة كوكوريو (277قبل الميلاد إلى 676 ميلادي) ، والتي امتدت إلى الصين ، وقد كانت بيونج يانج عاصمتها. حتى اليوم ، تطالب بإرث تلك الدولة الذي وحدت كوريا ما بين القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر. مصدر فخر واعتزاز ، كان هذا التاريخ المجيد مهددا مرارا وتكرارا ، سواء كان ذلك في القرن التاسع عشر من طرف الدول الغربية ، والاحتلال الياباني 1905-1945،أو حتى الهيمنة الأمبريالية للولايات المتحدة خلال الحرب الكورية.
إن وصف هذا البلد بآخر دولة ستالينية في العالم يعزز شعوره بالحصار . إن الاحتياطات بالنسبة لكوريا الشمالية لا تطبق ، ولكن غيابها يؤدي إلى نتائج عكسية. باعتبارها دولة مارقة ، الولايات المتحدة يستخدمون فئات معنوية مما يلحق اهانة جارحة كوجودها العسكري في كوريا الجنوبية. و من ثم، فإن مطالبة بيونج يانج بمحوها من هذه القائمة ،التي تعتبرها مخزية ، لا تهدف فقط للتهرب من العقوبات المختلفة ، ولكن أيضا لاستعادة الكبرياء المنتهك.
هوية مستغلة كأداة. إن التمثل كضحية يعطي لقيادة كورية الشمالية أداة قوية للحشد والتدعيم. في هذه الحالة، استخدام العنف الجسدي يمثل ردا على العنف الرمزي الذي يعتبرون أنفسهم ضحاياه.
هذا التحليل يبتعد بالتأكيد عن المناهج الأكثر شيوعا. يمكن النظر إليه كاستفزاز، لأن النظام في كوريا الشمالية يبدو أنه يجمع بين خصائص نظام خطير مع طابع ديكتاتوري و تنظيم للإكراه. و مع ذلك، فإن بعد الهوية تبقى في نهاية المطاف بعدا حاسما. هذا يساعد على فهم تفسير اندريه لانكوف – أحد أفضل الخبراء المطلعين على المسألة الكورية – الذي يدعو عوضا عن العقوبات ، وهذا يعني القوة ، إلى عمل مطول لإقناع الرأي العام في كوريا الشمالية.

المراجع

Braud Philippe, L’Émotion en politique, Paris, Presses de Sciences Po, 1996
Braud Philippe, « La Violence symbolique dans les relations internationales », Association Française de Science Politique, Congrès de Toulouse, Table ronde 6, 2007
Lankov Andrei, “Changing North Korea, An information Campaign can Beat the Regime”, Foreign Affairs, 88 (6), Nov.-Dec. 2009, pp. 95-105
Lindemann Thomas, Sauver la face, sauver la paix. Sociologie constructiviste des crises internationales, Paris, L’Harmattan, 2010. Coll. Chaos International
Wendt Alexander, Social Theory of International Politics, Cambridge, Cambridge University Press, 1999