> المنشورات > Passage au crible (arabe) > PAC 81 – العولمة الأمريكية لشبكة الإنترنت

PAC 81 – العولمة الأمريكية لشبكة الإنترنت فشل قمة دبي العالمية للإتصالات

مقال: ألكندر بوهاسAlexandre Bohas

ترجمة: مصطفى بن براح Benberrah Moustafa

Passage au crible n°81

Pixabay

انتهى مؤتمر الاتحاد الدولي للاتصالات في ديسمبر 2012 على خلاف بين الدول الأعضاء حول نوع تنظيم شبكة الانترنت. لكن غياب التوافق هذا حاسم بالنسبة لمستقبل القطاع، كما يكشف عن الخلافات بين القوى ووجهات النظر العالمية.

نبذة تاريخية
الإطار النظري
تحليل
المراجع

نبذة تاريخية

منذ أواخر القرن التاسع عشر، ينظم الاتحاد الدولي للاتصالات تبادل البرقيات، الاتصالات الهاتفية والبث الإذاعي، ولا سيما من خلال تخصيص ترددات الراديو. كما يعتبر منذ وضعه تحت سيطرة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية متخصصا وتقنيا في هذا المجال. ومع ذلك، انتقد أنصار النظام العالمي الجديد للمعلومات والاتصالات هذه المنظمة مركزين على الأبعاد السياسية.
على الرغم من تطور شبكة الإنترنت خارج نطاق المنظمة إلا أنها تنتمي إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. تدار الشبكة من قبل منظمة غير ربحية مقرها في ولاية كاليفورنيا،الآيكان ICANN (هيئة الإنترنت للأسماء والأرقام المخصصة). تهتم هذه المؤسسة من جهة بنظام أسماء النطاقات، ومن جهة أخرى بتنسيق الإجراءات لصالح الاستقرار والأمن والوحدة داخل هذا الفضاء الافتراضي. كما تمنحه مهامه نفوذا كبيرة مع إدخال الشبكة في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لهذا هو السبب، أراد كل من الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية دمج المنظمة في الاتحاد الدولي للاتصالات على الرغم من معارضة الدول الغربية. أكدت هذه الدول لتبرير موقفها على”حق كل حكومة في إدارة الرموز والعناوين والأسماء والهويات الرقمية “1. بعد التصويت على هذا الاقتراح من قبل غالبية الدول، رفضت 55 دولة بقيادة الولايات المتحدة توقيع أي معاهدة تنص على توسيع السلطات التي تهدد، وفقا لها، نموذج الإدارة ووحدة الانترنت.

الإطار النظري

.1 النظام الدولي “ككتلة تاريخية”. تبعا للمنظور الكلاني لغرامشي Gramsci، يتميز المجال العالمي بسيادة تحالفات الهيمنة التي تعتمد على هيئات اقتصادية واجتماعية ومؤسسية وإيديولوجية (روبرت كوكسRobert Cox وستيفن جيل Stephen Gill ). تشكل بذلك الدول هياكل فوقية غير متجانسة من الصراعات، في حين تكوٌن جماعات المصالح والمنظمات عبر الوطنية الهيكل العام. يمكن هذا النموذج من تحديد تغييرات النظام دون التركيز على دور الدول.
.2 الإدارة العالمية في خدمة التفوق الأميركي. تعزز العولمة تطوير “العمليات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي من خلالها يتم إنشاء القواعد واحترامها، والحصول على الفوائد من خلال السعي لتحقيق الأهداف الجماعية”2. تكسب الجهات الفاعلة غير الحكومية الاعتراف الكامل على حساب الحكومات التي تفقد مركزها المميز. تساهم بالتالي هذه الأنواع من التنظيمات السياسية الهجينة في تكوين توازن جديد للقوى مع تعزيز تركيب دولي مؤيد للولايات المتحدة.

تحليل

تسلط الخلافات حول الإنترنت الضوء على الاضطرابات الناجمة عن هذه الوسيلة في البلدان النامية. باعتباره منتوج التكنولوجيا والاكتشافات الغربية، ينطوي استخدامه على قيم مثل حرية التعبير والمساواة بين المستخدمين والترابط والتضامن عبر الوطني. وبالإضافة إلى ذلك، يعكس مضمونه المتوفر في جميع أنحاء العالم إيديولوجيات ، تمثيلات محددة وطرق معيشة. في هذا الصدد، تنتقل أبعادها الاجتماعية والثقافية في جميع أنحاء العالم. هذا ما يبرر الشكوك وحتى معارضة النخب الحاكمة التي تتناقض مع الأفكار المتداولة على شبكة الإنترنت التي تمس بأسس سلطتها من خلال ضرب شرعيتها ومضاعفة وسائل نشاط الأفراد الموهوبين skilled individuals. يؤكد جيمس روزناو James Rosenau عن طريق هذا المفهوم على زيادة قدرات وموارد الأفراد على الساحة العالمية.
علاوة على ذلك، تعكس معارضة بناء فضاء رقمي رد فعل الدول لمكافحة انتشار أطر التنظيم عبر الوطنية أين تتفوق الجهات الفاعلة والعمليات غير الحكومية. تعزز هذه الأطر ضمنيا المجتمعات المدنية مقارنة بالمنظمات الدولية. على سبيل المثال، يتكون مجلس الآيكان من 16 عضوا يمثلون عالم الكمبيوتر، والمجتمعات الإقليمية من المستخدمين، وشركات التجارة الإلكترونية، لا سيما من خلال منظمة دعم الأسماء العامة Generic Names Supporting Organization واللجنة الاستشارية الموسعة At-Large Advisory Committee ، في الوقت الذي لا يتعدى دور الدول الصفة الاستشارية في نطاق اللجنة الحكومية الاستشارية Governement Advisory Committee. تتجاوز بذلك هذه المنظمة الدول بتكوينها لصلات مباشرة مع أعضاء المجتمع المدني – الأخصائيين الفنيين والنشطاء والمستخدمين والعملاء الإقتصاديين – من خلال عقد اجتماعات منتظمة والمشاركة في هيئات الترشيح والقرار الخاصة بها.
تبقى هياكل الدولة الاستبدادية ضعيفة هيكليا في إطار هذه التكوينات بسبب القيود التي تفرضها على مجموعاتها الاجتماعية. في هذا النطاق، يعزز الحكم العالمي التفوق الأميركي الذي يتميز بدينامكية وتنوع مجتمعها أمام ظهور دول تعتمد على قادة أقوياْء، نمو سريع وصناديق الثروة السيادية مما يساهم مؤسسيا في “الكتلة التاريخية” الأمريكية. بانتقادها لاتفاق دبي، تدافع الولايات المتحدة عن المصالح الاقتصادية للغرب التي تحتل فيها تكنولوجيات المعلومات والاتصالات مركزا أساسيا. وبالإضافة إلى ذلك، تعزز حرية استعمال الإنترنت المزايا التنافسية لشركاتها الكبرى التي تتميز بالتطور الكامل. وأخيرا، بالدفاع عن شبكة الإنترنت، فإنها تضمن تعاطف الرأي العام الغربي ونشطاء الحريات، إضافة إلى المستخدمين الصامتين في البلدان النامية. تحصل الولايات المتحدة بذلك على دعم ضمني لهيمنتها، مما يساهم في توسيع نطاق نظامها الدولي.
تقودنا هذه الدراسة إلى ربط تطور المؤسسات الدولية بهيكلة النظام العالمي. لا يمكننا إلا المنظور المنهجي من تحديد هذه الروابط، مما يسهل تسييس هذه التحولات الحكومية المعروفة بصبغتها الوظيفية.

المراجع

Cox Robert W., Sinclair Timothy J., Approaches to World Order, Cambridge, Cambridge University Press, 1996
Garber Megan, « How the UN’s ‘Game-Changing’ Internet Treaty Failed », Atlantic online, 14 Dec. 2012
Gill Stephen, Gramsci, Historical Materialism and International Relations, Cambridge, Cambridge University Press, 1993
« Global Internet Diplomacy », The New York Times, 14 Dec. 2012
IUT, Final Acts. Conference on International Telecommunications, 3-14 Dec. 2012, disponible à la page web : www.itu.int/en/wcit-12
ICANN, Nominative Committee. Final Report, 2012, disponible à la page: http://nomcom.icann.org
Kelley Lee, Global Telecommunications Regulation: A Political Economy Perspective, London, Pinter, 1996
Koppell Jonathan, « Internet Corporation for Assigned Names and Numbers », in: Held David, Hale Thomas, The Handbook of Transnational Governance : Institutions and Innovations, Cambridge, Polity Press, 2011, pp. 176-182
Rosenau James N., Turbulence in World Politics: a Theory of Change and Continuity, Princeton, Princeton University Press, 1990
« UN Telecom Treaty Approved Against U.S. Web-Censorship Concerns », The Washington Post, 13 Dec. 2012

1. Garber Megan, « How the UN’s ‘Game-Changing’ Internet Treaty Failed », Atlantic online, 14 Dec. 2012
2. David Held, Thomas Hale, The Handbook of Transnational Governance: Institutions and Innovations, Cambridge, Polity Press, 2011, p. 12