> المنشورات > Passage au crible (arabe) > PAC 82 – الفوضى العالمية في قطاع الهواتف المحمولة

PAC 82 – الفوضى العالمية في قطاع الهواتف المحمولة حرب براءات الإختراع بين مصنعي الهواتف الذكية

مقال: جوستين شيو Justin Chiu

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°82

Pixabay

أصدرت المفوضية الأوروبية في 21 ديسمبر 2012 إنذارا لشركة سامسونج لإنتقادها نظرا لمركزها المهيمن في السوق الأوروبية بسبب الاستخدام المفرط لبراءات الاختراع. في الواقع، تتواصل الدعوات القضائية لانتهاك براءات الاختراع بين أبل وسامسونج في اليابان وكوريا الجنوبية وعدة دول غربية. يجب أن لا ننسى أنه في الولايات المتحدة على سبيل المثال، أجبرت المجموعة الكورية في أوت 2012 على دفع غرامة قياسية لأبل بقيمة مليار دولار.
أصبحت اللجنة عن طريق هذا الموقف أول مؤسسة عبر وطنية تتدخل في محاولة لتخفيف حدة التوتر بين عملاقي الالكترونيات. ومع ذلك، يجدر بنا التساؤل عن سبب اعتماد مصنعي الهواتف الذكية لبراءات اختراع منافسيها رغم ادراكها لخطر المتاعب القانونية التي تنتج عن ذلك.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

يجسد تطور سوق الهواتف النقالة التقدم التقني منذ إطلاق موتورولاDynaTAC 8000، أول هاتف محمول تم تسويقه في الولايات المتحدة سنة 1983. ولكننا انتظرنا وصول النظام العالمي للاتصالات المتنقلة GSM ( أو الجيل الثاني للمعيار الرقمي 2G) في منتصف التسعينيات لإزدهار هذا السوق. تطور مع هذه التكنولوجيا المتقدمة نقل البيانات من البث التناظري الى الرقمي، كما تم تقليص تكلفة الاتصالات إلى حد كبير. منذ ذلك الوقت، يتميز قطاع الاتصالات بطابعه المالي. بعد فوضوية هذا القطاع على المستوى العالمي، تعددت عمليات الاندماج والاستحواذ -خاصة في البلدان النامية- بعد أن تحول المشغلون الرئيسيون إلى شركات خاصة.
مع ظهور معيار الجيل الثالث G3 في منتصف سنة 2000، دخلت صناعة الاتصالات مرحلة تحول، حيث سمح معدل البث العالي بادماج الخدمات الجديدة – استخدام المحتويات والتطبيقات السمعية البصرية- في الهاتف النقال. أدى هذا الوضع إلى ظهور نظام اقتصادي جديد يتميز بتفاعل ثلاث صناعات: الهواتف النقالة، الالكترونيات والبرمجيات. ومع ذلك، يخسر اليوم شركات الاتصالات الذين كانوا يسيطرون على معظم الفوائد أرباحها لصالح الشركات المصنعة للهواتف الذكية، والتي تعتمد على مواردها التقنية المتطورة لربط أفضل بين هذه الصناعات الثلاث.
تجدر الإشارة إلى أن السوق العالمية للهواتف الذكية في تطور مستمر، حيث شهد نموا بنسبة 40٪ في الثلاثي الثاني من عام 2012 مقارنة مع 2011 مع بيع 153.9 مليون وحدة. سيطر كل من سامسونج وأبل على ما يقرب من نصف السوق. تملك شركة سامسونج الناشطة في صناعة الاتصالات منذ سنوات عديدة عددا كبيرا من براءات الاختراع الخاصة بمعايير أساسية لمعيار الجيل الثالث 3G التي لا يمكن أن يستغني عنها المصنعون الآخرون. أما بالنسبة لأبل، فترتبط براءات اختراعها بواجهات التحكم والتصميم التي ألهمت أغلب مبدعي الهواتف الذكية. رغم تبادل تقنيات الهاتف الذكي بين الشركات المصنعة، إلا أنها تخوض حربا تجارية شرسة من أجل إيجاد سبل جديدة لزيادة مبيعاتها. يمثل اعتماد المحكمة لوقف مبيعات المنافسين استراتيجية نهائية. منذ الشكوى الأولى لنوكيا ضد أبل في اكتوبر 2009، تميز المنازعات المتعلقة بالبراءات التي تجمع مصممي الهواتف الذكية الأنباء العالمية.

الإطار النظري

.1 فوضوية قطاع الاتصالات. يدل تضاعف و تدويل القضايا بين منتجي الهواتف الذكية والحاسبات اللوحية على غياب إدارة عالمية للاتصالات. في الواقع، تبدو الأنظمة المعمول بها في الاتحاد الدولي للاتصالات، والتي وضعت المبادئ العامة في هذا المجال اليوم غير مناسبة تماما. في الواقع، لم يتم مراجعة هذه المعاهدة حتى المؤتمر العالمي للاتصالات الدولية، الذي عقد في ديسمبر عام 2012. أبرز اتفاق منظمة التجارة العالمية بشأن الاتصالات الذي وقع في عام 1997 فوضوية خدمات الاتصالات، ولكن تنظيم هذا القطاع يصعب لأنه كان تحت سيطرة الدول. ومع ذلك، تبقى اللوائح التنظيمية وطنية والقرارات القانونية مجزأة في ظل غياب سلطة قادرة على حل النزاعات على نطاق عالمي.
.2 انتشار عبر وطني للتقنيات. إذا كانت القواعد والمعايير في مجال الاتصالات تبدو اليوم متحدة في جميع أنحاء العالم، فيرجع ذلك إلى تزود الشركات في سوق عالمية منذ ثلاثة عقود. تمكن هذه العملية من التشغيل البيني لخدمات الهاتف الجوال، خاصة لأن الاتصالات الدولية تمثل حاجة ماسة لكل من الشركات والأفراد. تحتل الشركات المصنعة للهواتف الذكية قلب الصناعات الإبداعية و يمثل الهاتف الذكي منتجا مصمما للسوق العالمية. نظرا لتراكم و تبادل التقدمات التقنية، تضطر هذه الشركات لخلق منتجات أفضل من الناحية التفنية باستمرار. وفقا لهذا المنطق، يبدو الاستخدام –حتى الغير قانوني– لبراءات اختراع مصرح بها ضروريا وإلزاميا.

تحليل

وفقا لمارسيل موسMarcel Mauss ، تشكل التكنولوجيا – الإختصاص الذي يدرس التقنيات- جزءا لا يتجزأ من علم الاجتماع. وبعبارة أخرى، إن معالجة موضوع صناعة الهاتف الذكي في سياق العلاقات الدولية لا تهدف لإحصاء الأداء الاقتصادي وتقدم الابتكار التي وصلت إليه هذه الشركات. ومع ذلك، فمن المهم أن نفهم كيف تؤثر التغيرات السريعة والمكثفة للقطاع على مجتمعنا بعمق. في الواقع، فإن الهاتف الذكي ليس مجرد أداة للاتصال. يمثل في المقام الأول رمزا للنجاح الاجتماعي، كما يتضح من نجاح أول أجهزة بلاك بيري Blackberry التي امتلكها رجال الأعمال. ولكن أسلوب حياة الطبقة العليا سينتشر عاجلا أم آجلا بين شرائح المجتمع الأخرى، كما يساهم انخفاض أسعار المنتجات الالكترونيات الاستهلاكية في تعميم الهاتف الذكي. وبالإضافة إلى ذلك، تعمل الشبكات الاجتماعية والتطبيقات على صياغة طلب جديد لأن المستخدمين ا بحاجة اليوم إلى الترابط باستمرار مع العالم الخارجي.
تتميز السوق العالمية للهواتف الذكية باحتكار عدد قليل من الشركات عبر الوطنية. هذا راجع لصعوبة دخولها دون عدد كبير من براءات الاختراع والموارد القانونية. تنظم المنافسة من خلال نشر نتائج المبيعات الفصلية على شكل حصص السوق. بما أن السوق العالمية في توسع مستمر، يجبر الأطراف على دخول أسواق جديدة لتفادي تراجع مكاسبها وانخفاض قيمها السوقية بسرعة. كما تجدر الإشارة إلى أن معدل حياة منتجات تكنولوجيا المعلومات في انخفاض مستمر، في حين أن تكلفة الاستثمار في البحث والتطوير في ازدياد. لذلك تعاني للشركات التي تشهد صعوبات في للخروج من هذه الحلقة المفرغة في حين تستفيد الشركات المهيمنة لتعزيز مبيعاتها. ولهذا السبب، فإن المفوضية الأوروبية تذكر سامسونج بضرورة التنازل عن بعض ترخيصات براءات الاختراع التي تعتبر معايير أساسية للصناعة. ولكن براءات الاختراع التي تشهد صراع شركة آبل وسامسونج لا تؤثر على وظائف الأجهزة. هذا ما يفسر لماذا تجد سامسونج نفسها في كثير من الأحيان أمام المحاكم.
إذا كانت هجمات مصنعي الهواتف الذكية القضائية لا تزال شديدة، تجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعات تتفاوض باستمرار خارج المحاكم. في نوفمبر 2012، تفاجأ الجميع على سبيل المثال باتفاق بين أبل و أش تي سي HTC أدى إلى وضع حد للإجراءات القانونية المفتوحة منذ مارس 2010 وترخيص لمدة عشر سنوات يمكنهما من تشارك براءات الاختراع الحالية والمستقبلية. في الواقع، لم تبقى الشركة التايوانية المتأثرة بالمحاكمات هدفا لأبل. بعد أن كانت أش تي سي شريكا لغوغل ومايكروسوفت لفترة طويلة، تمثل هذه الشركة اليوم حليفا ظرفيا لأبل.
من الواضح أن حرب براءات الاختراع بين سامسونج و أبل سوف تستمر ما دامت هذه الشركات تهيمن على السوق. ومن جهة أخرى، لا يكمن التحدي الحقيقي في براءات الاختراع بل في الاستراتيجيات التجارية للشركات المصنعة للهواتف الذكية وفي غياب تحكيم على مستوى العالمي.

المراجع

Commission européenne, « Abus de position dominante: la Commission adresse une communication des griefs à Samsung pour utilisation abusive possible de brevets essentiels liés à une norme de téléphonie mobile », Communiqué de presse, 21 déc. 2012, à l’adresse web : http://europa.eu/rapid/press-release_IP-12-1448_fr.htm, 28 déc. 2012
Elias Norbert, La Dynamique de l’Occident, trad., Paris, 1975
Le Monde, « Samsung condamné à verser plus d’un milliard de dollars à Apple », 25 août 2012, à l’adresse web: http://www.lemonde.fr/technologies/article/2012/08/25/guerre-des-brevets-apple-remporte-une-victoire-ecrasante-contre-samsung_175 0814_651865.html, 28 déc. 2012
Mauss Marcel, Techniques, technologies et civilisation, Paris, PUF, 2012
Musso Pierre, Les Télécommunications, Paris, La Découverte, 2008. Coll. Repères
Roseau James N., Sign J. P. (Ed.), Informations Technologies and Global Politics, The Changing Scope of Power and Governance, Albany, State University of New York Press, 2002
Strange Susan, The Retreat of the State. The Diffusion of Power in the World Economy, Cambridge, Cambridge University Press, 1996